عَلَى الْجَمَاعَةِ مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِاتِّفَاقِ مُوجِبِيهِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَقَوْلُ أَكْثَرِ مُوجِبِيهَا عَيْنًا أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ فَكَانَتْ رِعَايَةُ الْخِلَافِ فِيهِ آكَدَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا أَمَّا إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا
وَإِنْ قَلَّ خَارِجَ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةُ بِهَا لِحُرْمَةِ خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِ كُلِّهَا فِيهِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَلَى مَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَإِنْ فُقِدَ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَالْبِدَارُ وَاجِبٌ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْ يَصْرِفَ زَمَنًا لِغَيْرِ قَضَائِهَا كَالتَّطَوُّعِ إلَّا مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ نَوْمٍ، أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَوْ لِفِعْلِ وَاجِبٍ آخَرَ مُضَيَّقٍ يُخْشَى فَوْتُهُ وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً وَهُوَ فِي حَاضِرَةٍ لَمْ يَقْطَعْهَا مُطْلَقًا، أَوْ شَرَعَ فِي فَائِتَةٍ ظَانًّا سَعَةَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَبَانَ ضِيقُهُ لَزِمَهُ قَطْعُهَا وَلَوْ شَكَّ فِي قَدْرِ فَوَائِتَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فِعْلَهُ، أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي فِعْلِ مُؤَدَّاتِهِ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا، أَوْ فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ فَلَا.
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ شَكَّهُ فِي اللُّزُومِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْفِعْلِ شَكٌّ فِي اسْتِجْمَاعِ شُرُوطِ اللُّزُومِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْفِعْلِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِتَيَقُّنِ اللُّزُومِ، وَالشَّكُّ فِي الْمُسْقِطِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إعَادَةُ الْفَرْضِ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ إلَّا إنْ شَكَّ فِي شَرْطٍ لَهُ، أَوْ جَرَى فِي صِحَّتِهِ خِلَافٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ الصُّبْحِ الَّتِي نَامُوا عَنْهَا مَا يَقْتَضِي عَلَى مَا زَعَمَهُ شَارِحُ نَدْبِ فِعْلِهَا ثَانِيًا فِي مِثْلِ وَقْتِهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَا اهـ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ قَوَاعِدَنَا تَقْتَضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا «صَلُّوهَا الْغَدَ لِوَقْتِهَا» أَيْ لَا تَظُنُّوا أَنَّ وَقْتَهَا تَغَيَّرَ بِصَلَاتِنَا لَهَا فِي غَيْرِهِ، بَلْ دُومُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهَا فِي وَقْتِهَا وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى بِهِمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنْ الْغَدِ قَالَ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنْ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ» فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ مِنْ مَعْنَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ، بَلْ فِي حُرْمَةِ فِعْلِ الْفَائِتَةِ ثَانِيًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَاضِرَةِ (عَلَى الْجَمَاعَةِ) أَيْ: جَمَاعَةِ الْحَاضِرَةِ (مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ: التَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ مُوجِبِيهِ) كَالسَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: تَقْدِيمَ الْفَائِتَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْحَاضِرَةِ (شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ) أَيْ: صِحَّةِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ أَكْثَرِ إلَخْ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي التَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا إلَخْ) وَجَرَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَالنِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الْحَاضِرَةِ فِي الْوَقْتِ وَحَمَلُوا إطْلَاقَ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالطَّبَلَاوِيِّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فُقِدَ التَّرْتِيبُ إلَخْ) يُفِيدُ فِيمَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ بِعُذْرٍ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْأَخِيرَيْنِ عَلَيْهِمَا لَكِنْ أَفْتَى م ر بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ اهـ أَيْ: وَالتَّرْتِيبُ الْمَطْلُوبُ لَا يُنَافِي الْبِدَارَ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِالْعِبَادَةِ وَغَيْرُ مُقَصِّرٍ كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ رَاتِبَةِ الْمَقْضِيَّةِ الْقَبْلِيَّةَ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي الْبِدَارَ الْوَاجِبَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: كَالتَّطَوُّعِ) أَيْ: يَأْثَمُ بِهِ مَعَ الصِّحَّةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَذَكَّرَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْطَعْهَا) أَيْ: وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُ الْحَاضِرَةِ، ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَيُسَنُّ لَهُ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ نِهَايَةٌ أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا إذَا عَلِمَ بِالْفَائِتَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَاضِرَةِ ع ش
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: ضَاقَ وَقْتُهَا أَمْ اتَّسَعَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: سَعَةَ وَقْتٍ إلَخْ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: فَبَانَ ضِيقُهُ) أَيْ: عَنْ إدْرَاكِهَا مُؤَدَّاةً وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، بَلْ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم أَيْ وَعَنْ إدْرَاكِهَا بِتَمَامِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَطْعُهَا) هَلَّا سُنَّ قَلْبُهَا، وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَرَاجِعْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ إنَّهُ يُسَنُّ قَلْبُهَا نَفْلًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَجَبَ قَطْعُهَا عَلَى مَعْنَى امْتَنَعَ إتْمَامُهَا فَرْضًا فَلَا يُنَافِي سَنُّ قَلْبِهَا نَفْلًا ع ش زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَقُمْ لِثَالِثَةٍ وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ وَيُشْتَرَطُ لِنَدْبِ قَلْبِهَا نَفْلًا أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنْ أُولَى، أَوْ ثَالِثَةٍ كَانَ الْقَلْبُ مُبَاحًا اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَشَكَّ فِي أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَهُ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا) فَلَوْ فَعَلَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَيْهِ لَا يُجْزِئُهُ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ) أَيْ: بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ: الِاسْتِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ إلَخْ) أَيْ: الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نُدِبَ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ: بَعْدَ قَضَائِهَا أَوَّلًا قَبْلَ مِثْلِ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: صَلُّوهَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَالضَّمِيرُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ الْمَقْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُهُ إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي حُرْمَةِ فِعْلٍ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا اقْتَضَاهُ مِنْ تَشْبِيهِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَيْدِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا وَإِنْ قَلَّ خَارِجَ الْوَقْتِ) خَالَفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ آخِرَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا وَيُحْمَلُ تَحْرِيمُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَلِإِفَادَةِ ذَلِكَ عَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ، وَالْمِنْهَاجِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَالتَّنْبِيهِ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا اهـ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فُقِدَ التَّرْتِيبُ) يُفِيدُ فِيمَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ بِعُذْرٍ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْأَخِيرَيْنِ عَلَيْهِمَا لَكِنْ أَفْتَى م ر بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ اهـ أَيْ، وَالتَّرْتِيبُ الْمَطْلُوبُ لَا يُنَافِي الْبِدَارِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِالْعِبَادَةِ وَغَيْرُ مُقَصِّرٍ كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ رَاتِبَةِ الْمَقْضِيَّةِ الْقَبْلِيَّةَ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي فِي الْبِدَارِ الْوَاجِبَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ م ر (قَوْلُهُ: فَبَانَ ضِيقُهُ) أَيْ: عَنْ إدْرَاكِهَا مُؤَدَّاةً وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَسْأَلَةِ