ثُمَّ لِبَغْدَادَ وَلُقِّبَ نَاصِرَ السُّنَّةِ لَمَّا نَاظَرَ أَكَابِرَهَا وَظَفِرَ عَلَيْهِمْ كَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ إذْ ذَاكَ مَيِّتًا ثُمَّ بَعْدَ عَامَيْنِ رَجَعَ لِمَكَّةَ ثُمَّ لِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ لَمِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا كَهْفًا لِأَهْلِهَا إلَى أَنْ تَقَطَّبَ.

وَمِنْ الْخَوَارِقِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ نَظِيرُهَا لِمُجْتَهِدٍ غَيْرِهِ اسْتِنْبَاطُهُ وَتَحْرِيرُهُ لِمَذْهَبِهِ الْجَدِيدِ عَلَى سَعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ فِي نَحْوِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ بِهَا، وَأُرِيدَ بَعْدَ أَزْمِنَةٍ نَقْلُهُ مِنْهَا لِبَغْدَادَ فَظَهَرَ مِنْ قَبْرِهِ لَمَّا فُتِحَ رَوَائِحُ طَيِّبَةٌ عَطَّلَتْ الْحَاضِرِينَ عَنْ إحْسَاسِهِمْ فَتَرَكُوهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصَانِيفَ فِي تَرْجَمَتِهِ حَتَّى بَلَغَتْ نَحْوَ أَرْبَعِينَ مُصَنَّفًا ذُكِرَتْ خُلَاصَتُهَا فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَلْيُتَنَبَّهْ لِكَثِيرٍ مِمَّا فِي رِحْلَتِهِ لِلرَّازِيِّ كَالْبَيْهَقِيِّ فَإِنَّ فِيهَا مَوْضُوعَاتٍ كَثِيرَةً (وَيَكُونُ هُنَاكَ وَجْهٌ) مُقَابِلٌ لَهُ (ضَعِيفٌ) لَا يُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ فِي مُدْرِكِهِ قُوَّةٌ بِالِاعْتِبَارِ السَّابِقِ (أَوْ قَوْلٌ) لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُخَرَّجَ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَفِيهِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ لَرُبَّمَا أَبْدَى فَارِقًا إلَّا مُقَيَّدًا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (مُخَرَّجٌ) مِنْ نَصِّهِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى حُكْمٍ مُخَالِفٍ بِأَنْ يَنْقُلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ نَصَّ كُلٍّ إلَى الْأُخْرَى فَيَجْتَمِعُ فِي كُلٍّ مَنْصُوصٌ وَمُخَرَّجٌ، ثُمَّ الرَّاجِحُ إمَّا الْمُخَرَّجُ وَإِمَّا الْمَنْصُوصُ وَإِمَّا تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ وَمِنْهُ النَّصُّ فِي مُضْغَةٍ قَالَ الْقَوَابِلُ لَوْ بَقِيَتْ لَتُصُوِّرَتْ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا؛ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَقَدْ وُجِدَ وَعَدَمُ حُصُولِ أُمَيَّةِ الْوَلَدِ بِهَا؛ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى وُجُودِ اسْمِ الْوَلَدِ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَحَيْثُ أَقُولُ الْجَدِيدُ) وَهُوَ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمِصْرَ وَمِنْهُ الْمُخْتَصَرُ وَالْبُوَيْطِيُّ وَالْأُمُّ خِلَافًا لِمَنْ شَذَّ.

وَقِيلَ مَا قَالَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَغْدَادَ إلَى مِصْرَ (فَالْقَدِيمُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQسِنِينَ وَالْمُوَطَّأَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ وَتَفَقَّهَ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ مُفْتِي مَكَّةَ الْمَعْرُوفِ بِالزِّنْجِيِّ لِشِدَّةِ شُقْرَتِهِ مِنْ بَابِ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ، وَأُذِنَ لَهُ فِي الْإِفْتَاءِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَعَ أَنَّهُ نَشَأَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أُمِّهِ فِي قِلَّةٍ مِنْ الْعَيْشِ وَضِيقِ حَالٍ، وَكَانَ فِي صِبَاهُ يُجَالِسُ الْعُلَمَاءَ، وَيَكْتُبُ مَا يَسْتَفِيدُهُ فِي الْعِظَامِ وَنَحْوِهَا حَتَّى مَلَا مِنْهَا خَبَايَا، ثُمَّ رَحَلَ إلَى مَالِكٍ إلَخْ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَذِنَ لَهُ مَالِكٌ فِي الْإِفْتَاءِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَيْ الْخَطِيبِ وَأَذِنَ إلَخْ أَيْ مُسْلِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا تَنَافِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي النِّهَايَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْإِذْنَ صَدَرَ مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ مُسْلِمٍ وَمَالِكٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِبَغْدَادَ) سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا عُلَمَاؤُهَا وَرَجَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَنْ مَذَاهِبَ كَانُوا عَلَيْهَا إلَى مَذْهَبِهِ، وَصَنَّفَ بِهَا كِتَابَهُ الْقَدِيمَ مُغْنِي (قَوْلُهُ رَجَعَ لِمَكَّةَ) فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ لِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ فَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا مُغْنِي (قَوْلُهُ فَأَقَامَ بِهَا) أَيْ سِتَّ سِنِينَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَهْفًا لِأَهْلِهَا) وَلَمْ يَزَلْ بِهَا نَاشِرًا لِلْعِلْمِ مُلَازِمًا لِلِاشْتِغَالِ بِجَامِعِهَا الْعَتِيقِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَتُوُفِّيَ إلَخْ) وَسَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ شَدِيدَةٌ فَمَرِضَ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمِعْت أَشْهَبَ يَدْعُو عَلَى الشَّافِعِيِّ بِالْمَوْتِ فَكَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ وَإِلَّا ذَهَبَ عِلْمُ مَالِكٍ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلشَّافِعِيِّ فَقَالَ

تَمَنَّى أُنَاسٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ ... فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْت فِيهَا بِأَوْحَدِ

فَقُلْ لِلَّذِي يَبْغِي خِلَافَ الَّذِي مَضَى ... تَهَيَّأْ لِأُخْرَى مِثْلِهَا وَكَأَنْ قَدْ

فَتُوُفِّيَ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَانَ ذَلِكَ كَرَامَةً لِلْإِمَامِ شَيْخِنَا، زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ قِيلَ الضَّارِبُ لَهُ أَشْهَبُ حِينَ تَنَاظَرَ مَعَ الشَّافِعِيِّ فَأَفْحَمَهُ الشَّافِعِيُّ فَضَرَبَهُ قِيلَ بِكَلْيُونٍ وَقِيلَ بِمِفْتَاحٍ فِي جَبْهَتِهِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّارِبَ لَهُ فَتَيَانِ الْمَغْرِبِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْ جُمْلَةِ كَرَامَاتِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْفَى ذِكْرَ فَتَيَانِ وَكَلَامَهُ فِي الْعِلْمِ حَتَّى عِنْدَ أَهْلِ مَذْهَبِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ إلَخْ) يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلْخَ رَجَبٍ وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِهِ مُغْنِي قَالَ الرَّبِيعُ رَأَيْت فِي الْمَنَامِ قَبْلَ مَوْتِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَيَّامٍ أَنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ مَاتَ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يُخْرِجُوا جِنَازَتَهُ فَلَمَّا أَصْبَحْت سَأَلْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ هَذَا مَوْتُ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَمَا كَانَ إلَّا يَسِيرٌ حَتَّى مَاتَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (فَائِدَةٌ) اتَّفَقَ لِبَعْضِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ يَا رَبِّ بِأَيِّ الْمَذَاهِبِ أَشْتَغِلُ فَقَالَ لَهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ نَفِيسٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بِالِاعْتِبَارِ السَّابِقِ) أَيْ فِي شَرْحٍ فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافٌ) أَيْ فِي نِسْبَةِ الْقَوْلِ الْمُخْرَجِ إلَى الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا أَيْ لَا يُنْسَبُ لِلشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ إلَّا مُقَيَّدًا أَيْ بِكَوْنِهِ مُخَرَّجًا وَقَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ أَيْ التَّقْيِيدُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَنْقُلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالتَّخْرِيجِ أَنْ يُجِيبَ الشَّافِعِيُّ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي صُورَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يَصْلُحُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَيَنْقُلُ الْأَصْحَابُ جَوَابَهُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَى فَيَحْصُلُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهَا قَوْلَانِ مَنْصُوصٌ وَمُخَرَّجُ الْمَنْصُوصِ فِي هَذِهِ هُوَ الْمُخَرَّجُ فِي تِلْكَ، وَالْمَنْصُوصُ فِي تِلْكَ هُوَ الْمُخَرَّجُ فِي هَذِهِ فَيُقَالُ فِيهِمَا قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيج.

وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِ هَذَا عَدَمُ إطْبَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى التَّخْرِيجِ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يُخَرِّجُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُبْدِي فَرْقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَنْصُوصُ) لِيُتَأَمَّلَ وَجْهُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَلِيهِ بَصْرِيٌّ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْمُغَايَرَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَمَّا الْمُخَرَّجُ أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْمَنْصُوصُ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْمَنْصُوصُ أَيْ فِي الْأُولَى وَالْمُخَرَّجُ فِي الثَّانِيَةِ عَكْسُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) مَنْصُوبٌ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ لِلتَّقْرِيرِ أَيْ وَأَمَّا تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَنَظِيرِهَا قَالَهُ الْكُرْدِيُّ، وَيَجُوزُ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَقْرِيرُ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ النَّحْوِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَغْلَبُ) أَيْ التَّقْرِيرُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الْأَغْلَبِ أَوْ التَّقْرِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى انْقِضَاءِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَدَارَهَا) أَيْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ حُصُولِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى انْقِضَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا قَالَهُ إلَخْ) أَيْ إحْدَاثًا أَوْ اسْتِقْرَارًا

ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015