لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ لَكِنْ نَازَعَهُمَا فِي ذَلِكَ جَمْعٌ وَأَطَالُوا لَا سِيَّمَا الْأَذْرَعِيَّ فِي التَّوَسُّطِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيمَا إذَا فَوَّضَ لِلْوَصِيِّ التَّفْرِقَةَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ يَلْزَمُهُ تَفْضِيلُ أَهْلِ الْحَاجَةِ لَا سِيَّمَا مِنْ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ إذْ عَلَيْهِ فِي تَقْدِيرِ الْأَنْصِبَاءِ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ بِمَا فِيهِ مَزِيدُ أَجْرِهِ وَثَوَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ وَهُوَ مُتَّجَهُ الْمُدْرَكِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَضِيَّةِ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ مَحَارِمَهُ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ أَوْلَى، وَلَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ يَصْرِفُهُ فِيمَا أَوْصَى بِهِ وَلِجِهَاتِ الْخَيْرِ فَمَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا أَوْصَى بِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي نِصْفِ مَا عَيَّنَهُ إذَا أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ وَصِيَّتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِصِحَّتِهَا كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لِلْمَسَاكِينِ فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ وَهُنَا لَا سَبِيلَ لِلصَّرْفِ إلَيْهِمْ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ الْمَصْرِفَ الَّذِي جُهِلَ غَيْرُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ فِي الْكُلِّ لَا لِمَا ذُكِرَ بَلْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ بَلْ وَالْمُطَّرِدُ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي جِهَةِ خَيْرٍ فَإِذَا جُهِلَ مَا أَوْصَى بِهِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ جِهَاتِ الْخَيْرِ الَّتِي ذَكَرَهَا بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْ بَيَانِ مَا أَوْصَى بِهِ لِشُمُولِ قَوْلِهِ وَلِجِهَاتِ الْخَيْرِ لَهُ وَالْعَمَلُ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ جَائِزٌ لِلْوَصِيِّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ
(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ) هِيَ لُغَةً مَا وُضِعَ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكِهِ لِحِفْظِهِ مِنْ وَدُعَ يَدَعُ إذَا سَكَنَ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْوَدِيعِ وَقِيلَ مِنْ الدَّعَةِ أَيْ الرَّاحَةِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ رَاحَتِهِ وَمُرَاعَاتِهِ وَشَرْعًا الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْفَاظِ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَحْفَظَةُ فَهِيَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَتَصِحُّ إرَادَتُهُمَا وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي التَّرْجَمَةِ ثُمَّ عَقْدُهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَوْكِيلٌ مِنْ جِهَةِ الْمُودِعِ وَتَوَكُّلٌ مِنْ جِهَةِ الْوَدِيعِ فِي حِفْظِ مَالٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ كَنَجِسٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَخَرَجَتْ اللُّقَطَةُ وَالْأَمَانَةُ الشَّرْعِيَّةُ كَأَنْ طَيَّرَ نَحْوُ رِيحٍ شَيْئًا إلَيْهِ أَوْ إلَى مَحَلِّهِ وَعَلِمَ بِهِ وَالْحَاجَةُ بَلْ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا وَأَرْكَانُهَا بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ أَرْبَعَةٌ وَدِيعَةٌ وَمُودِعٌ وَوَدِيعٌ وَصِيغَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ أَفْرَدَ الْقُرُبَاتِ وَحَذَفَ كَلِمَةَ كُلُّ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ غَيْرَ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ وَفِيمَا فَوَّضَ لِلْوَصِيِّ التَّفْرِقَةَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَرْبِطْ الْإِعْطَاءَ بِوَصْفِ الْفَقْرِ مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ تَفْضِيلُ أَهْلِ الْحَاجَةِ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ الْأَحْكَامِ اللَّفْظِيَّةِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ إذْ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ) مُتَعَلِّقٌ بِرِعَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ، وَكَذَا ضَمِيرُ كَانَ (قَوْلُهُ لِإِنْسَانِ بِجُزْءٍ) الْجَارَّانِ مُتَعَلِّقَانِ بِأَوْصَى نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَلِجِهَاتِ الْبِرِّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا أَوْصَى بِهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ الْفَاعِلِ مِنْ الْإِعْلَامِ أَيْ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ بَيَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا عَيَّنَهُ) أَيْ الْجُزْءَ الَّذِي عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ غَيْرُهُمْ) أَيْ غَيْرُ الْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ جَائِزٌ إلَخْ) خَبَرٌ سَبَبِيٌّ لِقَوْلِهِ وَالْعَمَلُ وَفِي الْمُغْنِي خَاتِمَةٌ لَا يُخَالِطُ الْوَصِيُّ الطِّفْلَ بِالْمَالِ إلَّا فِي الْمَأْكُولِ كَالدَّقِيقِ وَاللَّحْمِ لِلطَّبْخِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْإِرْفَاقِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} [البقرة: 220] الْآيَةَ وَلَا يَسْتَقِلُّ بِقِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ بَيْعًا فَلَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ أَوْ إفْرَازًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بَاعَ لَهُ شَيْئًا حَالًّا لَمْ يَلْزَمْ الْإِشْهَادُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ وَلَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت إلَى اللَّهِ وَإِلَى زَيْدٍ حُمِلَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى التَّبَرُّكِ اهـ
[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]
(قَوْلُهُ هِيَ لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثِقْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَصِحُّ إرَادَتُهُمَا إلَى ثُمَّ عَقْدُهَا وَإِلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ جَوَّزَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مِنْ وَدُعَ) بِضَمِّ الدَّالِ سَكَنَ شَوْبَرِيُّ لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ وَدُعَ كَكَرُمَ وَوَضَعَ فَهُوَ وَدِيعٌ وَأُودِعَ سَكَنَ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) يُؤَيِّدُ إرَادَةَ الْعَيْنِ مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا اهـ سم عِبَارَةُ ع ش لَكِنْ إنْ حُمِلَتْ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَجَبَ أَنْ يُرَادَ بِالضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ عَنْ حِفْظِهَا الْعَيْنُ فَيَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ إلَخْ) أَيْ بِتَفْسِيرِهَا شَرْعًا بِأَنَّهَا الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ اللُّقَطَةُ وَالْأَمَانَةُ الشَّرْعِيَّةُ إلَخْ) أَيْ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا الِاسْتِحْفَاظُ أَيْ طَلَبُ الْحِفْظِ مِنْ الْغَيْرِ وَلَا التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْأَمَانَةُ) عَطَفَهَا عَلَى اللُّقَطَةُ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ بَلْ الضَّرُورَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] فَهِيَ وَإِنْ نَزَلَتْ فِي رَدِّ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ إلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ لَكِنَّهَا عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأَمَانَاتِ وقَوْله تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وَخَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً بَلْ ضَرُورَةً إلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ بَلْ الضَّرُورَةُ) يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ انْتِقَالِيًّا لَا إبْطَالِيًّا إذْ قَدْ يَكُونُ الدَّاعِي إلَيْهَا حَاجَةً، وَقَدْ يَكُونُ ضَرُورَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ) هَلَّا قَالَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ أَيْ لَا الْعَيْنِ اهـ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْإِيدَاعِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْوَدِيعَةِ) الْمُتَبَادَرُ إرَادَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSكِتَابُ الْوَدِيعَةِ)
(قَوْلُهُ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكِهِ لِحِفْظِهِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ إيدَاعُ الْبَائِعِ الَّذِي لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ هَذَا إيدَاعٌ لُغَةً وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ مَنْعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) يُؤَيِّدُهُ إرَادَةُ الْعَيْنِ مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا (قَوْلُهُ كَنَجِسٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ) إنْ كَانَ قَيَّدَ الِانْتِفَاعَ بِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ وَدِيعَةٌ فَاسِدَةٌ فَالْقَيْدُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ بِالتَّعْرِيفِ جَمِيعُ الْأَفْرَادِ وَلَوْ فَاسِدَةً وَإِنْ كَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَدِيعَةً مُطْلَقًا فَقَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ اللُّقَطَةُ وَالْأَمَانَةُ الشَّرْعِيَّةُ) أَيْ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا الِاسْتِحْفَاظُ أَيْ طَلَبُ الْحِفْظِ مِنْ الْغَيْرِ وَلَا التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ (قَوْلُهُ بَلْ الضَّرُورَةُ) يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ انْتِقَالِيًّا لَا إبْطَالِيًّا إذْ قَدْ يَكُونُ الدَّاعِي إلَيْهَا حَاجَةً وَقَدْ يَكُونُ ضَرُورَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ)