اسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَيِّنَةِ لِضَعْفِ جَانِبِهِ بِادِّعَائِهِ خِلَافَ الْأَصْلِ وَبَرَاءَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْيَمِينِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِأَصْلِ بَرَاءَتِهِ وَلَمَّا كَانَ مَدَارُ الْخُصُومَةِ عَلَى خَمْسَةٍ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ وَالْبَيِّنَةِ ذَكَرَهَا كَذَلِكَ
(تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ مُحَكَّمٍ أَوْ سَيِّدٍ (فِي) غَيْرِ مَالٍ مِمَّا لَا تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ كَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَإِيلَاءٍ وَظِهَارٍ وَعَيْبِ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ فِي (عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ (كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ أَمَّا عُقُوبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَهِيَ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْقَاضِي أَيْضًا لَكِنْ لَا تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا لِلْمُدَّعِي نَعَمْ لِقَاذِفٍ أُرِيدَ حَدُّهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمَقْذُوفِ وَطَلَبُ حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ لِيَسْقُطَ الْحَدُّ عَنْهُ إنْ نَكَلَ وَمَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهِ إنْ تَعَلَّقَ
بِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ
كَطَرْحِ حِجَارَةٍ بِطَرِيقٍ وَمَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَدَاءُ عِنْدَ نَحْوِ وَزِيرٍ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عِنْدَهُ إلَّا إذَا تَوَقَّفَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَدَاءُ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ لَا يَسْتَدْعِي تَوَقُّفَهُ عَلَى دَعْوَى وَبِهَذَا يُرَدُّ إيرَادُ شَارِحٍ لِهَذَا وَجَوَابُ آخَرَ عَنْهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِدُونِ قَاضٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي صُوَرٍ مَرَّتْ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَكُلُّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِدَعْوَى بَلْ لَا تُسْمَعُ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهُ قَتْلُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنِّهَايَةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبَ الْمُنْكِرِ قَوِيٌّ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ اهـ. زَادَ الْمُغْنِي وَإِنَّمَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ قَوِيَّةً وَالْيَمِينُ ضَعِيفَةً لِأَنَّ الْحَالِفَ مُتَّهَمٌ فِي يَمِينِهِ بِالْكَذِبِ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَرَاءَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: وَتَوَقُّفُ بَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ
. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَالٍ إلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ إلَخْ) أَيْ: الدَّعْوَى وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: لِآدَمِيٍّ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ) نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ لَا سِيَّمَا إذْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ عَنْ الْأَسْنَى مَا نَصُّهُ: وَقَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَا يُنَافِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ التَّعْزِيرِ أَوْ حَدِّ الْقَذْفِ لَا يَسْتَوْفِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الْإِذْنُ لَهُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ
لِأَنَّ الْحَالَ هُنَا حَالُ ضَرُورَةٍ
وَالْحَاكِمُ لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضُرُّ الْمَحْدُودَ أَوْ الْمُعَزَّرَ بِزِيَادَةٍ أَوْ تَشْدِيدٍ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: بَعِيدَةٌ عَنْ السُّلْطَانِ أَيْ: أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْهُ وَخَافَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ عَدَمَ التَّمَكُّنِ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ أَوْ غَرِمَ دَرَاهِمَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ حَيْثُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَأَمِنَ الْفِتْنَةَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ ذَلِكَ فَلَهُ تَعْزِيرُهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ أَيْ: شَرْعًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ بَاطِنًا اهـ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ) أَيْ: بِالِاسْتِيفَاءِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا تُسْمَعُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ: فَالطَّرِيقُ فِي إثْبَاتِهَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَتْ حَقًّا لِلْمُدَّعِي) أَيْ: وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَقْذُوفِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ عَلَى وَارِثِهِ الطَّالِبِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ: فِي مَبْحَثِ وُجُوبِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَوَقَّفَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عَلَيْهِ) وَمَعَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْكَبِيرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ إلَخْ) أَيْ: فِي غَيْرِ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَةِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ عَامَلَ مَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا أَوْ رَجْعَتَهَا مُعَامَلَةَ الزَّوْجَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي صُوَرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لَا الْقَوَدِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ أَيْ: إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ السُّلْطَانِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَعِيدَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ الرَّفْعُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا تُقْبَلُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ لَا تُسْمَعُ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: كَعِتْقٍ يَسْتَرِقُّهُ شَخْصٌ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تُسْمَعُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تُسْمَعُ فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا فِيهَا فَلَا سُلْطَانَ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ. (قَوْلُهُ: قَتْلُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجْرِي هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ فِي مَبْحَثِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ مِنْ أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَالٍ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ فِي غَيْرِ عَيْنٍ وَدَيْنٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ صِحَّةِ الدَّعْوَى عِنْدَهُ إلَخْ) (فَرْعٌ) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّوْمِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِهِ بِعَدْلٍ وَنَحْوِهِ إلَى دَعْوَى فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ لَا الْقَوَدِ ش م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَةِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ عَامَلَ مَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا أَوْ رَجْعَتَهَا مُعَامَلَةَ الزَّوْجَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي صُوَرٍ مَرَّتْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي آخِرِ قَوَاعِدِهِ: وَلَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: اسْتِيفَاؤُهُ لَا يُنَافِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ التَّعْزِيرِ أَوْ حَدِّ الْقَذْفِ لَا يَسْتَوْفِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الْإِذْنُ لَهُ فِي اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ هُنَا حَالُ
ضَرُورَةٍ
وَالْحَاكِمُ لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضُرُّ الْمَحْدُودَ أَوْ الْمُعَزَّرَ بِزِيَادَةٍ أَوْ تَشْدِيدٍ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ قَتْلُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجْرِي هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ فِي مَبْحَثِ