الْأَغْلَبُ فِيهَا اسْتِعْمَالَهَا فِي الْمَنْدُوبِ تَارَةً وَالْوُجُوبِ أُخْرَى، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلْجَوَازِ أَوْ التَّرْجِيحِ وَلَا يَنْبَغِي قَدْ تَكُونُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ (أَنْ لَا يُخَلِّيَ الْكِتَابَ) الْمَذْكُورَ وَهُوَ الْمُخْتَصَرُ وَمَا ضُمَّ إلَيْهِ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي ظَهْرِ خُطْبَتِهِ بِخُطَّةِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ كَالْمَنْهَجِ وَالنَّهْجِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ مِنْ نَهَجَ كَذَا أَوْضَحَهُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى سَلَكَ فَقَطْ (مِنْهَا) لِنَفَاسَتِهَا وَوَصْفِهَا بِالنَّفَاسَةِ، وَالضَّمُّ أَفَادَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ لَكِنْ أَعَادَهُمَا هُنَا بِزِيَادَةٍ يَنْبَغِي وَمَعْمُولُهُ إظْهَارُ السَّبَبِ زِيَادَتُهَا مَعَ خُلُوِّهَا عَنْ التَّنْكِيتِ بِخِلَافِ سَابِقِهَا
(وَأَقُولُ) غَالِبًا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةَ مَسْأَلَةٍ بِرَأْسِهَا وَسَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي إلْحَاقِ قَيْدٍ إلَخْ أَنَّ لَهُ زِيَادَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ وَمِنْ الِاسْتِقْرَاءِ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي اسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ عَلَيْهِ (فِي أَوَّلِهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ قِيلَ مُطْلَقًا.
وَقِيلَ لِلْإِعْلَامِ بِخَتْمِ الدَّرْسِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ بَلْ فِيهِ غَايَةُ التَّفْوِيضِ الْمَطْلُوبِ بَلْ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْعِلْمِ فِي قِصَّةِ مُوسَى مَعَ الْخَضِرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهِ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى أَيْ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ النَّاسِ فَقَالَ أَنَا إذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إلَيْهِ إذْ رَدُّهُ إلَيْهِ صَادِقٌ بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ بَلْ الْقُرْآنُ دَالٌّ لَهُ وَهُوَ {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَأَبْرَدُهَا عَلَى كَبِدِي إذَا سُئِلْت عَمَّا لَا أَعْلَمُ أَنْ أَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَنْ سُورَةِ النَّصْرِ فَقَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ فَغَضِبَ وَقَالَ قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَالَهُ مَرَّةً قَدْ تَيَقَّنَّا إنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ
لِتَعَيُّنِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ فِيمَنْ جَعَلَ الْجَوَابَ بِهِ ذَرِيعَةً إلَى عَدَمِ إخْبَارِهِ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلَمُ وَنَحْوِهِمَا مَا يُصَرِّحُ بِحُسْنِ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَعَلَيْك بِهِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِمَنْ سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَمُنِعَ نَحْوُ مَا أَحْلَمَ اللَّهَ نَظَرًا لِتَقْدِيرِ النُّحَاةِ فِي التَّعَجُّبِ شَيْءٌ صَيَّرَهُ كَذَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِيهِ غَايَةَ الْإِجْلَالِ وَبِنَحْوِ {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} [الكهف: 26] أَيْ مَا أَبْصَرَهُ وَأَسْمَعَهُ.
كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ يَنْبَغِي هُنَا بِمَعْنَى يَلِيقُ وَيَحْسُنُ وَيَتَأَكَّدُ سم عَلَى حَجّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ أَيْ يُطْلَبُ فِي الْعُرْفِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ اسْتِعْمَالُهَا) أَيْ لَفْظَةُ يَنْبَغِي (قَوْلُهُ فِي الْمَنْدُوبِ تَارَةً وَالْوُجُوبِ أُخْرَى) ، وَتُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقَرِينَةِ نِهَايَةٌ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةً وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ إنْ كَانَ التَّرَدُّدُ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَإِلَّا فَعَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَاللِّيَاقَةِ وَمَعْنَاهَا هُنَا كَمَا قَالَ عَمِيرَةُ إنَّهُ يُطْلَبُ وَيَحْسُنُ شَرْعًا تَرْكُ خُلُوِّ الْكِتَابِ مِنْهَا ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنْ يُخَلِّيَ) لَعَلَّهُ مِنْ الْإِخْلَاءِ (قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ (قَوْلُهُ أَفَادَهُ) أَيْ الْوَصْفُ بِهِمَا (قَوْلُهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ مَا أَضُمُّهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُسْتَجَادَاتِ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَعَادَهُمَا) أَيْ الْوَصْفَيْنِ، وَكَانَ الْأَوْفَقُ لِمَا قَبْلَهُ الْإِفْرَادَ (قَوْلُهُ لِسَبَبِ زِيَادَتِهَا) أَيْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ مَعَ خَلَّوْهَا أَيْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَابِقِهَا) أَيْ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَنْكِيتَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي زِيَادَةِ فُرُوعٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفُرُوعِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى اسْتِيعَابِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ حَتَّى يُنَكِّتَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ كَذَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهَا بِخِلَافِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْقُيُودِ وَاسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ فَإِنَّ التَّنْكِيتَ يَتَوَجَّهُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ أَوْ مَشَى عَلَى خِلَافِ الْمُصَحَّحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَقُولُ فِي أَوَّلِهَا إلَخْ) أَيْ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ مَسَائِلِ الْمُحَرَّرِ مَحَلِّيٌّ أَيْ مَعَ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِغَالِبًا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ) أَيْ مَا يَأْتِي مِنْ قُلْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ فِي اسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ إلَخْ أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَزَادَةِ كَقَوْلِهِ قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ضَبَّةِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي أَوَّلِهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ مَعْنَاهُمَا الْعُرْفِيُّ فَيَصْدُقُ بِمَا اتَّصَلَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ لَا إيهَامَ) أَيْ لِمُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ مَا يَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِطَلَبِ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ إذْ رَدَّهُ إلَخْ) فِي كَوْنِ هَذَا الْقَدْرِ كَافِيًا فِي الِاسْتِدْلَالِ تَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّهُ أَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ وَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا (قَوْلُهُ وَأَبْرَدُهَا) أَيْ الْكَلِمَاتِ أَوْ الْأَجْوِبَةِ أَوْ الْأَقْوَالِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَنْ أَقُولَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ عَنْ سُورَةِ النَّصْرِ) أَيْ عَنْ الْمُرَادِ بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ فِيهَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ قَالَ) أَيْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَقَوْلُهُ لِمَنْ قَالَهُ) أَيْ خِطَابًا لِمَنْ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَوْلُهُ مَرَّةً) يَظْهَرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِقَالَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ قَدْ تَتَبَّعْنَا إلَخْ) مَقُولُ عُمَرَ.
قَالَ سم قَدْ ضَبَّبَ الشَّارِحُ بَيْنَ قَدْ تَيَقَّنَّا وَبَيْنَ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ عَلَى تَقْدِيرِ لَامٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِتَيَقَّنَّا، وَقَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ إلَخْ مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ حَمْلِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ، وَالضَّمِيرُ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ إلَخْ) أَوْ عَنْ حَالِ نَفْسِهِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ جَهْلٍ مَا سُئِلَ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ) أَيْ حَسَنٌ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ لَا رَدَّ قَوْلَ ذَلِكَ الْبَعْضِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي نَحْوِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَرْدُودٌ وَهُوَ كَلَامٌ اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَقْدِيرِ النُّحَاةِ فِي التَّعَجُّبِ إلَخْ) يَعْنِي لِتَفْسِيرِ النُّحَاةِ صِيغَةَ التَّعَجُّبِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِنَحْوِ قُلْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى بِأَنَّ فِيهِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ مَأْخُوذًا مِنْ الْآيَةِ فَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا هُوَ فِي إطْلَاقِ خُصُوصِ الصِّيغَةِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْمُفَسِّرِ فَلَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَعَ أَنَّ إرَادَتَهُ بَعِيدَةٌ مِنْ السِّيَاقِ، وَقَدْ يَخْتَارُ الثَّانِيَ وَيَمْنَعُ قَوْلَهُ فَلَا يَصْلُحُ إلَخْ بِاتِّفَاقِ الصَّرْفِيِّينَ عَلَى أَنَّ صِيغَتَيْ التَّعَجُّبِ مَا أَفْعَلَهُ وَأَفْعِلْ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ إلَخْ) أَيْ هَذَا التَّفْسِيرُ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِ قَتَادَةَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَالَهُ أَيْ فَسَّرَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا بِمَعْنَى يَلِيقُ وَيَحْسُنُ وَيَتَأَكَّدُ
(قَوْلُهُ قَدْ تَيَقَّنَّا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنَّ اللَّهَ