إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ هُنَا فِي ابْتِدَاءِ مَنْ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ السُّنِّيَّةِ هُنَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ هُوَ مُخَالَفَةُ نَوْعٍ مِنْ الْأَدَبِ، وَخَرَجَ بِالتَّلَاقِي الْجَالِسُ وَالْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ فَكُلُّ مَنْ وَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ تَرَتَّبَا كَانَ الثَّانِي جَوَابًا أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَحْدَهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِلَّا لَزِمَ كُلًّا الرَّدُّ.

(تَتِمَّةٌ)

لَا يَسْتَحِقُّ مُبْتَدِئٌ بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ بِالْخَيْرِ أَوْ قَوَّاك اللَّهُ جَوَابًا، وَدُعَاؤُهُ لَهُ فِي نَظِيرِهِ حَسَنٌ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِإِهْمَالِهِ تَأْدِيبَهُ؛ لِتَرْكِهِ سُنَّةَ السَّلَامِ وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ، وَقَالَ كَثِيرُونَ: حَرَامٌ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ وَعَنْ الْتِزَامِ الْغَيْرِ وَتَقْبِيلِهِ، وَأَمَرَ بِمُصَافَحَتِهِ.

وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِكَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ بِالرَّأْسِ وَتَقْبِيلِ نَحْوِ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَا سِيَّمَا لِنَحْوِ غَنِيٍّ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.» وَيُنْدَبُ ذَلِكَ لِنَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ شَرَفٍ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَبَّلَ يَدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَيُسَنُّ الْقِيَامُ لِمَنْ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ نَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخْشَى مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا عَظِيمًا أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، فِيمَا يَظْهَرُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّاخِلِ أَنْ يُحِبَّ قِيَامَهُمْ لَهُ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.» ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَحَبَّ قِيَامَهُمْ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ طَلَبًا لِلتَّكَبُّرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَخَفُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْأَوَّلِ إذْ هُوَ التَّمْثِيلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً؛ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَقَدْ قَبَّلَ الْحَسَنَ» «وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَشْرَةٌ مِنْ الْأَوْلَادِ مَا قَبَّلْتهمْ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ»

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْقَلِيلِ اهـ سم (قَوْلُهُ إلَّا مَا اسْتَثْنَى) وَهُوَ مُسْتَمِعُ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ هُنَا) إشَارَةٌ إلَى مَا فِي قَوْلِهِ وَيُسَنُّ عِنْدَ التَّلَاقِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ لَعَلَّهُ أَظْهَرُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يُنْدَبْ إلَخْ) كَنَحْوِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ: فِي سَلَامِ نَحْوِ الْكَبِيرِ عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحْدَهُ إلَى وَإِلَّا، وَقَوْلُهُ وَقَالَ: إلَى وَأَفْتَى وَقَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَى وَيُنْدَبُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى وَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ إلَى وَاسْتِمْرَارُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبًا إلَى أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِدُ صَغِيرًا أَمْ لَا قَلِيلًا أَمْ لَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ) أَيْ: مِنْ اثْنَيْنِ تَلَاقَيَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَا مَعًا.

(قَوْلُهُ لَا يَسْتَحِقُّ مُبْتَدِئٌ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشَمِّتْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَقَالَ إلَى وَأَفْتَى، وَقَوْلُهُ لَا سِيَّمَا إلَى وَيُنْدَبُ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إلَى وَيُسَنُّ، وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ إلَى وَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ: بِمُهْمَلَةٍ إلَى إذَا حَمِدَ، وَقَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ إلَى وَإِجَابَةُ مُشَمِّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ مُبْتَدِئٌ بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ إلَخْ) وَأَمَّا التَّحِيَّةُ بِالطَّلْبَقَةِ وَهِيَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك فَقِيلَ: بِكَرَاهَتِهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ، أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ فَالدُّعَاءُ بِذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ اهـ مُغْنِي زَادَ الْأَسْنَى بَلْ حَرَامٌ اهـ.

(قَوْلُهُ جَوَابًا) أَيْ: بِحَسَبِ أَصْلِ الشَّرْعِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ ضَرَرٍ إنْ لَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُ الْجَوَابِ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ لِعَارِضٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِإِهْمَالِهِ إلَخْ) أَيْ: فَتَرْكُ الدُّعَاءِ لَهُ أَحْسَنُ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا لِنَحْوِ غِنًى) كَشَوْكَةٍ وَوَجَاهَةٍ فَشَدِيدُ الْكَرَاهَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ ذَلِكَ) دَخَلَ فِيهِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ لِنَحْوِ صَلَاحٍ) أَيْ: مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَكِبَرِ سِنٍّ وَزُهْدٍ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش مِنْ النَّحْوِ الْمُعَلِّمِ الْمُسْلِمِ اهـ.

وَقَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ أَيْ: وِلَايَةِ حُكْمٍ كَالْقَاضِي رَشِيدِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ مَصْحُوبَةٍ إلَخْ) صِفَةُ وِلَايَةٍ (قَوْلُهُ بِصِيَانَةٍ) أَيْ: عَنْ خِلَافِ الشَّرْعِ وَيَظْهَرُ أَنَّ صِيَانَةَ كُلِّ زَمَنٍ بِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَيْرُ الْأُخْرَوِيُّ كَالْمُعَلِّمِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ الْحَدِيثَ الْمَارَّ سَيِّدُ عُمَرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْخَيْرِ الْأُخْرَوِيِّ نَحْوُ الْإِنْفَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحْتَاجِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ: هَذَا الْقِيَامُ اهـ أَسْنَى.

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْإِعْظَامِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ: قَوْلَهُ وَيَحْرُمُ وَكَذَا ضَمِيرُ حَمْلِهِ (قَوْلُهُ وَحَمْلِهِ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ عِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَالْمُرَادُ بِتَمَثُّلِهِمْ لَهُ قِيَامًا أَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَمِثْلُهُ حُبُّ الْقِيَامِ لَهُ تَفَاخُرًا وَتَطَاوُلًا عَلَى الْأَقْرَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاسْتِمْرَارَهُ) أَيْ: قِيَامِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَبًا) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبًا إلَخْ قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ: الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَيْ: وَالْمُغْنِي وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ لَا يُشْتَهَى وَلَوْ لِغَيْرِهِ، وَأَطْرَافُ شَفَتِهِ مُسْتَحَبٌّ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَجْهُ طِفْلٍ) بَلْ أَيُّ مَحَلٍّ فِيهِ وَلَوْ فِي الْفَمِ وَقَوْلُهُ طِفْلٌ أَيْ: لَا يُشْتَهَى ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى

ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ: كَالْكَثِيرِ، وَقَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ أَيْ: كَالْقَلِيلِ. (قَوْلُهُ: هُنَا) إشَارَةٌ إلَى مَا فِي قَوْلِهِ: وَيُسَنُّ عِنْدَ التَّلَاقِي عَنْهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: فَكُلُّ مَنْ وَرَدَ) وَلَوْ كَثِيرًا وَقَلِيلًا

(قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ ذَلِكَ) دَخَلَ فِيهِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015