الْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَقْفَ ثَمَّ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا، أَمَّا مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ، أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي نَحْوِ الْجُدُرِ الْمَوْقُوفَةِ فَيَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَيْ: بِنِيَّةِ ذَلِكَ مَعَ الْبِنَاءِ وَمَرَّ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ بِمَوَاتٍ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ لِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ النَّظَرَ فِي حِصَّتِهِ فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي مَنْعُهُ مِنْ إيجَارِهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْأَصْبَحِيُّ وَابْنُ عُجَيْلٍ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا مُنْتَظَرًا وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ آخِرَ الْإِجَارَةِ مِنْ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِهِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِيهَا، وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا لِيَصْرِفَ مِنْ غَلَّتِهَا كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَفَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ اشْتَرَى بِهِ عَقَارًا، أَوْ بَعْضَهُ وَوَقَفَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ فَإِنْ قَلَّ الْفَاضِلُ جَمَعَهُ مِنْ شُهُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَاشْتَرَى بِهِ عَقَارًا، أَوْ بَعْضَهُ وَوَقَفَهُ
(وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) نَائِبًا عَنْهُ بِأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ (وَنَصَّبَ غَيْرَهُ) كَالْوَكِيلِ وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِإِنْسَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ لِمَنْ شَاءَ فَأَسْنَدَهُ لِآخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا مُشَارَكَتُهُ وَلَا يَعُودُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبِنَظِيرِ ذَلِكَ أَفْتَى فُقَهَاءُ الشَّامِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ بِمَثَابَةِ التَّمْلِيكِ وَخَالَفَهُمْ السُّبْكِيُّ فَقَالَ بَلْ كَالتَّوْكِيلِ وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ، وَالنَّاظِرِ مِنْ جِهَتِهِ عَزْلُ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَبَسَطَ ذَلِكَ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ جَمْعٌ كَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إسْقَاطُ بَعْضِ الْأَجْنَادِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَالنَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْلَى وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ وَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ بِفَرْضٍ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ بِلَا سَبَبٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّ التَّدْرِيسَ فَرْضٌ أَيْضًا وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ بِهِمَا كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ أَنَّ الرَّبْطَ بِهِ كَالتَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ عَزْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَقْدَحُ فِي نَظَرِهِ وَفَرَّقَ فِي الْخَادِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُفُوذِ عَزْلِ الْإِمَامِ لِلْقَاضِي تَهَوُّرًا بِأَنَّ هَذَا لِخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ الْخَاصِّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَزْلِ الْقَاضِي بِلَا سَبَبٍ: وَنُفُوذُ الْعَزْلِ فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَالْإِذْنِ، وَالْإِمَامَةِ، وَالتَّدْرِيسِ، وَالطَّلَبِ، وَالنَّظَرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمْنَا فِي فَصْلِ أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ عَنْ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مِثْلَهُ مَعَ زِيَادَةٍ عَنْ ع ش وَالرَّشِيدِيِّ رَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: الْمُنْشِئُ إلَخْ) اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ وَلَوْ زَادُوا، وَالِاسْتِئْنَافُ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ) وَ (قَوْلُهُ: مِنْ شُهُورٍ) أَيْ: مَثَلًا
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِلْوَاقِفِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِلْوَاقِفِ النَّاظِرِ عَزْلُ إلَخْ، أَمَّا غَيْرُ النَّاظِرِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَوْلِيَةٌ وَلَا عَزْلٌ بَلْ هِيَ لِلْحَاكِمِ (تَنْبِيهٌ)
قَدْ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ لَهُ الْعَزْلَ بِلَا سَبَبٍ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ اهـ وَعِبَارَةُ سم عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلِوَاقِفٍ نَاظِرٍ عَزْلُ إلَخْ وَقَوْلُ الْمَتْنِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يَعْزِلُهُ بِسَبَبٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ وَإِنْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بَعِيدٌ انْتَهَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: نَائِبًا عَنْهُ) إلَى قَوْلِهِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَنْفُذُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ رَدَّهُ إلَى اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ إلَّا أَنْ يَشْرِطَ فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: كَالْوَكِيلِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا يَعْزِلُ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ وَيُنَصِّبُ غَيْرَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ قَالَ الْوَاقِفُ جَعَلْت النَّظَرَ لِفُلَانٍ وَلَهُ أَنْ يُفَوِّضَ النَّظَرَ إلَى مَنْ أَرَادَ فَفَوَّضَ النَّظَرَ إلَى شَخْصٍ فَهَلْ يَزُولُ نَظَرُ الْمُفَوِّضِ، أَوْ يَكُونُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَكِيلًا عَنْ الْمُفَوِّضِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُفَوِّضُ هَلْ يَبْقَى النَّظَرُ لِلْمُفَوَّضِ إلَيْهِ، أَوْ مَاتَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ هَلْ يَعُودُ لِلْمُفَوِّضِ أَوْ لَا، يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ مَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِإِنْسَانٍ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَ إلَى مَنْ شَاءَ وَكَذَلِكَ مُسْنَدٌ بَعْدَ مُسْنَدٍ فَأَسْنَدَ إلَى إنْسَانٍ فَهَلْ لِلْمُسْنِدِ عَزْلُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ أَوْ لَا، وَهَلْ يَعُودُ النَّظَرُ إلَى الْمُسْنَدِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ لَا، وَلَوْ أَسْنَدَ الْمُسْنَدَ إلَيْهِ إلَى ثَالِثٍ فَهَلْ لِلْأَوَّلِ عَزْلُهُ أَوْ لَا، أَجَابَ لَيْسَ لِلْمُسْنِدِ عَزْلُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ وَلَا مُشَارَكَتُهُ وَلَا يَعُودُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلثَّانِي عَزْلُ الثَّالِثِ الَّذِي أَسْنَدَهُ إلَيْهِ الثَّانِي اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُسْنِدَهُ لِمَنْ شَاءَ) أَيْ: بِأَنْ يَجْعَلَ النَّظَرَ لِمَنْ يَخْتَارُهُ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: لِلْمُسْنِدِ (عَزْلُهُ) أَيْ: الْمُسْنَدِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ التَّفْوِيضَ) أَيْ: مِنْ الْإِنْسَانِ الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ) أَيْ: النَّاظِرِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ: لَا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: عَزْلُ الْمُدَرِّسِ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: وَلَك رَدُّهُ) أَيْ: الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ اهـ أَيْ: لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْهَا بِلَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الرَّبْطَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَنَّ الرَّبْطَ بِهِ) أَيْ: بِالْجِهَادِ (كَالتَّلَبُّسِ بِهِ) أَيْ: بِالتَّدْرِيسِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ نُسَلِّمْ مَا ذُكِرَ (فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الرَّبْطِ بِالْجِهَادِ وَالرَّبْطِ بِالتَّدْرِيسِ وَنَحْوِهِ أَيْ: وَالثَّانِي أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبْطَ بِنَحْوِ التَّدْرِيسِ أَقْوَى مِنْ الرَّبْطِ بِالْجِهَادِ (قَوْلُهُ: أَنَّ عَزْلَهُ) أَيْ: نَحْوِ الْمُدَرِّسِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَقْدَحُ فِي نَظَرِهِ) أَيْ: فَيَنْعَزِلُ حَيْثُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: تَهَوُّرًا) التَّهَوُّرُ الْوُقُوعُ فِي الشَّيْءِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ انْتَهَى مُخْتَارٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: خَوْفُ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: مَفْقُودٌ فِي النَّاظِرِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ يَنْفُذُ عَزْلُهُمْ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْخَاصَّةِ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ لَكِنْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَنُفُوذُ الْعَزْلِ فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ: الْأَذَانُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُدَرِّسَ لَيْسَ عَلَيْهِ تَفْهِيمٌ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلِوَاقِفٍ نَاظِرٍ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) أَيْ: وَلَوْ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْوَكِيلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يَعْزِلُهُ بِسَبَبٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ وَإِنْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ