مُطْلَقًا خَوْفًا عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّدَيُّنِ بِدِينِهِمْ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ إذْ الْمَصْلَحَةُ الْمُحَقَّقَةُ النَّاجِزَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ التَّسَرِّي بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ يَأْتِي فِيهِ قِيلَ الضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَتْنِ إنْ أَرَادَ بِهَا الْعَقْدَ، أَوْ الْوَطْءَ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ بِهُوَ وَأُهْبَتِهِ الْعَقْدَ وَبِإِلَيْهِ الْوَطْءَ صَحَّ لَكِنْ فِيهِ تَعَسُّفٌ اهـ.
وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا كُلَّهَا لِلْعَقْدِ الْمُرَادِ بِهِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ أَيْ قَبُولُ التَّزْوِيجِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَمَا تُوهِمهُ فِي إلَيْهِ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا أَيْ تَائِقٌ لَهُ بِتَوَقَانِهِ الْوَطْءَ وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] الْآيَةَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ وَالرَّوْضَةِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْكِحَ قِيلَ، وَهِيَ دُونَ الْأَوْلَى فِي الطَّلَبِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الطَّلَبُ الْغَيْرُ الْجَازِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَأَكُّدٍ وَعَدَمِهِ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى وَخِلَافَ الْمُسْتَحَبِّ وَاحِدٌ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ نَهْيًا غَيْرَ مَقْصُودٍ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُسْتَحَبِّ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالنَّهْيِ كَلَا تَفْعَلْ عَلَى مَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ مِنْ بَحْرِ الزَّرْكَشِيّ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُكْرَهُ فِعْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَرِ عَدَمُ طَلَبِ الْفِعْلِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ بَلْ وَمِنْ طَلَبِ التَّرْكِ وَمُقْتَضَى هَذَا رَدُّ الْمَتْنِ لَوْلَا الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ قَوْلُهُ: يَسْتَعْفِفُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَائِقٌ.
وَقَوْلُهُ {حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] يَدُلُّ عَلَى فَقْدِهِ لِلْمُؤَنِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ التَّائِقِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ لِآيَةِ {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} [النور: 32] مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ» وَصَحَّ أَيْضًا «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُمْ مِنْهُمْ النَّاكِحُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِمَّا سَبَقَ فِي بَابِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ أَوْلِيَائِهِمْ لَا يَصِحُّ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا مُعَيَّنٌ حَتَّى يَصِحَّ مِنْهُ التَّصَرُّفُ وَإِنَّمَا التَّصَرُّفُ لِلْإِمَامِ كَمَا سَبَقَ اهـ، وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاظِرِهِ) هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ عَدْلًا يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْ يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الظَّافِرُ بِهِ عَارِفًا وَإِلَّا تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَنْ يُقَالَ طَرِيقُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لِعَدْلٍ عَارِفٍ بِالْمَصَارِفِ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِنَفْسِهِ بِالْبَدَلِ ثُمَّ يَصْرِفَ الْبَدَلَ فِي الْمَصَارِفِ أَوْ يَمْتَنِعَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَوَلِّيَ الطَّرَفَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِتَقْدِيمِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ وَوَجَدَ أُهْبَتَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ دَارَ الْبِدْعَةِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ أَنَّ السُّنِّيَّ الْمُتَوَلَّدَ بِدَارِ الْبِدْعَةِ يَظْهَرُ أَوْلَادُهُ غَالِبًا مُتَدَيِّنِينَ بِتِلْكَ الْبِدْعَةِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْعُقْمَ مُسْتَثْنًى فِي ذَلِكَ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِاحْتِمَالِ تَخَلُّفِ ظَنِّ الْعُقْمِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.
وَقَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ إلَخْ أَيْ احْتِمَالًا بَعِيدًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يُسَنُّ وَقَضِيَّتُهُ إبَاحَةُ كُلٍّ مِنْ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي اهـ ع ش أَقُولُ الْقَضِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَمْنُوعَةٌ وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ اسْتِخْدَامًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَا تَوَهَّمَهُ) أَيْ وَالْمَحْذُورَ الَّذِي تَوَهَّمَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا أَيْ تَائِقٌ لَهُ إلَخْ) بَلْ لَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِقَوْلِهِ أَيْ تَائِقٌ إلَخْ لِصِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِأَيِّ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ لِكَوْنِهِ طَرِيقًا لِلْوَطْءِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ إلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ لِلشَّيْءِ حَاجَةٌ لِطَرِيقِهِ سم عَلَى حَجّ اهـ رَشِيدِيٌّ وَفِيهِ أَنَّ مَآلَ التَّفْسِيرَيْنِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ مَشْهُورٌ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَجَازَ الْعَقْلِيَّ أَيْ إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى سَبَبِهِ وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِهِ حَقِيقَةً لُغَةً وَعَقْلًا (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إلَى وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى هَذَا إلَى وَقِيلَ (قَوْلُهُ: وَالرَّوْضَةِ) عَطْفٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ دُونَ الْأُولَى أَيْ أَقَلُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ فِي الطَّلَبِ أَيْ طَلَبِ التَّرْكِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَأَكُّدٍ إلَخْ) أَيْ فِي الطَّلَبِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الرَّدَّ الْمَذْكُورَ، أَوْ عَدَمَ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ لِاسْتِفَادَتِهِ) أَيْ النَّهْيِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ إلَخْ) لَعَلَّ الْأُولَى مِنْ الْأَمْرِ بِالْمُسْتَحَبِّ الَّذِي هُوَ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ إلَخْ) حَالٌ مَنْ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ الْمَنْهِيُّ إلَخْ، أَوْ مِنْ الْمُسْتَتِرِ فِي الْمَنْهِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا هُوَ مَبْسُوطٌ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَ لَهَا عِزَةٌ تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى نِسْبَتِهَا لِبَحْرِ الزَّرْكَشِيّ اهـ سم أَقُولُ وَلَعَلَّ وَجْهَ نِسْبَتِهِ إلَى الْبَحْرِ بِصِيغَةِ التَّبَرِّي مَا يَأْتِي قَبْلَ الْفَصْلِ مِمَّا نَصُّهُ الْكَرَاهَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نَهْيٍ خَاصٍّ أَيْ وَجْهٍ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْفِعْلِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ حُرْمَتِهِ فَيُكْرَهُ كَلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) كَقَوْلِهِ الْآتِي وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَرِ) أَيْ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِهِ قُلْت اهـ كُرْدِيٌّ وَفِيهِ بُعْدٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَبَرُ الْآتِي آنِفًا بِقَوْلِهِ وَدَلِيلُنَا «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ وَمِنْ طَلَبِ التَّرْكِ (قَوْلُهُ لَوْلَا الْآيَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي الْآيَةِ رَمْزًا إلَى طَلَبِ التَّرْكِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: إذْ قَوْلُهُ: إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ إذْ قَوْلُهُ: إلَخْ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ حَمْلُهَا) أَيْ الْآيَةِ (قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْلِيَائِهِمْ (قَوْلُهُ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا أَيْ تَائِقٌ لَهُ إلَخْ) بَلْ لَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِقَوْلِهِ أَيْ تَائِقٌ لَهُ إلَخْ لِصِحَّةِ التَّفْسِيرِ أَيْ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ لِكَوْنِهِ طَرِيقًا لِلْوَطْءِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ لِلشَّيْءِ حَاجَةٌ لِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ إلَخْ) التَّفْرِقَةُ بَيْنَ خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمَكْرُوهِ بِمَا ذَكَرَ مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَقْدَمُونَ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ حَتَّى فِي شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ لِجَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ مِنْ بَحْرِ الزَّرْكَشِيّ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَ لَهَا غُرَّةٌ تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى نِسْبَتِهَا لِبَحْرِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: لَوْلَا الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي الْآيَةِ رَمْزًا إلَى طَلَبِ التَّرْكِ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ بَلْ