كَمَا ذَكَرَهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ
وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْأُولَى الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ، بَلْ أَوْلَى قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُ الذَّكَرِ الْبَالِغِ أَيْ: الْعَاقِلِ لَا يُلْزَمُ بِصَغَارٍ مِمَّا مَرَّ، وَيَأْتِي كَالْجِزْيَةِ، وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى نَحْوُ الْغِيَارِ لِضَرُورَةِ التَّمْيِيزِ (وَيَلْجَأُ) وُجُوبًا عِنْدَ ازْدِحَامِ الْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقٍ (إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِنَحْوِ وُقُوعٍ فِي وَهْدَةٍ، أَوْ صَدْمَةِ جِدَارٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَمْشُونَ إلَّا أَفْرَادًا مُتَفَرِّقِينَ (تَنْبِيهٌ)
قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالْوُجُوبِ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي طَرِيقٍ أَنْ يُؤْثِرَهُ بِوَاسِعِهِ، وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ تَعْظِيمَهُ، أَوْ عُدَّ تَعْظِيمًا لَهُ عُرْفًا، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ لَا يُقَالُ هَذَا مِنْ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَسْقُطُ بِرِضَا الْمُسْلِمِ كَالتَّعْلِيَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْفَرْقُ وَاضِحٌ بِأَنَّ ذَاكَ ضَرَرُهُ يَدُومُ
وَهَذَا بِالْقَيْدَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتهمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَلَئِنْ سَلِمَ فَهُوَ يَنْقَضِي سَرِيعًا
(، وَلَا يُوَقَّرُ، وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ) بِهِ مُسْلِمٌ أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْنَا ذَلِكَ إهَانَةً لَهُ، وَتَحْرُمُ مُوَادَّتُهُ أَيْ: الْمَيْلُ إلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ وَصْفُ الْكُفْرِ، وَإِلَّا كَانَتْ كُفْرًا بِالْقَلْبِ، وَلَوْ نَحْوَ أَبٍ، وَابْنٍ، وَاضْطِرَارُ مَحَبَّتِهِمَا لِلتَّكَسُّبِ فِي الْخُرُوجِ عَنْهَا مَدْخَلٌ أَيُّ مَدْخَلٍ، وَتُكْرَهُ بِالظَّاهِرِ، وَلَوْ بِالْمُهَادَاةِ عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ لَمْ يَرْجُ إسْلَامَهُ، أَوْ يَكُنْ لِنَحْوِ رَحِمٍ، أَوْ جِوَارٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ كَعِيَادَتِهِ، وَتَعْزِيَتِهِ، وَتَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ كَمَا هُوَ، وَاقِعٌ وَلِلسُّيُوطِيِّ فِي ذَلِكَ تَصْنِيفٌ حَافِلٌ اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: خِدْمَةٍ تُؤَدِّي إلَى تَعْظِيمِهِمْ كَاسْتِخْدَامِهِمْ فِي الْمَنَاصِبِ الْمُحْوِجَةِ إلَى تَرَدُّدِ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمَرَاءِ كُلُّ مَنْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي أَمْرٍ عَامٍّ يَقْتَضِي تَرَدُّدَ النَّاسِ عَلَيْهِ كَنُظَّارِ الْأَوْقَافِ الْكَبِيرَةِ، وَكَمَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ، وَنَحْوِهِمَا، وَأَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى اسْتِخْدَامِهِ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَقَامَهُ فِي حِفْظِ الْمَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُمَا) أَيْ: الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ، وَالْمَنْعَ مِنْ الْخِدْمَةِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَيْ: الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمَّا غَيْرُ الذَّكَرِ الْبَالِغِ إلَخْ اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا النِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ، وَنَحْوُهُمَا فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ، وَأَقَرَّهُ اهـ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْغِيَارِ) كَالزُّنَّارِ، وَالتَّمْيِيزِ فِي الْحَمَّامِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْشُونَ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ: هَذَا) أَيْ: الْإِلْجَاءُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ: التَّعْلِيَةَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالْقَيْدَيْنِ إلَخْ) أَيْ: بِمَفْهُومِهِمَا مِنْ عَدَمِ قَصْدِ التَّعْظِيمِ، وَأَنْ لَا يُعَدَّ تَعْظِيمًا فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَلَئِنْ سَلِمَ) أَيْ: الضَّرَرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَمْرَيْنِ الضَّرَرِ، وَدَوَامِهِ، وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، أَوْ أَحَدِهِمَا رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَا يُوَقَّرُ) أَيْ: لَا يُفْعَلُ مَعَهُ أَسْبَابُ التَّعْظِيمِ اهـ. ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَا يُصَدَّرُ إلَخْ) أَيْ: ابْتِدَاءً، وَلَا دَوَامًا فَلَوْ كَانَ بِصَدْرِ مَكَان، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُ مُسْلِمُونَ بِحَيْثُ صَارَ هُوَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُهُ: بِهِ مُسْلِمٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ بِالْمُهَادَاةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لَا مِنْ حَيْثُ إلَى بِالْقَلْبِ، وَقَوْلَهُ: وَلَوْ نَحْوَ أَبٍ، وَابْنٍ، وَإِلَى قَوْلِهِ: أَخْذًا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَاضْطِرَارُ إلَى، وَتُكْرَهُ، وَقَوْلَهُ: وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إلَى، وَأُلْحِقَ.
(قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ مُوَادَّتُهُ أَيْ: الْمَيْلُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ مَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْإِحْسَانِ، أَوْ دَفْعُ مَضَرَّةٍ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا طُلِبَ حُصُولُ الْمَيْلِ بِالِاسْتِرْسَالِ فِي أَسْبَابِ الْمَحَبَّةِ بِالْقَلْبِ، وَإِلَّا فَالْأُمُورُ الضَّرُورِيَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ حَدِّ التَّكْلِيفِ، وَبِتَقْدِيرِ حُصُولِهَا يَسْعَى فِي دَفْعِهَا مَا أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِحَالٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِالْقَلْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوَادَّتُهُ اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَاضْطِرَارُ مَحَبَّتِهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، فَإِنْ قِيلَ: الْمَيْلُ الْقَلْبِيُّ لَا اخْتِيَارَ لِلشَّخْصِ فِيهِ أُجِيبَ بِإِمْكَانِ رَفْعِهِ بِقَطْعِ أَسْبَابِ الْمَوَدَّةِ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا مَيْلُ الْقَلْبِ كَمَا قِيلَ: الْإِسَاءَةُ تَقْطَعُ عُرُوقَ الْمَحَبَّةِ
(قَوْلُهُ: لِلتَّكَسُّبِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ: مَدْخَلٌ إلَخْ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ، وَاضْطِرَارُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ) أَيْ: الْمُوَادَّةُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَرْجُ إسْلَامَهُ) أَيْ: وَلَمْ يَرْجُ مِنْهُ نَفْعًا دُنْيَوِيًّا لَا يَقُومُ غَيْرُهُ فِيهِ مَقَامَهُ كَأَنْ فَوَّضَ لَهُ عَمَلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْصَحُهُ فِيهِ، وَيُخْلِصُ، أَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ دَفْعَ ضَرَرٍ عَنْهُ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ تَكُنْ إلَخْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ رَحِمٍ، أَوْ جِوَارٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَعِيَادَتِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْجَنَائِزِ فِي الْعِيَادَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ، فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَهُ قَرَابَةٌ، أَوْ جِوَارٌ، أَوْ نَحْوُهُمَا أَيْ: كَرَجَاءِ إسْلَامٍ اُسْتُحِبَّتْ، وَإِلَّا جَازَتْ أَيْ: الْعِيَادَةُ انْتَهَتْ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّعْزِيَةِ: وَعَبَّرَ الْأَصْلُ فِي تَعْزِيَةِ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ بِجَوَازِهَا، وَالْمَجْمُوعُ بِعَدَمِ نَدْبِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ كَالصَّرِيحِ فِي نَدْبِهَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْدَبَ تَعْزِيَةُ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ، أَوْ بِالْمُسْلِمِ إلَّا إذَا رُجِيَ إسْلَامُهُ انْتَهَى، وَقَالَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ: وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ مَسِّهِ أَيْ: الْقُرْآنِ لَا سَمَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَانِدًا لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ، وَيُمْنَعُ تَعَلُّمَهُ فِي الْأَصَحِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّصِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالْقَيْدَيْنِ إلَخْ.) يُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ كَعِيَادَتِهِ، وَتَعْزِيَتِهِ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْجَنَائِزِ فِي الْعِيَادَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَهُ قَرَابَةٌ، أَوْ جِوَارٌ، أَوْ نَحْوُهُمَا أَيْ: كَرَجَاءِ إسْلَامٍ اُسْتُحِبَّتْ، وَإِلَّا جَازَتْ أَيْ: الْعِيَادَةُ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي التَّعْزِيَةِ: وَعَبَّرَ يَعْنِي: الْأَصْلَ فِي تَعْزِيَةِ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ بِجَوَازِهَا، وَفِي الْمَجْمُوعِ بِعَدَمِ نَدْبِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ كَالصَّرِيحِ فِي نَدْبِهَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْدَبَ تَعْزِيَةُ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ، أَوْ بِالْمُسْلِمِ إلَّا إذَا رُجِيَ إسْلَامُهُ. اهـ. وَقَالَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ: وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ مَسِّهِ أَيْ: الْقُرْآنِ لَا سَمَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَانِدًا لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ، وَيُمْنَعُ تَعَلُّمُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ جَازَ تَعَلُّمُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَقَالَ قُبَيْلَ السَّجَدَاتِ هُوَ وَالْمَتْنُ مَا نَصُّهُ، وَيُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ فِيهِ أَيْ: فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ، وَنَحْوِهِ كَفِقْهٍ، وَحَدِيثٍ رَجَاءَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ بِأَنْ كَانَ حَالُهُ يُشْعِرُ بِالِاسْتِهْزَاءِ، وَالْعِنَادِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ. اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ