لَكِنَّ النَّظَرَ حِينَئِذٍ فِي بَقَاءِ إسْلَامِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ مَحَطُّ نَظَرِهِمْ لِمُنَافَاتِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى الْعِبَادَةَ مِنْ الْخَلْقِ لِذَاتِهِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَمْحَضْهَا بِأَنْ عَمِلَ لَهُ تَعَالَى مَعَ الطَّمَعِ فِي ذَلِكَ وَطَلَبِهِ فَتَصِحُّ عِبَادَتُهُ جَزْمًا، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَجْرِيدَ الْعِبَادَةِ عَنْ ذَلِكَ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْله تَعَالَى {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16] بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ يَدْعُونَ بِيَعْبُدُونَ وَإِلَّا لَمْ يُرَدْ إذْ شَرْطُ قَبُولِ الدُّعَاءِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ.

(الثَّانِي تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» مَعَ قَوْلِهِ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَحْرِيمِهَا مَا كَانَ حَلَالًا قَبْلَهَا وَجُعِلَتْ فَاتِحَةُ الصَّلَاةِ لِيَسْتَحْضِرَ الْمُصَلِّي مَعْنَاهَا الدَّالَّ عَلَى عَظَمَتِهِ مَنْ تَهَيَّأَ لِخِدْمَتِهِ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ الْهَيْبَةُ وَالْخُشُوعُ، وَمِنْ ثَمَّ زِيدَ فِي تَكْرِيرِهَا لِيَدُومَ لَهُ اسْتِصْحَابُ ذَيْنِك فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ إذْ لَا رُوحَ وَلَا كَمَالَ لَهَا بِدُونِهِمَا وَالْوَاجِبُ فِيهَا كَكُلِّ قَوْلِيٍّ إسْمَاعُ نَفْسِهِ إنْ صَحَّ سَمْعُهُ وَلَا لَغَطَ أَوْ نَحْوَهُ (وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَادِرِ) عَلَيْهَا لَفْظُ (اللَّهُ أَكْبَرُ) لِلْإِتْبَاعِ مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» أَيْ عَلِمْتُمُونِي إذْ الْأَقْوَالُ لَا تُرَى فَلَا يَكْفِي اللَّهُ كَبِيرٌ وَلَا الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ وَيُسَنُّ جَزْمُ الرَّاءِ وَإِيجَابُهُ غَلَطٌ وَحَدِيثُ «التَّكْبِيرُ جَزْمٌ» لَا أَصْلَ لَهُ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ مَدِّهِ كَمَا حَمَلُوا عَلَيْهِ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ «السَّلَامُ جَزْمٌ» عَلَى أَنَّ الْجَزْمَ الْمُقَابِلَ لِلرَّفْعِ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ فَكَيْفَ تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ وَعَدَمُ تَكْرِيرِهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَفْعَلْ إلَّا لِأَجْلِ ذَلِكَ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْلَاهُ مَا فَعَلَ مَعَ اعْتِقَادِهِ اسْتِحْقَاقَ اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ لِذَاتِهِ فَالْوَجْهُ صِحَّةُ عِبَادَتِهِ كَمَا قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ نُصُوصُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْإِخْلَالَ بِحَقِّ الْخِدْمَةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ ثُبُوتَهُ وَمُجَرَّدُ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ وَلَا الْإِيمَانَ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا لِأَجْلِ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ إيمَانِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ عِبَادَتِهِ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ النَّظَرَ حِينَئِذٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ اعْتَقَدَ اسْتِحْقَاقَهُ تَعَالَى لِلْعِبَادَةِ فَلَا وَجْهَ إلَّا إسْلَامُهُ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ ارْتِكَابُ الْمُخَالَفَةِ وَهِيَ مَعَ اعْتِقَادِ حَقِّ الْأُلُوهِيَّةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْإِسْلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّ هَذَا) أَيْ الْحَمْلَ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ مِنْ مَحْضِ عِبَادَتِهِ لِذَلِكَ إلَخْ اهـ زَادَ الْكُرْدِيُّ وَضَمِيرُ أَنَّهُ وَمُنَافَاتِهِ يَرْجِعَانِ إلَيْهِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَهُمَا رَاجِعٌ لِلتَّمْحِيضِ الْمَذْكُورِ أَيْ الْمَنْعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِمُنَافَاتِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِلِاسْتِدْرَاكِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ إلَخْ عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ عِبَادَتُهُ إلَخْ) إذْ طَمَعُهُ فِي ذَلِكَ وَطَلَبُهُ إيَّاهُ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَنْ لَمْ يُمَحِّضْهَا بِأَنْ عَمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ يَدْعُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَرِدْ إلَخْ) تَوْجِيهُ الْإِيرَادِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ الْمُتَعَبِّدِينَ خَوْفًا وَطَمَعًا فَلِمَ قُلْتُمْ التَّجْرِيدُ أَفْضَلُ وَ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ خَوْفًا وَطَمَعًا

قَوْلُ الْمَتْنِ (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) أَيْ فِي الْقِيَامِ وَبَدَلِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى وَالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى الْعَطْفُ كَمَا فِي الْمُغْنِي لِيُفِيدَ اسْتِقْلَالَ كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ فِي الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ إلَخْ) اسْمُهُ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ عَمِيرَةٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَتْ هَذِهِ التَّكْبِيرَةُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِتَحْرِيمِهَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا عَلَى الْمُصَلِّي مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ قَبْلَهُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَجُعِلَتْ) أَيْ التَّكْبِيرَةُ (قَوْلُهُ فِي تَكْرِيرِهَا) أَيْ تَكْرِيرِ التَّكْبِيرَةِ فِي الِانْتِقَالَاتِ (قَوْلُهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النُّطْقِ بِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلْإِتْبَاعِ) إلَى قَوْلِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا حَمَلُوا إلَى وَعَدَمُ تَكْرِيرِهَا وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّ إلَى وَكَذَا وَقَوْلُهُ وَبَحَثَ إلَى وَيُسَنُّ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يَضُرُّ إلَى وَيُسَنُّ (قَوْلُهُ لِلْإِتْبَاعِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إذْ الْأَقْوَالُ لَا تُرَى) أَيْ فَهَذَا قَرِينَةُ إرَادَةِ الْعِلْمِ سم (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي اللَّهُ كَبِيرٌ) أَيْ لِفَوَاتِ مَعْنَى أَفْعَلَ وَهُوَ التَّفْضِيلُ وَ (قَوْلُهُ وَلَا الرَّحْمَنُ) أَيْ أَوْ الرَّحِيمُ (أَكْبَرُ) أَيْ وَلَا اللَّهُ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ جَزْمُ الرَّاءِ إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ ضَمُّهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَبَقِيَ مَا لَوْ فَتَحَ الْهَاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ اللَّهِ وَمَا لَوْ فَتَحَ الرَّاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ أَكْبَرُ هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ اللَّحْنَ فِي الْقِرَاءَةِ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ اهـ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ لَمْ يَجْزِمْ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرُ لَمْ يَضُرَّ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا أَصْلَ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ النَّخَعِيّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ فَمَعْنَاهُ عَدَمُ التَّرَدُّدِ فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ عَدَمُ مَدِّهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ وَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ عَدَمُ الْمَدِّ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْجَزْمَ إلَخْ) بَلْ الْجَزْمُ الِاصْطِلَاحِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا سم (قَوْلُهُ الْأَلْفَاظُ إلَخْ) أَيْ السَّابِقَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَكْرِيرِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ جَزْمُ الرَّاءِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَنَقَلَ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ لَوْ شَدَّدَ الرَّاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ إذْ الرَّاءُ حَرْفُ تَكْرِيرٍ فَزِيَادَتُهُ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى اهـ.

(قَوْلُهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا لِأَجْلِ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ إيمَانِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ عِبَادَتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ النَّظَرَ حِينَئِذٍ فِي بَقَاءِ إسْلَامِهِ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ اعْتَقَدَ اسْتِحْقَاقَهُ تَعَالَى لِلْعِبَادَةِ فَلَا وَجْهَ إلَّا إسْلَامِهِ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ ارْتِكَابُ الْمُخَالَفَةِ وَهِيَ مَعَ اعْتِقَادِهِ حَقَّ الْأُلُوهِيَّةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْإِسْلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ إذْ الْأَقْوَالُ لَا تُرَى) أَيْ فَهَذَا قَرِينَةُ إرَادَةِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْجَزْمَ إلَخْ) بَلْ الْجَزْمَ الِاصْطِلَاحِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015