(فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) أَيْ: الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا (ثُمَّ الْآخَرَ حُوِّلَ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ نَعَمْ إنْ ظُنَّ أَنَّ سَبَبَهُ قِلَّةُ عَقْلِهِ فَعِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ بَلَغَ كَمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ (فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرٌ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ) أَيْ: لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ وَتَكْلِيفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْعُقُوقِ وَقَطْعِ الرَّحِمِ (وَيَمْنَعُ أُنْثَى) وَمِثْلُهَا هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي الْخُنْثَى مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا لِتَأْلَفَ الصِّيَانَةَ. وَإِفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْأُمَّ إذَا طَلَبَتْهَا أُرْسِلَتْ إلَيْهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَعْذُورَةٍ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْبِنْتِ لِنَحْوِ تَخَدُّرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ مَنْعِ نَحْوِ زَوْجٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ إلْزَامِ وَلِيِّ الْبِنْتِ بِخُرُوجِهَا لِلْأُمِّ عِنْدَ عُذْرِهَا بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِي الْخُرُوجِ قَوِيَّةً وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ. (وَلَا يَمْنَعُهَا) أَيْ: الْأَبُ وَالْأُمَّ (دُخُولًا عَلَيْهِمَا) أَيْ: الِابْنِ وَالْبِنْتِ إلَى بَيْتِهِ (زَائِرَةً) حَيْثُ لَا خَلْوَةَ لَهُ بِهَا مُحَرَّمَةً وَلَا رِيبَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي عَكْسِهِ دَفْعًا لِلْعُقُوقِ. (وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ) عَلَى الْعَادَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَا تُطِيلُ الْمُكْثَ (فَإِنْ مَرِضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا) ؛ لِأَنَّهَا أَصْبَرُ عَلَيْهِ (فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنُقِلَ عَنْ ابْنِ قَطَّانٍ وَعَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ جَرَيَانُهُ بَيْنَهُمَا أَيْ الْمُتَسَاوِيَيْنِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ غَيْرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَبَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَوْلَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى
(قَوْلُهُ: أَيْ الْأَبَوَيْنِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ زَائِرَةً فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَإِفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ إلَى وَيَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أُلْحِقَ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ حُوِّلَ إلَيْهِ) أَيْ: وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ رَوْضٌ اهـ.
سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو إلَخْ) أَيْ: أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا وَلِأَنَّ الْمُتَّبِعَ شَهْوَتَهُ كَمَا قَدْ يَشْتَهِي طَعَامًا فِي وَقْتٍ وَغَيْرُهُ فِي آخَرَ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ مُرَاعَاةَ الْجَانِبَيْنِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ ظُنَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحَوَّلُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ دَائِمًا وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّ سَبَبَهُ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ جُعِلَ عِنْدَ الْأُمِّ كَمَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَكْلِيفُهَا) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى ذَلِكَ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيُمْنَعُ) أَيْ: الْأَبُ نَدْبًا أُنْثَى إذَا اخْتَارَتْهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَأَلُّفِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ الْفَرْقِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ مَكَّنَهَا مِنْ زِيَارَتِهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ نَعَمْ لَا يَمْنَعُهَا عَنْ عِيَادَتِهَا لِمَرَضٍ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اهـ. .
(قَوْلُهُ: أُرْسِلَتْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَالضَّمِيرُ لِلْأُنْثَى (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ تَخَدُّرٍ) ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَ نَحْوُ زَوْجٍ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ) بَلْ الظَّاهِرُ حُرْمَةُ تَمْكِينِهَا مِنْ ذَلِكَ اهـ.
ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَمْنَعُهَا إلَخْ) عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَبَ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَلَا يُولِهُهَا عَلَى وَلَدِهَا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُفْهِمُ عَدَمَ اللُّزُومِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ فَإِنْ بَخِلَ الْأَبُ بِدُخُولِهَا إلَى مَنْزِلِهِ أَخْرَجَهُ إلَيْهَا انْتَهَى وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ اهـ.
مُغْنِي وَاعْتَمَدَ ع ش الْأَوَّلَ أَيْ: اللُّزُومَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّشِيدِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي عَكْسِهِ) أَيْ: فِي زِيَارَةِ الْأَبِ لِلْوَلَدِ فِي بَيْتِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ) بَلْ فِي يَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ نَعَمْ إنْ كَانَ مَنْزِلُهَا قَرِيبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ تَدْخُلَ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ حَاصِلُ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ مَنْزِلَهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا فَجَاءَتْ كُلَّ يَوْمٍ لَزِمَهُ تَمْكِينُهَا مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَجَاءَتْ كُلَّ يَوْمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَقِبَ هَذَا: ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَهُ فِي الْأُنْثَيَيْنِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَعَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ جَرَيَانُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَوْجَهُ م ر؛ لِأَنَّهُ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ غَيْرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَبَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَوْلَى. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ الْآخَرَ حُوِّلَ إلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ مَا ظَنَّهُ، أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا وَلِأَنَّ الْمُتَّبَعَ شَهْوَتُهُ كَمَا قَدْ يَشْتَهِي طَعَامًا فِي وَقْتٍ، وَغَيْرَهُ فِي آخَرَ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ مُرَاعَاةَ الْجَانِبَيْنِ انْتَهَى. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَخِيرِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ ابْتِدَاءً أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا مُدَّةً كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ، أَوْ شَهْرٍ وَعِنْدَ الْآخَرِ مُدَّةً كَيَوْمٍ، أَوْ أُسْبُوعٍ، أَوْ شَهْرٍ أُجِيبَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ بَعِيدًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجَابَ بَلْ يُقْرَعُ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَرْعٌ لَوْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَامْتَنَعَ مِنْ كَفَالَتِهِ فَعَلَهُ الْآخَرُ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلَدِ فَإِنْ رَجَعَ الْمُمْتَنِعُ، وَطَلَبَ كَفَالَتَهُ أُعِيدَ التَّخْيِيرُ، وَإِنْ امْتَنَعَا مِنْهَا، وَكَانَ بَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ لَهَا كَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ جُبِرَ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكِفَايَةِ انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ جَمِيعُ مُسْتَحَقِّي الْحَضَانَةِ مِنْ حِضْنِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أُجْبِرَ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيُمْنَعُ أُنْثَى) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُمِّ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ الْفَرْقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ مَكَّنَهَا مِنْ زِيَارَتِهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ نَعَمْ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ عِيَادَتِهَا لِمَرَضٍ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا م ر ش (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا يَمْنَعُهَا دُخُولًا عَلَيْهِمَا زَائِرَةً) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَإِذَا زَارَتْ لَا يَمْنَعُهَا الدُّخُولَ لِبَيْتِهِ، وَيُخَلِّي لَهَا حُجْرَةً فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ ضَيِّقًا خَرَجَ، وَلَا يُطِيلُ الْمُكْثَ فِي بَيْتِهِ، وَعَدَمُ مَنْعِهَا لِدُخُولِ لَازِمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: يَلْزَمُ الْأَبَ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الدُّخُولِ، وَلَا يُوَلِّهَهَا عَلَى وَلَدِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُفْهِمُ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ: فَإِنْ بَخِلَ الْأَبُ بِدُخُولِهَا إلَى مَنْزِلِهِ أَخْرَجَهَا إلَيْهَا أَيْ: إلَى مَسْكَنِ الْأُمِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَيَكُونُ ذَلِكَ بِرِضَا زَوْجِ الْأُمِّ فَإِنْ أَبَى تَعَيَّنَ أَنْ يَبْعَثَهَا إلَى الْأُمِّ، فَإِنْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ إدْخَالِهَا إلَى مَنْزِلِهِ نَظَرَتْ إلَيْهَا وَالْبِنْتُ خَارِجَهُ وَهِيَ دَاخِلَهُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الدُّخُولَ مِنْ غَيْرِ إطَالَةٍ لِغَرَضِ