وَلَا يَكْتَفِي عَنْهَا بِمَا سَبَقَ مِنْ الْجُعْلِ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ فَاحْتَاجَ إلَيْهَا وَفَارَقَتْ الْمَنْذُورَةُ الْآتِيَةَ بِأَنَّ صِيغَةَ الْجُعْلِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ اللُّزُومِ بِهَا مُنْحَطَّةً عَنْ النَّذْرِ فَاحْتَاجَتْ لِمَقُولِهَا وَهُوَ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ نَعَمْ لَوْ اُقْتُرِنَتْ بِالْجُعْلِ كَفَتْ عَنْهَا عِنْدَ الذَّبْحِ كَمَا يَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِإِفْرَازِ أَوْ تَعْيِينِ مَا يُضْحِي بِهِ فِي مَنْدُوبَةٍ وَوَاجِبَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَجُوزُ فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ الْإِفْرَازِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدَّفْعِ وَكُلُّ هَذَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ. إلَخْ وَقَدْ يُفْهِمُ أَيْضًا أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ ابْتِدَاءً بِنَذْرٍ لَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ عِنْدَ الذَّبْحِ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ لَا تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ أَصْلًا وَلَوْ عَيَّنَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِنَذْرٍ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ عِنْدَ الذَّبْحِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِأَنَّ ذَاكَ فِي مُجَرَّدِ التَّعْيِينِ بِالْجُعْلِ وَهَذَا فِي التَّعْيِينِ بِالنَّذْرِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ بِالْجُعْلِ (تَنْبِيهٌ)

مَا قَرَّرْت بِهِ عِبَارَتَهُ مِنْ أَنَّ وَكَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَزَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَهَا الْعَطْفُ عَلَى الْمَنْفِيِّ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْجُعْلِ كَهُوَ بِالنَّذْرِ تَكَلُّفٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ كَالرَّوْضَةِ مَا قَدَّمْته مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

(تَنْبِيهٌ ثَانٍ) أَطْبَقُوا فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِيهِمَا حَيْثُ وَجَبَتْ أَوْ نُدِبَتْ تَكُونُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ لَا تَأْخِيرُهَا عَنْهُ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ فِي مَبْحَثِ دِمَاءِ النُّسُكِ وَأَقَرَّهُمْ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا عِنْدَ التَّفْرِقَةِ وَعَلَيْهِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا كَالزَّكَاةِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ - وَالْهَدْيُ مِثْلُهَا - إرَاقَةُ الدَّمِ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ النَّفْسِ فَكَانَ وَقْتُ الْإِرَاقَةِ هُوَ الذَّبْحُ فَتَعَيَّنَ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهَا أَصَالَةً وَمِنْ دِمَاءِ النُّسُكِ جَبْرُ الْخَلَلِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِرْفَاقِ الْمَسَاكِينِ وَالْمُحَصِّلُ لِذَلِكَ هُوَ التَّفْرِقَةُ فَتَعَيَّنَ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهَا أَصَالَةً فَإِنْ قُلْت لِمَ جَازَ فِي كُلٍّ التَّقْدِيمُ عَمَّا تَعَيَّنَ دُونَ التَّأْخِيرِ فَمَاتَ لِأَنَّا عَهِدْنَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQاقْتِرَانُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ النِّيَّةِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الْمَجْعُولَةُ أُضْحِيَّةً (قَوْلُهُ: الْآتِيَةُ) أَيْ فِي قَوْلُهُ: وَيُفْهِمُ أَيْضًا أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ النَّذْرِ) أَيْ عَنْ صِيغَتِهِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَاحْتَاجَتْ) أَيْ صِيغَةُ الْجُعْلِ (قَوْلُهُ: لَوْ اقْتَرَنَتْ بِالْجُعْلِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مَعَ الْجُعْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آنِفًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَكْفِي اقْتِرَانُهَا إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاقْتِرَانِ هُنَا مَا يَشْمَلُ وُجُودَ النِّيَّةِ بَعْدَ الْإِفْرَازِ أَوْ التَّعْيِينِ وَقَبْلَ الدَّفْعِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ فِي الزَّكَاةِ عِنْد الْإِفْرَاز وَبَعْدَهُ إلَخْ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ وَهَذَا أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ جَوَازُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا فِي تَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَى تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ صُدُورُ النِّيَّةِ بَعْدَ تَعْيِينِ الْمَذْبُوحِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ لَمْ تَجُزْ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ حَيْثُ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ بَعْدَ إفْرَازِ الْمَالِ وَقَبْلَ الدَّفْعِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِذَلِكَ دُخُولُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ لَا فَرْقَ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِنَذْرٍ) بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ عِوَضًا عَمَّا فِي ذِمَّتِي بِالنَّذْرِ السَّابِقِ الْمُطْلَقِ اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَيْ بِلَا نِيَّةٍ عِنْدَ التَّعْيِينِ كَمَا يَأْتِي عَنْهُ وَعَنْ سم (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ إلَخْ) فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ أَنَّهُ إذَا سَبَقَ لَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ بَلْ أَنَّهُ تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ التَّعْيِينِ لَكِنْ قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفْهِمُ أَيْضًا إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ أَصْلًا إذَا سَبَقَ تَعْيِينٌ فَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَفْهُومَهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عَنْ التَّعْيِينِ وَسُقُوطِهَا رَأْسًا اهـ. سم

(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِمَا مَرَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَوَاجِبَةٌ مُعَيَّنَةٌ عَنْ نَذْرٍ إلَخْ لَكِنْ حَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ التَّعْيِينِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ هُنَا لَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَلَا عِنْدَ التَّعْيِينِ لِيَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لَهَا عِنْدَ الذَّبْحِ ثَابِتٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّنْبِيهُ اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ وَكَذَا عَطْفٌ إلَخْ) أَيْ مَعَ إرْجَاعِ اسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ السَّبْقِ عَلَى الْمُثْبَتِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَزَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَهَا الْعَطْفُ إلَخْ) أَيْ مَعَ إرْجَاعِ اسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى السَّبْقِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَنْفِيِّ) أَيْ مَفْهُومٌ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إلَخْ وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ إنْ سَبَقَ تَعْيِينٌ (قَوْلُهُ: كَهُوَ بِالنَّذْرِ) أَيْ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعَيْنِ) أَيْ آخَرَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنَّ التَّعْيِينَ بِالنَّذْرِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْجُعْلِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَجَبَتْ) أَيْ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ: أَوْ نُدِبَتْ) أَيْ كَالْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً، وَالْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِنَذْرٍ أَوْ بِجُعْلٍ أَوْ إفْرَازٍ مَقْرُونٍ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) سَكَتَ عَلَيْهِ سم وَسَيِّدُ عُمَرَ وَع ش (قَوْلُهُ: وَالْهَدْيُ مِثْلُهَا) جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: فَكَانَ وَقْتُ الْإِرَاقَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ دِمَاءِ النُّسُكِ يُتَأَمَّلُ فِيهِ وَلَعَلَّ حَقَّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ وَالْإِرَاقَةُ هُوَ الذَّبْحُ فَتَعَيَّنَ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ أَصَالَةً (قَوْلُهُ: قَدَّمْت فَرْقًا آخَرَ إلَخْ) أَيْ فِي الْحَجِّ فِي مَبْحَثِ الدِّمَاءِ عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الذَّبْحَ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إعْظَامُ الْحَرَمِ بِتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَوَجَبَ اقْتِرَانُهَا بِالْمَقْصُودِ دُونَ وَسِيلَتِهِ وَثَمَّ إرَاقَةُ الدَّمِ لِكَوْنِهَا فِدَاءً عَنْ النَّفْسِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا

ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِمَحَلِّ الْخِلَافِ

(قَوْلُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ عِنْدَ الذَّبْحِ) مُجَرَّدُ هَذَا لَا يُحْوِجُ لِفَرْقٍ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ إلَخْ) فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ أَنَّهُ إذَا سَبَقَ لَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ بَلْ إنَّهُ تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ التَّعْيِينِ لَكِنْ قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفْهَمُ أَيْضًا إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ أَصْلًا إذْ سَبَقَ تَعْيِينٌ فَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَفْهُومَهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عِنْدَ التَّعْيِينِ وَسُقُوطِهَا رَأْسًا (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَوَاجِبَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ حَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ التَّعْيِينِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015