كَمَا يَأْتِي، وَمُقَلَّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي.
وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُنْكِرُ إبَاحَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِالنِّسْبَةِ لِفَاعِلِهِ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَلَيْسَ لِعَامِّيٍّ يَجْهَلُ حُكْمَ مَا رَآهُ أَنْ يُنْكِرَهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ، وَلَا لِعَالِمٍ أَنْ يُنْكِرَ مُخْتَلَفًا فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ الْفَاعِلِ أَنَّهُ حَالَ ارْتِكَابِهِ مُعْتَقِدٌ لِتَحْرِيمِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ قَلَّدَ مَنْ يَرَى حِلَّهُ أَوْ جَهِلَ حُرْمَتَهُ، أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَرَى إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ نُدِبَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا شَرِبَ نَبِيذًا يَرَى إبَاحَتَهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ، وَلَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ فِي ذِمِّيٍّ رُفِعَ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ تَأَلُّفِهِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ، أَمَّا هُوَ فَيُنْكِرُ وُجُوبًا عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ سُنَّةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْأَذَانِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِهِمَا، وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ إنْكَارُ ذَلِكَ لِقِتَالِ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقَاتِ كَلِمَاتِهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَمُقَلِّدِ مَنْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ فَاعْتِقَادُهُ الْحِلَّ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم أَيْ فَإِذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدِ مُمْتَنِعٍ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ مُحَرَّمًا عِنْدَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ) أَيْ مُحَرَّمٌ فِي اعْتِقَادِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا لِعَالِمٍ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَلَا عَلَى عَالِمٍ إلَخْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ حُرْمَتَهُ) صَرِيحٌ أَنَّ جَهْلَ التَّحْرِيمِ مِنْ الْفَاعِلِ مَانِعٌ مِنْ الْإِنْكَارِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِإِنْكَارٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَذِيَّةٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ لَكِنَّهُ يُرْشِدُهُ بِأَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْحُكْمَ وَيَطْلُبَ فِعْلَهُ مِنْهُ بِلُطْفٍ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَرْفُقُ فِي التَّغْيِيرِ بِمَنْ يَخَافُ شَرَّهُ وَبِالْجَاهِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَدْعَى إلَى قَبُولِهِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمُقَلِّدِ مَنْ لَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ نُدِبَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّدْبِ هُنَا الطَّلَبُ وَالدُّعَاءُ عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ لَا النَّدْبُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ وَع ش (قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ إلَخْ) أَيْ اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَقَوْلُهُ: بِرِفْقٍ مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَحَسَنٌ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلَافٍ آخَرَ أَوْ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ لِقَاضٍ شَافِعِيٍّ مُخَالِفٍ صَلَّى مَعَ عَدَمِ تَسْبِيعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ أَوْ مَعَ الطُّهْرِ بِمُسْتَعْمَلٍ أَوْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ فِي اعْتِقَادِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِتَعْزِيرِهِ وَلَا نَحْوِهِ كَمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَفْظُهُ وَلِذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. اهـ. سم وَيَأْتِي عَنْ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ إلَخْ) (تَنْبِيهٌ)
يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصِبَ مُحْتَسِبًا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالْمُحْتَسِبِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا وَكَذَا بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ وَلَا يَأْمُرُ الْمُخَالِفِينَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ بِمَا لَا يُجَوِّزُونَهُ وَلَا يَنْهَاهُمْ عَمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ أَوْ سُنَّةً لَهُمْ وَيَأْمُرُ بِمَا يَعُمُّ نَفْعُهُ كَعِمَارَةِ سُورِ الْبَلَدِ وَمَشْرَبِهِ وَمَعُونَةِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَيَجِبُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَنْهَى الْمُوسِرَ عَنْ مَطْلِ الْغَرِيمِ إنْ اسْتَعْدَاهُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ وَيَنْهَى الرَّجُلَ عَنْ الْوُقُوفِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ رِيبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَعَهَا فِي طَرِيقٍ يَطْرُقُهُ النَّاسُ وَيَأْمُرُ النِّسَاءَ بِإِيفَاءِ الْعِدَدِ وَالْأَوْلِيَاءَ بِنِكَاحِ الْأَكْفَاءِ وَالسَّادَةَ بِالرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ وَأَصْحَابَ الْبَهَائِمِ بِتَعَهُّدِهَا وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا لَا تُطِيقُ، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَالْوَعْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُشْهِرُ أَمْرَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ.
وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ أَسَرَّ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ أَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ وَعَكْسِهِمَا أَيْ وَمَنْ جَهَرَ فِي سَرِيَّةٍ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْأَذَانِ وَلَا يُنْكِرُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قَبْلَ الِاسْتِعْدَاءِ مِنْ ذِي الْحَقِّ عَلَيْهِ وَلَا يَحْبِسُ وَلَا يَضْرِبُ لِلدَّيْنِ وَيُنْكِرُ عَلَى الْقُضَاةِ إنْ احْتَجَبُوا عَنْ الْخُصُومِ أَوْ قَصَّرُوا فِي النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ وَعَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الْمَطْرُوقَةِ إنْ طَوَّلُوا الصَّلَاةَ وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ لِمَا يُخْشَى فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ وَلَيْسَ لَهُ حَمْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمُقَلِّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ) عَلَامَ الْعَطْفُ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمُقَلَّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي) أَيْ: فَإِذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ مُمْتَنِعٍ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ مُحَرَّمًا عِنْدَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ؛ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ لِقَاضٍ شَافِعِيٍّ مُخَالِفٌ صَلَّى مَعَ عَدَمِ تَسْبِيعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ أَوْ مَعَ الطُّهْرِ بِمُسْتَعْمَلٍ، أَوْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِتَعْزِيرٍ وَلَا نَحْوِهِ كَمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَفْظُهُ: وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا اهـ. وَهُوَ بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ إنْكَارُ ذَلِكَ لِقِتَالٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيَسُوغُ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَصُدَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إلَى نَصْبِ قِتَالٍ وَشَهْرِ سِلَاحٍ، فَإِنْ انْتَهَى الْأَمْرُ إلَى ذَلِكَ رَبَطَ الْأَمْرَ بِالسُّلْطَانِ. اهـ.