فِي الْحَيَاةِ مُحَرَّمٌ الْآنَ فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى تُعْلَمُ ذَكَاتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْأُولَى نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقُدِّمَتْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ بِالْإِفْضَاءِ وَأُخْرَى بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِالْتِحَامُ فَتُقَدَّمُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةً بِالنَّقْلِ عَنْ الْأَصْلِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا
. (وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ (غَانِمًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ تَصَرُّفَهُ الْمُنَجَّزَ يُقَدَّمُ السَّابِقُ مِنْهُ فَالسَّابِقُ وَهَكَذَا؛ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ
(وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ مَزِيَّةِ أَحَدِهِمَا، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ كَإِنْ أَعْتَقْتَ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ سَالِمًا فَيَعْتِقُ غَانِمٌ مَعَهُ بِنَاءً عَلَى تَقَارُنِ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ تَعَيَّنَ السَّابِقُ مِنْ غَيْرِ إقْرَاعٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَالْمُقَدَّمُ فِي الرُّتْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ. (وَإِنْ أُطْلِقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا؛ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ وَأَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَوْضِعٍ (وَقِيلَ: فِي قَوْلٍ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ قُلْتُ: الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا، وَالْقُرْعَةُ مُمْتَنِعَةٌ لِئَلَّا تَخْرُجَ بِالرِّقِّ عَلَى السَّابِقِ الْحَرِّ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ وَلَا نَظَرَ لِلُزُومٍ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ فِي الْكُلِّ
(وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ: ثُلُثُ مَالِهِ (وَوَارِثَانِ حَائِزَانِ) أَوْ غَيْرُ حَائِزَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ قَيْدٌ لِمَا بَعْدَهُ (أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُهُ ثَبَتَتْ) الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ (لِغَانِمٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِلْمَرْجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا يُسَاوِيهِ فَلَا تُهْمَةَ، وَكَوْنُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ الَّذِي يَرِثُونَهُ عَنْهُ بِالْوَلَاءِ بَعِيدٌ فَلَا يَقْدَحُ تُهْمَةً، أَمَّا إذَا كَانَ دُونَ ثُلُثِهِ فَلَا يُقْبَلَانِ فِيمَا لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ مَرَّ (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ) الْحَائِزَانِ (فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ لَغْوٌ (فَيَعْتِقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ يَحْتَمِلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ عَنْهُ (وَ) يَعْتِقُ (مِنْ غَانِمٍ) قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ (ثُلُثُ مَالِهِ بَعْدَ سَالِمٍ) ، وَهُوَ ثُلُثَاهُ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا قَدْ هَلَكَ أَوْ غَصَبَ مِنْ التَّرِكَةِ مُؤَاخَذَةً لِلْوَرَثَةِ بِإِقْرَارِهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهَاءِ الضَّمِيرِ فِيمَا بِيَدِنَا مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ بِجَعْلِ الْهَمْزَةِ هَاءً، عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَقَالَ هُوَ مُذَكًّى، وَقَالَ الْمُسْلِمُ هَذَا لَحْمُ مَيْتَةٍ فَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَيُتَّجَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّعَارُضُ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِالْإِفْضَاءِ وَالْأُخْرَى بِعَدَمِهِ إلَخْ. وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ الْأُولَى لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالنَّقْلِ عَنْ الْأَصْلِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِعَدَمِهِ مُعَارِضَةٌ لِمُثْبِتِهِ فَالْعَمَلُ بَعْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِفْضَاءِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ قَالَ ع ش مُرَادُهُ حَجّ اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ هُوَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ نَقَلَ إفْتَاءَ وَالِدِ الشَّارِحِ هَذَا ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ أَقُولُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْضِ بَيْنَهُمَا إلَخْ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ مَضَى بَيْنَهُمَا إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ فَالشَّهَادَةُ بِالْإِفْضَاءِ كَاذِبَةٌ وَلَا بُدَّ أَنَّ الصُّورَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ مُفْضَاةٍ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْأَصْلِ) وَهُوَ الْبَكَارَةُ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: بِالتَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا) أَيْ: كَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ سم
(قَوْلُهُ: الَّذِي مَاتَ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا غَيْرُ الْحَائِزِينَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: فَوَجَبَ الْجَمْعُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: أَوْ غَيْرُ حَائِزِينَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَهُوَ ثُلُثَاهُ إلَى وَكَأَنَ سَالِمًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) أَيْ: مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: زِيَادَةُ عِلْمٍ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ اتَّحَدَ أُقْرِعَ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سُدُسَ الْمَالِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ هُوَ وَنِصْفُ الْآخَرِ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْآخَرِ عَتَقَ وَحْدَهُ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ بِتَعْلِيقِ عِتْقِهِمَا بِمَوْتِهِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَمْ أُرِّخَتَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَا) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ السَّابِقُ إلَخْ) أَيْ: سَالِمٌ وَهُوَ جَوَابُ إنْ اتَّحَدَ بِمُقْتَضَى إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ قُلْت الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) وَلَوْ قَالَ قُلْت الْمَذْهَبُ الثَّانِي لَكَانَ أَخْصَرَ مُغْنِي
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَوَارِثَانِ) أَيْ: عَدْلَانِ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلرُّجُوعِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا نَعَمْ إنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ) أَيْ: غَانِمٌ وَقَوْلُهُ: دُونَ ثُلُثِهِ أَيْ: كَالسُّدُسِ وَقَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَثْبُتَا لَهُ إلَخْ. وَهُوَ نِصْفُ سَالِمٍ وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ أَيْ: فَعَلَى مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ صِحَّةِ التَّبْعِيضِ يَعْتِقُ نِصْفُ سَالِمٍ مَعَ كُلِّ غَانِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا وَكُلُّ غَانِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَتَقَ الْعَبْدَانِ الْأَوَّلُ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ إذَا كَانَا حَائِزَيْنِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا اهـ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ وَأَقُولُ قَوْلُهُ: وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ لَعَلَّهُ فَرَضَ غَانِمًا قَدْرَ السُّدُسِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى اهـ. رَشِيدِيٌّ وَحَلَبِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) لَعَلَّهُ أَرَادَ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثَاهُ أَيْ: غَانِمٍ. (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ غَانِمٍ وَقَوْلُهُ: مُؤَاخَذَةً لِلْوَرَثَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَكَانَ سَالِمًا قَدْ هَلَكَ إلَخْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا) أَفْتَى بِتَعَارُضِهِمَا شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِعَدَمِهِ مُعَارِضَةٌ لِمُثْبِتِهِ، فَالْعَمَلُ بَعْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ الْإِفْضَاءِ ش م ر أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: فَإِنْ بَعَّضْنَاهَا عَتَقَ نِصْفُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بَدَلًا وَكُلُّ غَانِمٍ