وَإِنْ تَأَذَّى قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ إلْحَاقُ كُلِّ مُهْدَرٍ بِالْحَرْبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُرْتَدِّ دُونَ نَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ وَغَيْرِ مُبْتَدِعٍ بِبِدْعَتِهِ فَيَحْرُمُ وَإِنْ صَدَقَ أَوْ كَانَ بِتَعْرِيضٍ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لِلْإِيذَاءِ وَأَثِمَ حَاكِيهِ دُونَ مُنْشِئِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُذِيعُ لَهُ فَيَكُونُ إثْمُهُ أَشَدَّ.

(أَوْ يُفْحِشَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ أَيْ: يُجَاوِزَ الْحَدَّ فِي الْإِطْرَاءِ فِي الْمَدْحِ وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَيَحْرُمَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَذِبٌ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنْ قَصَدَ إظْهَارَ الصَّنْعَةِ لَا إيهَامَ الصِّدْقِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ: وَلَا تَكَادُ تَجِدُ مَدَّاحًا إلَّا رَذْلًا وَلَا هَجَّاءً إلَّا نَذْلًا (أَوْ يُعَرِّضَ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ) بِأَنْ يَذْكُرَ صِفَاتِهَا مِنْ نَحْوِ طُولٍ وَحُسْنٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ أَيْضًا وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَهَتْكِ السِّتْرِ إذَا وَصَفَ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ حَلِيلَتِهِ، أَمَّا هِيَ فَإِنْ ذَكَرَ مِنْهَا مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ كَمَا يَتَّفِقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْخَلْوَةِ حَرُمَ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَكِنْ جَزَمَا بِكَرَاهَتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَبَّبَ بِزَوْجَتِهِ بِنْتِ عَمِّهِ سُعَادَ فِي قَصِيدَتِهِ بَانَتْ سُعَادُ الْمَشْهُورَةُ وَأَنْشَدَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الْأَمْرَدُ فَيَحْرُمُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ بَلْ يَفْسُقُ إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْشَقُهُ لَكِنْ اعْتَبَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ تَعْيِينَهُ أَيْضًا وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الرُّويَانِيَّ فِي إطْلَاقِ الْفِسْقِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لَازِمِ عِشْقِهِ أَنْ يَكُونَ بِشَهْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَلِهَذَا عَدُّوا مِنْ الشُّهَدَاءِ الْمَيِّتُ عِشْقًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبُعْدُهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ. اهـ.

وَهِيَ كَالصَّرِيحِ فِي الْإِطْلَاقِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا اُنْظُرْ هَلْ مِنْهُ هَجْوُ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) أَيْ وَنَحْوِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: دُونَ نَحْوِ الزَّانِي إلَخْ) أَيْ: كَتَارِكِ الصَّلَاةِ، وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ بِشَرْطِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مُتَجَاهِرٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ. (قَوْلُهُ: مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ) أَيْ بِمَا جَاهَرَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سَيِّدِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مُبْتَدِعٍ بِبِدْعَتِهِ) دَخَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمُبْتَدِعِ وَالْمُبْتَدِعُ بِغَيْرِ بِدْعَتِهِ أَمَّا هَجْوُهُ بِبِدْعَتِهِ فَلَا يَحْرُمُ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِبِدْعَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: هَجَاهُ بِبِدْعَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ) أَيْ: هَجْوُ غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) بَلْ رَجَّحَهُ الْأَصْلُ أَيْ الرَّوْضَةُ حَيْثُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا كَالصَّرِيحِ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ لَيْسَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا انْتَهَى. اهـ. أَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَاهُ بِمَا يَفْسُقُ بِهِ كَأَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ أَسْنَى وَلَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْإِطْلَاقُ كَالرَّوْضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِشَرْطِ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْته بَيَّنَ فِي زَوَاجِرِهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: لِلْإِيذَاءِ) أَيْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَنَحْوَهُ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُذِيعُ لَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ سِرًّا فَأَذَاعَهُ وَهَتَكَ بِهِ سِتْرَ الْمَهْجُوِّ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَوْ يَفْحُشَ) قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ فَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: يُجَاوِزُ إلَخْ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: إنْ أَكْثَرَ إلَى قَالَ وَقَوْلُهُ وَنَازَعَ إلَى وَبِالْمُعَيَّنَةِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: الْإِطْرَاءِ) أَيْ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَكْثَرَ مِنْهُ) لَعَلَّ ضَابِطَ الْإِكْثَارِ أَنْ لَا تَغْلِبَ طَاعَاتُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْإِكْثَارِ فِي الْهَجْوِ وَالتَّعْرِيضِ مَعَ تَعْلِيلِهِمَا الْمَذْكُورِ أَيْ الْإِيذَاءِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَبِيرَةٌ. اهـ.

سم وَقَوْلُهُ لَعَلَّ ضَابِطَ الْإِكْثَارِ إلَخْ الْأَوْلَى لَعَلَّ الرَّدَّ بِالْإِكْثَارِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا تَغْلِبَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ قَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْهُ عَنْ زَوَاجِرِ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ فِي الثَّانِي قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَيَقَعُ لِبَعْضِ فَسَقَةِ الشُّعَرَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا إيهَامَ الصِّدْقِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْهَمْزَةِ كَمَا فِي الْحَلَبِيِّ. (قَوْلُهُ: رَذْلًا) وَقَوْلُهُ نَذْلًا كِلَاهُمَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْخَسِيسُ قَامُوسٌ. (قَوْلُهُ: وَهَتْكِ السِّتْرِ) لَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: إذَا وَصَفَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ حَلِيلَتِهِ) أَيْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ (قَوْلُهُ: مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي هُنَا وَلَوْ شَبَّبَ بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِسُقُوطِ مُرُوءَتِهِ، وَكَذَا لَوْ وَصَفَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِأَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَإِنْ نُوزِعَ فِي ذَلِكَ. اهـ.

وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ إلَخْ وَقَرَنَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّقْبِيلِ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ مِمَّا يَسْتَحِي مِنْهُ وَكَذَا صَرَّحَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَتِهِ لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ بِكَرَاهَتِهِ) وَكَذَا جَزَمَ بِهَا الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِسُقُوطِ الْمُرُوءَةِ بِذَلِكَ رَوْضٌ وَمُغْنِي، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْإِكْثَارِ لَكِنْ كَلَامُهُمْ الْآتِي فِي شَرْحِ وَإِكْثَارُ حِكَايَاتٍ إلَخْ قَدْ يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ بَلْ كَلَامُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى كَالصَّرِيحِ فِيهِ حَيْثُ اقْتَصَرَا هُنَاكَ عَلَى كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَسَكَتَا عَنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكْثُرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ مُغْنِي وَأَسْنَى وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ اعْتَبَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ تَعْيِينَهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَتُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِشَرْطِ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْته بَيَّنَ فِي زَوَاجِرِهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَكْثَرَ مِنْهُ) لَعَلَّ ضَابِطَ الْإِكْثَارِ أَنْ لَا تَغْلِبَ طَاعَاتُهُ، وَقَضِيَّةُ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالْإِكْثَارِ فِي الْهَجْوِ وَالتَّعْرِيضِ مَعَ تَعْلِيلِهِمَا الْمَذْكُورِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِكَرَاهَتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَخْ) فِي الصَّنِيعِ إشْعَارٌ بِأَنَّ رَدَّهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ دَلَالَتُهُ عَلَى قِلَّةِ الْمُرُوءَةِ، وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الرَّوْضِ وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ، وَوَصْفُ أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ وَلَوْ زَوْجَتَهُ مُسْقِطٌ لِلْمُرُوءَةِ. اهـ. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ شَرْحِهِ وَجَوَابِهِ عَنْ النَّصِّ رَدُّ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَيْضًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015