(تَنْبِيهٌ)
وَقَعَ فِي مَتْنِ الْمَوَاقِفِ وَتَبِعَهُ السَّيِّدُ فِي شَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ نَحْوَ السُّجُودِ لِنَحْوِ الشَّمْسِ مِنْ مُصَدِّقٍ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفْرٌ إجْمَاعًا ثُمَّ وَجَّهَ كَوْنَهُ كُفْرًا بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ ظَاهِرًا وَنَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَلِذَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ إيمَانِهِ لَا لِأَنَّ عَدَمَ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَاعْتِقَادِ الْأُلُوهِيَّةِ بَلْ سَجَدَ لَهَا وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ فِي الظَّاهِرِ ثُمَّ قَالَا مَا حَاصِلُهُ أَيْضًا لَا يَلْزَمُ عَلَى تَفْسِيرِ الْكُفْرِ بِأَنَّهُ عَدَمُ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ ضَرُورَةُ تَكْفِيرِ مَنْ لَبِسَ الْغِيَارَ مُخْتَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ فِي الْكُلِّ وَذَلِكَ لِأَنَّنَا جَعَلْنَا الظَّنَّ الصَّادِرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ عَلَامَةً عَلَى الْكُفْرِ أَيْ بِنَاءً هُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ اللُّبْسَ رِدَّةٌ فَحَكَمَنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ غَيْرُ مُصَدِّقٍ حَتَّى لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ شَدَّهُ لَا لِاعْتِقَادِ حَقِيقَةِ الْكُفْرِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ الشَّمْسِ انْتَهَى، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اعْتَمَدَاهُ أَوَّلًا أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ ثُمَّ حَكَيَا عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّهُ التَّصْدِيقُ مَعَ الْكَلِمَتَيْنِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ اتَّضَحَ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّهُ لَا كُفْرَ بِنَحْوِ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ لِمَا مَرَّ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ نَحْوَ عَدَمِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَهُ حَيْثِيَّتَانِ النَّجَاةُ فِي الْآخِرَةِ وَشَرْطُهَا التَّصْدِيقُ فَقَطْ وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَمَنَاطُهَا النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَرَمْيِ الْمُصْحَفِ بِقَاذُورَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي حَكَمَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهَا كُفْرٌ فَالنُّطْقُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا، هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ شَطْرًا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رُكْنٌ حَقِيقِيٌّ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالْإِكْرَاهِ بَلْ إنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ التَّصْدِيقُ إذْ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَطْرًا وَلَا شَرْطًا الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ «يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ» قِيلَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ النُّطْقُ فِي الْإِيمَانِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ شَطْرٌ أَوْ شَرْطٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ مَنَعَ الْإِجْمَاعَ وَحَكَمَ بِكَوْنِهِ مُؤْمِنًا، وَأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ النُّطْقِ كَالْمَعَاصِي الَّتِي تُجَامِعُ الْإِيمَانَ وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَنْظُرُوا لِأَخْذِ النَّوَوِيِّ بِقَضِيَّةِ الْإِجْمَاعِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النُّطْقَ اخْتِيَارًا مُخَلَّدٌ أَبَدًا فِي النَّارِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهُ شَطْرٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ بِانْتِفَائِهِ تَنْتَفِي الْمَاهِيَّةُ لَكِنْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ حَافِظِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ كَوْنُ النُّطْقِ شَرْطًا لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ لَا لِصِحَّةِ الْإِيمَانِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَعَلَيْهِ الْمَاتُرِيدِيُّ اهـ وَلَا يُشْكِلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ إلَخْ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ عَلَى الشَّمَائِلِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ اهـ أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يَصِلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ اهـ ع ش
. (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي مَتْنِ الْمَوَاقِفِ إلَخْ) إنَّمَا عَبَّرَ بِوَقَعَ الْمَعْرُوفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْخَطَأِ لِمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إلَخْ مِنْ اعْتِمَادِهِ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي اشْتِرَاطَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ النَّاطِقِ فِي الْإِسْلَامِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: بِمَا جَاءَ بِهِ إلَخْ) أَيْ بِجَمِيعِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَّهَ) أَيْ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (قَوْلُهُ: فَلِذَلِكَ) أَيْ لِدَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: لَا لِأَنَّ عَدَمَ السُّجُودِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ عُلِمَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى النَّفْيِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَا مَا حَاصِلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَوَاقِفِ، وَهُوَ أَيْ الْكُفْرُ خِلَافُ الْإِيمَانِ فَهُوَ عِنْدَنَا عَدَمُ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي بَعْضِ مَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ ضَرُورَةً فَإِنْ قِيلَ فَشَادُّ الزُّنَّارِ وَلَابِسُ الْغِيَارِ بِالِاخْتِيَارِ لَا يَكُونُ كَافِرًا إذَا كَانَ مُصَدِّقًا لَهُ فِي الْكُلِّ، وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا قُلْنَا جَعَلْنَا الشَّيْءَ الصَّادِرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ عَلَامَةَ التَّكْذِيبِ فَحَكَمْنَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَيْ بِكَوْنِهِ كَافِرًا غَيْرَ مُصَدِّقٍ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ شَدَّ الزُّنَّارَ لَا لِتَعْظِيمِ دِينِ النَّصَارَى وَاعْتِقَادِ حَقِيقَتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ كَمَا مَرَّ فِي سُجُودِ الشَّمْسِ انْتَهَتْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَيْ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ حَاصِلُهُ أَيْضًا إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ) صَوَابُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ إذَا كَانَ مُصَدِّقًا لَهُ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: الظَّنَّ) صَوَابُهُ الشَّيْءَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ أَوْ اللُّبْسَ (قَوْلُهُ: أَيْ بِنَاءً هُنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ جَعَلْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَحَكَمْنَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ جَعَلْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَحَكَمْنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) بَلْ وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا إذَا وُجِدَ النُّطْقُ بِالْكَلِمَتَيْنِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا كُفْرَ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ بِنَحْوِ السُّجُودِ أَيْ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَاعْتِقَادِ الْأُلُوهِيَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّارِحِ) أَيْ السَّيِّدِ
(قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ) أَيْ أَنَّ الْإِيمَانَ التَّصْدِيقُ فَقَطْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: حَيْثِيَّتَانِ) أَيْ ثَمَرَتَانِ (قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ اشْتِرَاطِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَعَدَمِ نَحْوِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الدُّنْيَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ النَّجَاةُ إلَخْ أَيْ وَثَانِيَةُ الْحَيْثِيَّتَيْنِ إجْرَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنَاطُهَا) أَيْ مَنَاطُ حَيْثِيَّةِ إجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَالْإِكْرَاهِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْإِكْرَاهُ لَا يَمْنَعُ النُّطْقَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بِدُونِ النُّطْقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَعَلَهُ شَطْرًا أَرَادَ أَنَّهُ شَطْرٌ مَجَازِيٌّ وَمَنْ جَعَلَهُ شَرْطًا أَرَادَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْإِجْرَاءِ لَا لِلْحُصُولِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: قِيلَ يَلْزَمُ) أَيْ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ النُّطْقِ شَطْرًا وَلَا شَرْطًا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُصَدِّقِ التَّارِكِ لِلنُّطْقِ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِامْتِنَاعَ إلَخْ) أَيْ وَبِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَضِيَّةِ الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ مَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ مَذْهَبَ الْمُتَكَلِّمِينَ اهـ كُرْدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ كَوْنُ الْأَوَّلِ مَذْهَبَ الْمُتَكَلِّمِينَ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ النَّسَفِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .