(وَلَا يَكُونُ) وَطْؤُهُ لَهَا (رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْعُلُوقِ الْمُحَصِّلِ لِمَقْصُودِ التَّدْبِيرِ، وَهُوَ عِتْقُهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ؛ إذْ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ الدَّيْنُ فَرَفَعَهُ كَمَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ
. (وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِيلَادَ أَقْوَى، وَالْأَضْعَفُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَقْوَى (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ) كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) لِمُوَافَقَتِهَا لِمَقْصُودِ التَّدْبِيرِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ الْوَصْفَيْنِ: مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ وَيَبْطُلُ الْآخَرُ إلَّا إنْ كَانَ هُوَ الْكِتَابَةُ فَلَا تَبْطُلُ أَحْكَامُهَا بَلْ يَتْبَعُ الْعَتِيقَ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْأُولَى مُخَالِفًا فِيهِ أَبَا حَامِدٍ وَغَيْرَهُ. وَقِيسَ بِهَا الثَّانِيَةُ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ طُرُوُّهَا أَوْجَبَ ضَعْفَهَا فَبَطَلَتْ أَحْكَامُهَا أَيْضًا وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَسْبَقُ الْمَوْتَ لَمْ يَعْتِقْ كُلُّهُ إلَّا إنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسَعُهُ فَقَطْ
(فَصْلٌ)
فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ، وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ إذَا (وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ) وَلَدًا (مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ زِنًا لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْبَلُ الرَّفْعَ فَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا) أَيْ: سَوَاءٌ أَعَزَلَ عَنْهَا أَمْ لَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: وَالْأَضْعَفُ لَا يَدْخُلُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: التَّدْبِيرُ أَضْعَفُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَلِمَ دَخَلَ عَلَيْهَا سم. (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ الْآخَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ، وَلَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ فَإِنْ عَجَزَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ أَيْ: كِتَابَةِ الْمُدَبَّرِ عَنْهُ ثُلُثُ مَالِهِ عَتَقَ بِقَدْرِهِ وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ، وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَلَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ: الْمُعْتَمَدُ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي شَرْحِ وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ وَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ، أَوْ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَبَقِيَ التَّدْبِيرُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: عِنْدِي لَا تَبْطُلُ وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَنْ أَعْتَقَ مُكَاتَبًا لَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ فَكَذَا بِالتَّدْبِيرِ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الثُّلُثَ جَمِيعَهُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ بِالتَّدْبِيرِ وَبَقِيَ مَا زَادَ مُكَاتَبًا وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ النُّجُومِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ فَإِنْ عَتَقَ نِصْفُهُ فَنِصْفُ النُّجُومِ، أَوْ رُبُعُهُ فَرُبُعُهَا. اهـ. بِحَذْفٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْآخَرُ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ: فِي تَدْبِيرِ الْمُكَاتَبِ. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهَا الثَّانِيَةُ) أَيْ: كِتَابَةُ الْمُدَبَّرِ اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ وَكَذَا الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ وَيَعْتِقُ بِالسَّابِقِ مِنْ الْمَوْتِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ فَإِنْ أَدَّاهَا عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَخْذًا مِنْ مُقَابِلِهِ: فِيهَا الَّذِي جَرَى هُوَ عَلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ هُنَا لَاحِقَةٌ وَفِيمَا مَرَّ سَابِقَةٌ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا مَرَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ طُرُوَّهَا) أَيْ: الْكِتَابَةِ عَلَى التَّدْبِيرِ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَسْبَقُ الْمَوْتَ إلَخْ) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسَعُهُ فَقَطْ) أَيْ: وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ سم. (تَتِمَّةٌ)
تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ الْعَبْدِ بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَى السَّيِّدِ فِي حَيَاتِهِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَحْلِفُ السَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ وَالْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الدَّعَاوَى وَيُقْبَلُ عَلَى الرُّجُوعِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، وَأَمَّا التَّدْبِيرُ فَلَا بُدَّ فِي إثْبَاتِهِ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَى الرِّجَالُ غَالِبًا مُغْنِي
. (فَصْلٌ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ)
(قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ) إلَى الْكِتَابَةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ قَبْلَهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: بِالْفِعْلِ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَعِتْقِهِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالتَّنَازُعِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُدَبَّرِ ع ش (قَوْلُهُ: إذَا وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ وَلَدًا) بِأَنْ عَلَقَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ زِنًا) أَيْ: أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ بِأُمِّهِ مُغْنِي عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ: مَثَلًا وَإِلَّا فَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ حَكَمْنَا بِرِقِّهِ، أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَثْبُتُ كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِجَامِعِ الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مُغْنِي زَادَ سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَانْتَصَرَ لَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ قِيَاسُ تَبَعِ الْوَلَدِ لِلْأُمِّ فِي نَذْرِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ النَّذْرَ لَازِمٌ فَقَوِيَ عَلَى اسْتِتْبَاعِ الْحَادِثِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَلَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَقْدٌ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَفِي قَوْلٍ فِي الْمُغْنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَالْأَضْعَفُ لَا يَدْخُلُ عَلَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: التَّدْبِيرُ أَضْعَفُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَلِمَ دَخَلَ عَلَيْهَا؟ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يَسَعُهُ فَقَطْ) أَيْ: وَبَقِيَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ
. (فَصْلٌ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ) .
(قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَقِيلَ: يَلْحَقُهُ التَّدْبِيرُ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ تَرْجِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَانْتَصَرَ لَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ قِيَاسُ تَبَعِ الْوَلَدِ لِلْأُمِّ فِي نَذْرِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ النَّذْرَ لَازِمٌ فَيَقْوَى عَلَى الِاسْتِتْبَاعِ الْحَادِثِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَلَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.