أَوْ عِنَادًا لَهُ (أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ الْمُصْحَفِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ قَالَ الرُّويَانِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَزَعَمَ الْجُوَيْنِيُّ إلَى نَعَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنَادًا لَهُ) قَدْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُ فِي الِاسْتِهْزَاءِ فَإِنَّ الْعِنَادَ لَا يَخْلُو عَنْ اسْتِهْزَاءٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ) يَشْمَلُ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ.
(فَائِدَةٌ)
لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مُصَنَّفٌ حَافِلٌ جَلِيلٌ سَمَّاهُ تَنْزِيهَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْبِيَاءِ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ وَاسْتِفَادَةَ مَا فِيهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَطَّرَ فِي فَتَاوِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: وَقَعَ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ رَجُلًا فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا سَبٌّ كَثِيرٌ فَنَسَبَ أَحَدُهُمَا الْآخِرَ إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ ذَاكَ تَنْسُبُنِي إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ وَالِدُ الْقَائِلِ الْأَنْبِيَاءُ رَعَوْا الْمِعْزَى أَوْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْمِعْزَى وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَتَرَافَعُوا إلَى الْحُكَّامِ، فَسُئِلْتُ مَاذَا يَلْزَمُ الَّذِي ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَدِلًّا بِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ التَّعْزِيرُ الْبَلِيغُ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُضْرَبَ مَثَلًا لِآحَادِ النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ فِي مَقَامِ التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ وَالتَّصْنِيفِ وَتَقْرِيرِ الْعِلْمِ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ وَهَذَا لَا إنْكَارَ عَلَيْهِ
وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْخِصَامِ وَالتَّبَرِّي مِنْ مَعَرَّةٍ أَوْ نَقْصٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا مَحَلُّ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْعَوَامّ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَفِي التَّفَاوُضِ فِي السَّبِّ وَالْقَذْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَلِكُلِّ مَحَلٍّ حُكْمٌ يُنَاسِبُهُ
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّا يَقَعُ فِي الْمَوَالِدِ مِنْ بَعْضِ الْوُعَّاظِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ الْحَفِلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مُخْرِجَاتٍ، هِيَ مُخِلَّةٌ بِكَمَالِ التَّعْظِيمِ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ السَّامِعِينَ لَهَا حُزْنٌ وَرِقَّةٌ فَيَبْقَى فِي حَيِّزِ مَنْ يُرْحَمُ لَا مَنْ يُعَظَّمُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْمَرَاضِعَ حَضَرْنَ وَلَمْ يَأْخُذْنَهُ لِعَدَمِ مَالِهِ إلَّا حَلِيمَةَ رَغِبَتْ فِي رَضَاعِهِ شَفَقَةً وَيَقُولُونَ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْعَى غَنَمًا وَيُنْشِدُونَ
بِأَغْنَامِهِ سَارَ الْحَبِيبُ إلَى الْمَرْعَى ... فَيَا حَبَّذَا رَاعٍ فُؤَادِي لَهُ يَرْعَى
وَفِيهِ
فَمَا أَحْسَنَ الْأَغْنَامَ وَهْوَ يَسُوقُهَا
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَكُونُ فَطِنًا أَنْ يَحْذِفَ مِنْ الْخَبَرِ مَا يُوهِمُ فِي الْمُخْبَرِ عَنْهُ نَقْصًا وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ انْتَهَى وَأَطَالَ فِي هَذَا الْمُؤَلَّفِ بِفَوَائِدَ نَفِيسَةٍ وَاحْتِجَاجَاتٍ نَقْلِيَّةٍ وَمَعْنَوِيَّةٍ يَتَعَيَّنُ اسْتَفَادَتْهَا اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) ظَاهِرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSاسْتِهْزَاءٍ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْ اسْمٍ مُعْظَمٍ) يَشْمَلُ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ.
(فَائِدَةٌ)
لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مُصَنَّفٌ حَافِلٌ جَلِيلٌ سَمَّاهُ تَنْزِيهَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْنِيَاءِ يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَاسْتِفَادَةُ مَا فِيهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَطَّرَ فِي فَتَاوِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: وَقَعَ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ رَجُلًا فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا سَبٌّ كَثِيرٌ فَقَذَفَ أَحَدُهُمَا عِرْضَ الْآخَرِ فَنَسَبُهُ الْآخَرُ إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: تَنْسُبُنِي إلَى رَعْيِ الْمِعْزَى فَقَالَ لَهُ وَالِدُ الْقَائِلِ الْأَنْبِيَاءُ رَعَوْا الْمِعْزَى أَوْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْمِعْزَى وَذَلِكَ بِسُوقِ الْغَزْلِ بِجِوَارِ الْجَامِعِ الطُّولُونِيِّ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَتَرَافَعُوا إلَى الْحُكَّامِ فَبَلَغَ الْخَبَرُ قَاضِيَ الْقُضَاةِ الْمَالِكِيَّ فَقَالَ لَوْ رُفِعَ إلَيَّ ضَرَبْتُهُ بِالسِّيَاطِ، فَسُئِلْتُ مَاذَا يَلْزَمُ الَّذِي ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَدِلًّا بِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَدِلَّ يُعَزَّرُ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ؛ لِأَنَّ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُضْرَبَ مَثَلًا لِآحَادِ النَّاسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ أَيْ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ فِي مَقَامِ التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ وَالتَّصْنِيفِ وَتَقْرِيرِ الْعِلْمِ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ وَهَذَا لَا إنْكَارَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْخِصَامِ وَالتَّبَرِّي مِنْ مَعَرَّةٍ أَوْ نَقْصٍ يُنْسَبُ إلَيْهِمَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَذَا مَحَلُّ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْعَوَامّ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَفِي التَّفَاوُضِ بِالْقَذْفِ وَالسَّبِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَلِكُلِّ مَحَلٍّ حُكْمٌ يُنَاسِبُهُ ثُمَّ ذُكِرَ أَنَّهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّا يَقَعُ فِي الْمَوَالِدِ مِنْ بَعْضِ الْوُعَّاظِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ الْحَفِلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَاجَرَيَاتٍ هِيَ مُخِلَّةٌ بِكَمَالِ التَّعْظِيمِ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ السَّامِعِينَ لَهَا حُزْنٌ وَرِقَّةٌ يَبْقَى فِي حَيِّزِ مَنْ يُرْحَمُ لَا مَنْ يُعَظَّمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْمَرَاضِعَ حَضَرْنَ وَلَمْ يَأْخُذْنَهُ لِعَدَمِ مَالِهِ إلَّا حَلِيمَةُ رَغِبَتْ فِي رَضَاعِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِ
وَيَقُولُونَ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْعَى غَنَمًا وَيُنْشِدُونَ
بِأَغْنَامِهِ سَارَ الْحَبِيبُ إلَى الْمَرْعَى ... فَيَا حَبَّذَا رَاعٍ فُؤَادِي لَهُ يَرْعَى
وَفِيهِ
فَمَا أَحْسَنَ الْأَغْنَامَ وَهْوَ يَسُوقُهَا
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَكُونُ فَطِنًا أَنْ يَحْذِفَ مِنْ الْخَبَرِ مَا يُوهِمُ فِي الْمُخْبَرِ عَنْهُ نَقْصًا وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ هَذَا جَوَابُهُ بِحُرُوفِهِ اهـ وَأَطَالَ فِي هَذَا الْمُؤَلِّفُ بِفَوَائِدَ نَفِيسَةٍ