أَمَّا الْكَافِرُ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ الْمَسْبُوقُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْفَزَارِيّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَصْلُهَا فَيُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ كَمُدَرِّسٍ فِي عِلْمٍ غَيْرِ فَرْضٍ، وَلَوْ كِفَايَةً كَالْعَرُوضِ، وَزِيَادَةِ التَّبَحُّرِ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ فِي الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ، وَأَمَّا فِيهِ فَهُوَ كَالْقَاضِي، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُفْتِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ: (فَإِنْ جُهِلَ) السَّابِقُ (أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ) إذْ لَا مُرَجِّحَ، وَمِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ بِرِقَاعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رُقْعَةً رُقْعَةً فَكُلُّ مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ قَدَّمَهُ، وَالْأَوْلَى لَهُمْ تَقْدِيمُ مَرِيضٍ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ فَإِنْ امْتَنَعُوا قَدَّمَهُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَطْلُوبًا؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ (وَيُقَدَّمُ) نَدْبًا (مُسَافِرُونَ) أَيْ: مُرِيدُونَ لِلسَّفَرِ الْمُبَاحِ، وَإِنْ قَصَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى مُقِيمِينَ (مُسْتَوْفِزُونَ) مُدَّعُونَ، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَتَضَرَّرُوا بِالتَّأَخُّرِ عَنْ رُفْقَتِهِمْ (وَنِسْوَةٌ) كَذَلِكَ عَلَى رِجَالٍ، وَكَذَا عَلَى خَنَاثَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ تَأَخَّرُوا) لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ (مَا لَمْ يُكْثِرُوا) أَيْ: النَّوْعَانِ، وَغَلَّبَ الذُّكُورَ لِشَرَفِهِمْ فَإِنْ كَثُرُوا بِأَنْ كَانُوا قَدْرَ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ أَكْثَرَ فَكَالْمُقِيمِينَ كَذَا قَالَاهُ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمَا تُفْهِمُ اعْتِبَارَ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بَعْدَهَا فَتَقْدِيمُ الثَّانِي هُنَا لَيْسَ إلَّا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَقْتَ دَعْوَى الثَّانِي غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا لِبُطْلَانِ حَقِّ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْكَافِرُ إلَخْ.) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ إلَخْ. أَيْ: مُسْلِمُونَ، أَوْ كُفَّارٌ. اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ الْمَسْبُوقُ) أَيْ: مَا لَمْ يَكْثُرْ الْمُسْلِمُونَ، وَيُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ م ر فَيُقَدَّمُ الْكَافِرُ ابْتِدَاءً. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَالْعَرُوضِ) أَيْ: إنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُشْتَرَطُ إلَخْ.) مُتَعَلِّقٌ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِيهِ) أَيْ: فِي الْفَرْضِ، وَلَوْ كِفَايَةً (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْقَاضِي) أَيْ: وَجَبَ تَقْدِيمُ السَّابِقِ، وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ السَّابِقِ أَيْ: حَيْثُ تَعَيَّنَ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْقَاضِي، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي التَّاجِرِ، وَنَحْوِهِ مِنْ السُّوقَةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لِاضْطِرَارِ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْخِيَرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ لَيْسَ وَاجِبًا، بَلْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِ بَعْضِ الْمُشْتَرِينَ، وَيَبِيعَ بَعْضًا، وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ، ثُمَّ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْمُزْدَحِمِينَ عَلَى مُبَاحٍ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الطَّوَاحِينِ بِالرِّيفِ الَّتِي أَبَاحَ أَهْلُهَا الطَّحْنَ بِهَا لِمَنْ أَرَادَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَالِكِينَ، أَمَّا هُمْ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ غَيْرَهُمْ مُسْتَعِيرٌ مِنْهُمْ، وَإِذَا اجْتَمَعُوا أَيْ: الْمَالِكُونَ، وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ جَاءُوا مُرَتَّبِينَ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْمَنْفَعَةِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُفْتِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْمُفْتِي، وَالْمُدَرِّسُ يُقَدَّمَانِ عِنْدَ الِازْدِحَامِ أَيْضًا بِالسَّبْقِ، أَوْ بِالْقُرْعَةِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَعْلَمُهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَالِاخْتِيَارُ إلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ مَنْ شَاءَ انْتَهَتْ فَمَا مَوْقِعُ قَوْلِهِ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْمُوهِمُ أَنَّهُ بَحْثٌ لَهُ، وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ اسْتِحْضَارِهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ، وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ، وَالِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي، وَالْمُدَرِّسِ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضًا، وَلَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَإِلَّا فَالْخِيَرَةُ إلَى الْمُفْتِي، وَالْمُدَرِّسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ) أَوْ عُلِمَ، وَنُسِيَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إذْ لَا مُرَجِّحَ) فَإِنْ آثَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا جَازَ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْإِقْرَاعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى لَهُمْ تَقْدِيمُ مَرِيضٍ إلَخْ.) وَمَنْ لَهُ مَرِيضٌ بِلَا مُتَعَهِّدٍ يُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِالْمَرِيضِ. اهـ. نِهَايَةٌ، وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَطْلُوبًا) أَيْ: لَا إنْ كَانَ طَالِبًا؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ أَيْ: وَالطَّالِبُ مُجْبِرٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَيُقَدَّمُ مُسَافِرُونَ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ لَا يُقَدِّمُ الْقَاضِي بَعْضَ الْمُدَّعِينَ عَلَى بَعْضٍ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ أَشَارَ لِلْأُولَى مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ: وَيُقَدِّمُ إلَخْ. وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: وَنِسْوَةٌ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ، وَالنِّسْوَةِ الْحَصْرَ فِيهِمَا، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْمَرِيضُ كَمَا سَبَقَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَنْ لَهُ مَرِيضٌ بِلَا مُتَعَهِّدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَضَرَّرَ، وَإِلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مُتَعَلِّقُ الْبَاءِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ نَدْبًا مُسَافِرُونَ مُسْتَوْفِزُونَ أَيْ: مُتَهَيِّئُونَ لِلسَّفَرِ خَائِفُونَ مِنْ انْقِطَاعِهِمْ إنْ تَأَخَّرُوا عَلَى مُقِيمِينَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرُوا بِالتَّخَلُّفِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَنِسْوَةٌ كَذَلِكَ عَلَى رِجَالٍ) أَيْ: طَلَبًا لِسَتْرِهِنَّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بِأَنْ كَانُوا إلَى يُقَدَّمُ مِنْهُمْ، وَإِلَى قَوْلِهِ: وَأَوَّلَ الْأَذْرَعِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: بِأَنْ كَانُوا إلَى يُقَدَّمُ، وَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَى وَيُجَابُ، وَقَوْلُهُ: نَعَمْ إلَى، وَلِلْحَاكِمِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا لَيْسَ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: فَمِنْ ثَمَّ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ إلَى قَالَ جَمْعٌ إلَخْ.
وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: مُدَّعَاتٌ، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِنَّ (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَإِنْ تَأَخَّرُوا إلَخْ.) أَيْ: الْمُسَافِرُونَ، وَالنِّسْوَةُ فِي الْمَجِيءِ إلَى الْقَاضِي. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ: النَّوْعَانِ) تَفْسِيرٌ لِفَاعِلِ كُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَغَلَبَ) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ الذُّكُورُ أَيْ: الْمُسَافِرُونَ عَلَى النِّسْوَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانُوا إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، فَإِنْ كَثُرُوا، أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ، أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ، أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَعَارَضَ إلَخْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَقْدِيمُ الثَّانِي لَيْسَ إلَّا لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَقْتَ دَعْوَى الثَّانِي غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا لِبُطْلَانِ حَقِّ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ش م ر (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَصْلُهَا فَيُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ كَمُدَرِّسٍ إلَخْ.) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ فِيهِ تَعْطِيلٌ، وَتَطْوِيلٌ بِلَا نِزَاعٍ انْتَهَى، وَمَفْهُومُهُ حِلُّ الدَّفْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى لَهُمْ تَقْدِيمُ مَرِيضٍ إلَخْ.)
كَذَا ش م ر إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ) كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ