خِلَافًا لِمَا أَطَالَ بِهِ الرِّيمِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعَلُّقِهَا وَعَدَمِهِ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ إطْبَاقِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَذَلِكَ لِبُطْلَانِ هَذَيْنِ النَّقْلَيْنِ وَلِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ مِنْ قَدْرِهَا، وَقَدْ عُلِّقَ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِهِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا وَزَعَمَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بَرَاءَةً مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ هِيَ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصِدُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا فِيهَا؛ إذْ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ يَتَعَلَّقُونَ بِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَمْ يُوقِعْهُ وَكَثِيرُونَ يَغْفُلُونَ النَّظَرَ لِهَذَا فَيَقَعُونَ فِي مَفَاسِدَ لَا تُحْصَى، وَفِي فَتَاوَى أَبِي زُرْعَةَ فِي إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك عَلَيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَبْرَأْتُك يُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا وَأَنْ تُرِيدَ الْإِبْرَاءَ مِنْ الصَّدَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ بَائِنًا فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ اهـ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الصَّارِفِ لَا قَصْدُ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَوْ عُلِّقَ بِالْإِبْرَاءِ تَنَاوَلَ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْغَيْرِ وَكَالَةً كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ يَحْنَثُ بِبَيْعِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَكَالَةً وَلَوْ طُلِبَ مِنْهَا الْإِبْرَاءُ فَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً فَاسِدَةً فَنَجَّزَ الطَّلَاقَ وَزَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَهُ لِظَنِّهِ صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ قَالَتْ جَعَلْت مَهْرِي عَلَى تَمَامِ طَلَاقِي كَانَ كِنَايَةً فِي الْإِبْرَاءِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ الْمُبْطِلِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْكِنَايَةِ عَلَى النِّيَّةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا لَمْ تَنْوِ التَّعْلِيقَ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا فِي بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي وَنَظَائِرِهِ، وَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ آخِرِ أَقْسَاطٍ مِنْ صَدَاقِك كَانَ لَفْظُهُ مُحْتَمَلًا فَإِنْ جَعَلَ مِنْ الثَّانِيَةَ بَيَانِيَّةً اُشْتُرِطَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الْقِسْطِ الْأَخِيرِ، أَوْ تَبْعِيضِيَّةً اُشْتُرِطَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ لِضَرُورَةِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ مَعَ كَوْنِ لَفْظِ الْآخَرِ حَقِيقَةٌ فِي الْقِسْطِ الْأَخِيرِ وَالضَّرُورَةُ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَالْأَحْوَطُ الثَّانِي قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيَانِ وَالتَّبْعِيضِ هُنَا عَمَلًا بِقَضِيَّةِ مِنْ آخَرَ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْآخَرِ حَقِيقَةً فَلْيَتَقَيَّدْ الْوُقُوعُ بِهِ لَا غَيْرُ وَلَوْ قَالَ أَبْرِئِينِي وَأُعْطِيك كَذَا فَأَبْرَأَتْهُ فَلَمْ يُعْطِهَا فَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ.

وَتَبِعَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ فَقَالَ حَيْثُ حَصَلَ بَيْنَهُمَا مُوَطَّأَةٌ، أَوْ تَوَاعُدٌ، وَلَمْ يَفِ بِالْوَعْدِ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ فَقَالَ مَا قَالَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا أَبْرَأْتُك

ـــــــــــــــــــــــــــــQصَدَرَ مِنْ جَاهِلٍ بِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ، أَوْ بِمِقْدَارِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ، أَوْ بِكَيْفِيَّةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ أَمَّا إذَا صَدَرَ مِنْ عَالِمٍ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ حَالًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ بِالْمَهْرِ مَا هُوَ لَهَا وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ مِقْدَارِ الزَّكَاةِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ مَا عَدَاهُ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ فَكَيْفَ تَمْلِكُ إسْقَاطَهُ وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَرَّرَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا ثَمَانِينَ وَقَبَضَتْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك، وَهُوَ ثَمَانُونَ إلَخْ بَلْ يُؤْخَذُ حُكْمُ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى قَدْرِ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ ثَمَانُونَ ثُمَّ حَيْثُ اُعْتُبِرَ عِلْمُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى عِلْمِهَا بِنَاءً عَلَى مَا قَرَّرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْبَرَاءَةِ هُنَا مِنْ عِلْمِهِمَا اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ مَا قَالَهُ الرِّيمِيُّ (قَوْلُهُ: مِنْ قَدْرِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ.

(قَوْلُهُ: يَغْفُلُونَ النَّظَرَ) لَعَلَّهُ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ، أَوْ عَلَى حَذْفِ عَنْ فِي الْأُوقْيَانُوسِ يُقَالُ غَفَلَ عَنْهُ غُفُولًا مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ إذَا تَرَكَهُ وَسَهَا عَنْهُ وَأَغْفَلَهُ بِمَعْنَى غَفَلَ عَنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِهَذَا) أَيْ لِقَوْلِهِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي إنْ أَبْرَأَتْنِي إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي يُشْتَرَطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ) أَيْ الطَّلَاقُ بِهِ أَيْ بِالْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) رَدٌّ لِلشَّرْطِ الثَّانِي مِنْ شَرْطَيْ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ بِالْإِبْرَاءِ) أَيْ عَنْ الزَّوْجِ، أَوْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ تَنَاوَلَ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْغَيْرِ إلَخْ بِأَنْ كَانَ مَنْ عَلَّقَ بِإِبْرَائِهِ وَكِيلًا عَنْ الْغَيْرِ فِي الْإِبْرَاءِ سَوَاءٌ الزَّوْجَةُ، أَوْ غَيْرُهَا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ تَنَاوَلَ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْغَيْرِ إلَخْ) يَنْبَغِي الْوُقُوعُ هُنَا رَجْعِيًّا حَيْثُ لَمْ يُوَكِّلْ ذَلِكَ الْغَيْرَ فِي الْمُخَالَعَةِ بِالْبَرَاءَةِ سم وَقَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُوَكِّلْ إلَخْ أَيْ: وَقَدْ وَكَّلَ فِي أَصْلِ الْبَرَاءَةِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْ فِيهَا أَيْضًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الصَّحِيحَةُ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ إلَخْ) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَأَنَّهُ فِي الْبَاطِنِ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِهِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَمْ يَقَعْ بَاطِنًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ هَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ، أَوْ بَائِنٌ وَأَظُنُّ أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ السَّابِقِ مَا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) الْوَجْهُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا بِقَبُولِهِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ اهـ سم أَقُولُ: هَذَا شَامِلٌ لِصُورَةِ الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ مَرَّ مِرَارًا أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّحِيحَةِ الْمُتَبَادِرَةِ.

(قَوْلُهُ مَا فِيهِ) أَيْ عَلَى نِزَاعٍ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ مِمَّا يَأْتِي أَيْ عَنْ ابْنِ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ وَالْأَصْبَحِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمْ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِمَا فِيهِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ إلَى مَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ ضِمْنِيًّا فَلَا يَضُرُّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ كَقَوْلِهَا أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي، أَوْ بَذَلْت صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا صِيغَةُ مُعَاوَضَةٍ لَا صِيغَةُ تَعْلِيقٍ فَتَدَبَّرْ وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الشَّارِحِ نَظِيرُ مَا مَرَّ إلَخْ مَعَ مَا مَرَّ فِي الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: مُحْتَمِلًا) أَيْ مَعْنَيَيْنِ التَّبْعِيضَ وَالْبَيَانَ اهـ كُرْدِيٌّ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَيْ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ إرَادَةُ الْبَيَانِ، أَوْ التَّبْعِيضِ وَالْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَعَلَ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ مِنْ الثَّانِيَةَ بَيَانِيَّةً) فَالْمَعْنَى مِنْ آخِرِ الْأَقْسَاطِ الَّتِي هِيَ صَدَاقُك اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ تَبْعِيضِيَّةً) عَطْفٌ عَلَى بَيَانِيَّةً فَالْمَعْنَى مِنْ أَقْسَاطِ أَخِيرَةٍ هِيَ بَعْضُ صَدَاقِك اهـ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الْبَيَانَ وَلَا التَّبْعِيضَ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيَانِ إلَخْ) أَيْ وَالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: الدَّالُّ) أَيْ لَفْظُ مِنْ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) عَطْفٌ عَلَى أَبُو شُكَيْلٍ وَقَوْلُهُ فَقَالَ أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ:

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: تَنَاوَلَ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْغَيْرِ وَكَالَةً) يَنْبَغِي الْوُقُوعُ هُنَا رَجْعِيًّا حَيْثُ لَمْ يُوَكِّلْ ذَلِكَ الْغَيْرَ فِي الْمُخَالَعَةِ بِالْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) بَلْ الْوَجْهُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا بِقَبُولِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَعَلَ مِنْ الثَّانِيَةَ بَيَانِيَّةً) فَالْمَعْنَى مِنْ آخِرِ الْأَقْسَاطِ الَّتِي هِيَ صَدَاقُك (قَوْلُهُ: بَيَانِيَّةٌ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَبْعِيضِيَّةً)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015