يَوْمِهِ إذْ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُ انْعِقَادِهَا مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ بَانَ أَنَّهَا فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ دُخُولِهِ بِأَمَارَةٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٍ أَنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمُبَادَرَةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ أَنَسٍ «كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّفَرِ فَقُلْنَا زَالَتْ الشَّمْسُ، أَوْ لَمْ تَزُلْ صَلَّى الظُّهْرَ» ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُمْ إنَّمَا شَكُّوا قَبْلَ صَلَاتِهِ بِهِمْ لِاسْتِحَالَةِ شَكِّهِمْ مَعَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهَذَا أَيْ الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى وَمِثْلُهُ إخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ وَفِي مَعْنَاهُ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ وَيَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُهُ فِي الْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْوَقْتِ غَالِبًا نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ تَقْلِيدُهُ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إصَابَتُهُمْ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ أَخَذَ مِنْ بَعْضٍ وَإِلَّا فَهُمْ كَالْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ وَمِثْلُ الْعِلْمِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَزَاوِلِ الصَّحِيحَةِ، وَالْمَنَاكِبِ الصَّحِيحَةِ، وَالسَّاعَاتِ الْمُجَرَّبَةِ وَبَيْتُ الْإِبْرَةِ لِعَارِفٍ بِهِ فَهَذَا كُلُّهُ أَيْ الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ وَإِخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ وَأَذَانُهُ فِي الصَّحْوِ، وَالْمَزَاوِلُ، وَالْمَنَاكِبُ، وَالسَّاعَاتُ وَبَيْتُ الْإِبْرَةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ الِاجْتِهَادُ بِوِرْدٍ مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ دَرْسٍ، أَوْ مُطَالَعَةِ عِلْمٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَخِيَاطَةٍ وَصَوْتِ دِيكٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَحِمَارٍ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ بِذَلِكَ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِيهِ كَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي الْخِيَاطَةِ هَلْ أَسْرَعَ فِيهَا، أَوْ لَا؟ وَفِي أَذَانِ الدِّيكِ هَلْ قَبْلَ عَادَتِهِ أَوْ لَا وَهَكَذَا وَمَعْنَى كَوْنِ الِاجْتِهَادِ مَرْتَبَةً ثَانِيَةً أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِالنَّفْسِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاجْتِهَادِ فَلَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْبَصِيرِ
وَأَمَّا الْأَعْمَى فَلَهُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْعَجْزُ اهـ بِحَذْفٍ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ سِتٌّ: أَحَدُهَا إمْكَانُ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ بِيَقِينٍ ثَانِيهَا وُجُودُ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ ثَالِثُهَا رُتْبَةٌ دُونَ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ وَفَوْقَ الِاجْتِهَادِ وَهِيَ الْمَنَاكِيبُ الْمُحَرَّرَةُ، وَالْمُؤَذِّنُ الثِّقَةُ فِي الْغَيْمِ رَابِعُهَا إمْكَانُ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْبَصِيرِ خَامِسُهَا إمْكَانُهُ مِنْ الْأَعْمَى سَادِسُهَا عَدَمُ إمْكَانِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرِ فَصَاحِبُ الْأُولَى يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ حَيْثُ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الثَّالِثَةَ خُيِّرَ بَيْنَ الْأُولَى، وَالرَّابِعَةِ وَصَاحِبُ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى مَا دُونَهَا وَصَاحِبُ الثَّالِثَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَصَاحِبُ الرَّابِعَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ وَصَاحِبُ الْخَامِسَةِ تَخَيَّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّادِسَةِ وَصَاحِبُ السَّادِسَةِ يُقَلِّدُ ثِقَةً عَارِفًا اهـ
(قَوْلُهُ: يَوْمَهُ) أَيْ: يَوْمَ الْغَيْمِ بِخِلَافِ يَوْمِ الصَّحْوِ كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ وَفِي الْغَيْمِ كَالْمُجْتَهِدِ لَكِنْ لِلْبَصِيرِ تَقْلِيدُهُ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَقَاعَدُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يُقَلِّدُ الدِّيكَ، بَلْ يَجْتَهِدُ مَعَ سَمَاعِهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِهِ دُخُولُ الْوَقْتِ عَمِلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي سَمَاعِ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ يُقَلِّدُهُ بِمُجَرَّدِ اسْتِمَاعِهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ فَقِيَاسُهُ عَلَى الدِّيكِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ يُعْرَفُ مِمَّا تَقَرَّرَ فَلْيُحَرَّرْ، وَكَذَا صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ كَثْرَةَ الْمُؤَذِّنِينَ مُسْتَنَدُ الِاجْتِهَادِ كَمَا هُوَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ اتِّبَاعَهُمْ تَقْلِيدٌ لَهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي فَلَوْ صَلَّى بِلَا اجْتِهَادٍ أَعَادَ مُطْلَقًا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ أَفْضَلُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ إلَخْ) الْأَوْلَى الْأَخْصَرُ وَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمَ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: كُنَّا إذَا إلَخْ) خَبَرٌ؛ لِأَنَّ وَقَوْلُهُ صَلَّى الظُّهْرَ جَوَابٌ إذَا، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ جَوَابُ كَانَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي إلَخْ عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَوْ حَذَفَ؛ لِأَنَّ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ شَكِّهِمْ إلَخْ) دَعْوَى الِاسْتِحَالَةِ لَا وَجْهَ لَهَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَجْوِيزِهِمْ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِهِمْ اغْتِفَارَ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ سم أَقُولُ وَيَمْنَعُ الظُّهُورَ مَا يُشْعِرُ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْتَظِرًا مَعَهُمْ لِلزَّوَالِ (قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَعْنَى تَقْلِيدٌ لِمُجْتَهِدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ امْتِنَاعُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا أَخْبَرَ ثِقَةٌ عَنْ اجْتِهَادٍ إلَخْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الْمُجْتَهِدِ وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ كَالْمُجْتَهِدِ، وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَقَدْ يَكُونُ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرٍ أَقْوَى مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ فَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ الْخَطَأِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ رُتْبَةٌ بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ، وَالْمُجْتَهِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ تَقْلِيدُهُ م ر
(قَوْلُهُ: يَوْمَهُ) أَيْ: يَوْمَ الْغَيْمِ بِخِلَافِ يَوْمِ الصَّحْوِ كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ، وَفِي الْغَيْمِ كَالْمُجْتَهِدِ لَكِنْ لِلْبَصِيرِ تَقْلِيدُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ شَكِّهِمْ مَعَهَا) دَعْوَى الِاسْتِحَالَةِ لَا وَجْهَ لَهَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَجْوِيزِهِمْ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِهِمْ اغْتِفَارَ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ