أَيْ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ قِيَاسٍ، أَوْ قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْفِعْلِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ حُرْمَتِهِ فَيُكْرَهُ كَلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ حَدِيثٌ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصُونُ بِهِ دِينَهُ وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا إذَا صَحَّ قَصْدُهُ بِأَنْ خَشِيَ تَعَلُّقَهَا بِقَلْبِهِ وَاسْتَأْنَسَ لَهُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ أَمْرِ «مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ أَنَّهُ يَأْتِي امْرَأَتَهُ فَيُوَاقِعُهَا» اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إدْمَانَ ذَلِكَ التَّخَيُّلِ يُبْقِي لَهُ تَعَلُّقًا مَا بِتِلْكَ الصُّورَةِ فَهُوَ بَاعِثٌ عَلَى التَّعَلُّقِ بِهَا لَا أَنَّهُ قَاطِعٌ لَهُ وَإِنَّمَا الْقَاطِعُ لَهُ تَنَاسِي أَوْصَافِهَا وَخُطُورِهَا بِبَالِهِ وَلَوْ بِالتَّدْرِيجِ حَتَّى يَنْقَطِعَ تَعَلُّقُهُ بِهَا رَأْسًا وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ رَأَى امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ وَأَتَى امْرَأَتَهُ جَعْلُ تِلْكَ الصُّورَةِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الزِّنَا كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَنْ أَخَذَ كُوزًا يَشْرَبُ مِنْهُ فَتَصَوَّرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَنَّهُ خَمْرٌ فَشَرِبَهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَاءَ يَصِيرُ حَرَامًا عَلَيْهِ اهـ وَرَدَّهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا بَنَاهُ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِهِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ وَأَصْحَابُنَا لَا يَقُولُونَ بِهَا وَوَافَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الزَّاهِدُ، وَهُوَ شَافِعِيٌّ غَفْلَةً عَنْ هَذَا الْبِنَاءِ اهـ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْآرَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْفَتَاوَى وَبَيَّنْت أَنَّ قَاعِدَةَ مَذْهَبِهِ لَا تَدُلُّ لِمَا قَالَهُ فِي الْمَرْأَةِ وَفَرَّقَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صُورَةِ الْمَاءِ بِفَرْقٍ وَاضِحٍ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ فَإِنْ قُلْت يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ كَمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ لِمَا لَا يَحِلُّ يَحْرُمُ التَّفَكُّرُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] فَمَنَعَ مِنْ التَّمَنِّي لِمَا لَا يَحِلُّ كَمَا مَنَعَ مِنْ النَّظَرِ لِمَا لَا يَحِلُّ قُلْت اسْتِدْلَالُ الْقَاضِي بِالْآيَةِ وَقَوْلُهُ عَقِبَهَا فَمَنَعَ مِنْ التَّمَنِّي إلَخْ صَرِيحَانِ فِي أَنَّ كَلَامَهُ لَيْسَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ التَّفَكُّرِ وَالتَّخَيُّلِ السَّابِقَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي حُرْمَةِ تَمَنِّي حُصُولِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ بِأَنْ يَتَمَنَّى الزِّنَا بِفُلَانَةَ، أَوْ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ نِعْمَةُ فُلَانٍ بَعْدَ سَلْبِهَا عَنْهُ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَهُ فِي قَاعِدَةِ حُرْمَةِ تَمَنِّي الرَّجُلِ حَالَ أَخِيهِ مِنْ دِينٍ، أَوْ دُنْيَا قَالَ وَالنَّهْيُ فِي الْآيَةِ لِلتَّحْرِيمِ وَغَلَّطُوا مَنْ جَعَلَهُ لِلتَّنْزِيهِ نَعَمْ إنْ ضَمَّ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى التَّخَيُّلِ وَالتَّفَكُّرِ تَمَنِّيَ وَطْئِهَا زِنًا فَلَا شَكَّ فِي الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُصَمِّمٌ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا رَاضٍ بِهِ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ وَلَمْ يَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْقَاضِي هَذَا مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ لِلْحُرْمَةِ وَلَا مَنْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ التَّفَكُّرِ تَحْرِيمُ التَّخَيُّلِ إذْ التَّفَكُّرُ إعْمَالُ النَّظَرِ فِي الشَّيْءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ.

(وَلِلزَّوْجِ) وَالسَّيِّدِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ (النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ الَّتِي تَحِلُّ وَعَكْسُهُ، وَإِنْ مَنَعَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْعَهَا إذَا مَنَعَهَا وَلَوْ الْفَرْجَ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ حَالَةَ الْجِمَاعِ، وَبَاطِنُهُ أَشَدُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ وَعَكْسُهُ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك وَأَمَتِك» أَيْ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ لَا تُحْفَظَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لَهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ اُسْتُفِيدَ إلَخْ) غَايَةٌ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى نَهْيٍ خَاصٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى وُجُوبِ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ فَيُكْرَهُ أَيْ الْفِعْلُ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَيْ التَّخَيُّلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: مِنَّا) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ تَعَلُّقَهَا بِقَلْبِهِ) فِيهِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ تَعَلُّقُ قَلْبِهِ بِهَا (قَوْلُهُ وَاسْتَأْنَسَ) أَيْ الْبَعْضُ لَهُ أَيْ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَمْرٍ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ جَعَلَ تِلْكَ إلَخْ) فَاعِلُ يَحْرُمُ (فَقَوْلُهُ عُلَمَاؤُنَا) أَيْ السَّادَةُ الْمَالِكِيَّةُ (قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ) أَيْ ابْنُ الْحَاجِّ الْمَالِكِيُّ وَكَذَا ضَمِيرُ مَذْهَبِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَضَمِيرُ أُوَافِقُهُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَأَصْحَابُنَا) أَيْ الشَّافِعِيَّةُ وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الرَّادُّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الْآرَاءِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ قَوْلُ جَمْعٍ مُحَقِّقِينَ بِالْحِلِّ وَالْإِبَاحَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْبِزْرِيِّ بِالْكَرَاهَةِ وَقَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِالِاسْتِحْبَابِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهَا) أَيْ صُورَةِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: فَمَنَعَ) أَيْ اللَّهُ تَعَالَى وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ مِنْ التَّمَنِّي نَائِبُ فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَمَنَّى الزِّنَا بِفُلَانَةَ) لَا يَخْفَى بُعْدَ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَلَامَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَغَلِطُوا إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا) أَيْ التَّصْمِيمِ عَلَى فِعْلِ الزِّنَا وَالرِّضَا بِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا) بَدَلٌ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ مَنْ اسْتَدَلَّ إلَخْ فَاعِلُ لَمْ يُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ كَلَامِ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لِلْحُرْمَةِ أَيْ لِحُرْمَةِ التَّفَكُّرِ وَالتَّخَيُّلِ السَّابِقَيْنِ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ مَنْ أَجَابَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ فَقَالَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى عَوْرَةِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ اهـ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَنَعَهَا إلَخْ) فَإِنْ مَنَعَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا النَّظَرُ لِمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَفِي ع ش عَنْ سم عَنْ م ر مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْفَرْجَ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي إلَى وَخَرَجَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْفَرَجَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ (فَرْعٌ)

الْخِلَافُ الَّذِي فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرَجِ لَا يَجْرِي فِي مَسِّهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِتَحْرِيمِ مَسِّ الْفَرَجِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ وَرَأَيْت فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالرَّجُلِ أَنْ يَمَسَّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ أَنْ تَمَسَّ فَرْجَ زَوْجِهَا سُبْكِيٌّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ بِلَا ضَرَرٍ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) فَيُكْرَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرُ الْفَرْجِ مِنْ الْآخَرِ وَمِنْ نَفْسِهِ بِلَا حَاجَةٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ لَكِنَّ صَنِيعَ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ كَالصَّرِيحِ فِي رُجُوعِهِ لِلْفَرْجِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِنْ مَنَعَهَا اهـ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَ بَحْثَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْفَرَجَ) (فَرْعٌ)

الْخِلَافُ الَّذِي فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرَجِ لَا يَجْرِي فِي مَسِّهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِتَحْرِيمِ مَسِّ الْفَرَجِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ وَرَأَيْت فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالرَّجُلِ أَنْ يَمَسَّ فَرَجَ امْرَأَتِهِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمَسَّ فَرَجَ زَوْجِهَا سُبْكِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لَهَا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِنْ مَنَعَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015