نَعَمْ الدِّيَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِالْفَضَائِلِ بِخِلَافِ قِيمَةِ الْقِنِّ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ تِلْكَ حَدَّدَهَا الشَّارِعُ اعْتِنَاءً بِهَا لِشَرَفِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِأَعْيَانِ مَنْ تَجِبُ فِيهِ وَإِلَّا لَسَاوَتْ الرِّقَّ وَهَذِهِ لَمْ يُحَدِّدْهَا فَنِيطَتْ بِالْأَعْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْهَا وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَصَائِلٍ فَلَا دِيَةَ فِيهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ قِنًّا لِغَيْرِ الْقَتِيلِ، أَوْ مُكَاتَبًا، وَلَوْ لَهُ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْقِنِّ وَالدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ مُبَعَّضًا وَبَعْضُهُ الْقِنُّ مِلْكٌ لِغَيْرِ الْقَتِيلِ فَالْوَاجِبُ مُقَابِلُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الدِّيَةِ وَالرِّقِّ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ أَمَّا الْقِنُّ لِلْقَتِيلِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ (مُثَلَّثَةٌ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِهَا عَدَدًا (فِي الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةٌ) وَمَرَّ تَفْسِيرُهُمَا فِي الزَّكَاةِ (وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةٌ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَبِالْفَاءِ (أَيْ حَامِلًا) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْجَانِي دُونَ عَاقِلَتِهِ وَحَالَّةً لَا مُؤَجَّلَةً.
(وَمُخَمَّسَةً فِي الْخَطَأِ عِشْرُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ) عِشْرُونَ (وَبَنُو لَبُونٍ) كَذَلِكَ وَمَرَّ تَفْسِيرُهَا ثَمَّ أَيْضًا (وَحِقَاقٌ) إنَاثٌ كَذَلِكَ (وَجِذَاعٌ) إنَاثٌ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ إذْ الْحِقَاقُ تَشْمَلُهُمَا وَالْجِذَاعُ تَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ جَذَعٍ لَا جَذَعَةٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ وَذَلِكَ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ جَمْعٌ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عِشْرُونَ ابْنِ مَخَاضٍ بَدَلَ بَنِي اللَّبُونِ وَاخْتِيرَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ وَهَذِهِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَخْمِيسُهَا وَتَأْجِيلُهَا وَكَوْنُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ (فَإِنْ قُتِلَ خَطَأً) حَالَ كَوْنِ الْقَاتِلِ، أَوْ الْمَقْتُولِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا عَلَى الْأَوْجَهِ وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ وَكَوْنُهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَلْحَظَ التَّغْلِيظِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ مَعَ عِصْمَةِ الْمَقْتُولِ لَا غَيْرُ وَمِنْ ثَمَّ رَدُّوا عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى الْجَنِينَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ (فِي حَرَمِ مَكَّةَ)
وَإِنْ خَرَجَ الْمَجْرُوحُ فِيهِ مِنْهُ وَمَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ وَمِنْ ثَمَّ يَتَأَتَّى هُنَا كُلُّ مَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا مَا يُنْقِصُهَا وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ: الْأُنُوثَةُ وَالرِّقُّ وَقَتْلُ الْجَنِينِ وَالْكُفْرِ فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهَا إلَى الشَّطْرِ وَالثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ وَالثَّالِثُ إلَى الْغُرَّةِ وَالرَّابِعُ إلَى الثُّلُثِ، أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَكَوْنُ الثَّانِي أَنْقَصَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ الْقِيمَةُ عَلَى الدِّيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ الدِّيَةُ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الِاسْتِدْرَاكِ رَشِيدِيٌّ (أَقُولُ) وَجْهُهُ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ فَسَيَأْتِي إلَخْ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِالْأَدْيَانِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ بِالْفَضَائِلِ) أَيْ وَالرَّذَائِلِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم (قَوْلُهُ لَسَاوَتْ) أَيْ الْحُرِّيَّةُ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ كُلًّا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُهْدَرُ) مُحْتَرَزُ الْمَعْصُومِ (قَوْلُهُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِثْلَهُ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَخْرَجَ الصَّائِلَ لَكِنْ تَدْخُلُهُ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَصَائِلٍ إلَخْ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُمْ مِثْلُهُمْ لَكِنْ مَرَّ فِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ (قَوْلُهُ خَلِفَةٌ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ إلَخْ) ، وَلَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَلْ مِنْ مَعْنَاهَا وَهِيَ مَخَاضٌ كَامْرَأَةٍ وَنِسَاءٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهَا خَلِفٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَابْنُ سَيِّدَهُ خَلِفَاتٌ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) أَيْ السِّنِّ مُغْنِي وَالْأَوْلَى أَيْ التَّثْلِيثُ (قَوْلُهُ وَحَالَّةٌ إلَخْ) أَيْ وَكَوْنُهَا حَالَّةً ع ش.
(قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي بَابِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّرَ بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِالْإِنَاثِ وَمَا عَبَّرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْحِقَاقِ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى الْإِنَاثِ كَالذُّكُورِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْجِذَاعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ إلَّا لِلذُّكُورِ لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْمُخْتَارِ إطْلَاقَ الْجِذَاعِ عَلَى الْإِنَاثِ أَيْضًا. اهـ
نَعَمْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ فِيهِمَا بِلَفْظٍ خَاصٍّ بِالْإِنَاثِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِهِ ع ش قَوْلُهُ فَإِنَّ الْجِذَاعَ مُخْتَصَّةٌ إلَخْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُخْتَارِ الْجَذَعُ بِفَتْحَتَيْنِ الثَّنِيُّ وَالْجَمْعُ جِذْعَانٌ وَجِذَاعٌ بِالْكَسْرِ وَالْأُنْثَى جَذَعَةٌ وَالْجَمْعُ جَذَعَاتٌ وَجِذَاعٌ أَيْضًا. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ الْحِقَاقُ إلَخْ) عِلَّةُ الْإِيهَامِ وَقَوْلُهُ تَشْمَلُهُمَا أَيْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ دِيَةُ الْخَطَأِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ قُتِلَ خَطَأً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا إلَخْ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا: وَلَا تَغْلِيظَ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. اهـ.
أَيْ بِأَنْ كَانَ الذِّمِّيُّ الْمَقْتُولُ فِيهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ لَا يُقِرُّ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى الْجَنِينَ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَرَجَبٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِخَرَجِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ الْمَجْرُوحُ فِي الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَمَاتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا جُرِحَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ وَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ وَبِهِ صَرَّحَ شَرْحُ الرَّوْضِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ إنْسَانًا فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَمَاتَ بَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ إلْحَاقُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِالْحَرَمِ فَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّغْلِيظِ فِي ذَلِكَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحَرَّرْ سم
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ إلَخْ) فِي التَّصْحِيحِ لَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ بِقَتْلِ زَانٍ مُحْصَنٍ. اهـ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مِثْلَهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَمْعُ جَذَعٍ لَا جَذَعَةٍ) بَلْ جَمْعُهَا جَذَعَاتٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا عَلَى الْأَوْجَهِ) خُولِفَ م ر (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ) أَيْ وَخِلَافًا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ التَّغْلِيظِ إلَخْ) ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ التَّغْلِيظِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِي الْحَرَمِ ذِمِّيًّا لِتَعَدِّيهِ بِدُخُولِهِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ ذِمِّيًّا وَظَاهِرُهُ التَّغْلِيظُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِي الْحَرَمِ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ ذِمِّيًّا وَقَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ بِدُخُولِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي كَنْزِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ فَهَلْ يُغَلَّظُ بِهِ، أَوْ يُقَالُ هُوَ نَادِرٌ الْأَوْجَهُ الثَّانِي اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ الْمَجْرُوحُ