رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ فَقَالَ قَالَ أَئِمَّتُنَا وَكُلٌّ مِنْ الْمُلَّاكِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا ضَمَانَ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفٍ وَمَنْ قَالَ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ مَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفٍ يُخَالِفُ فِيهِ الْعَادَةَ لِقَوْلِهِمْ لَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ بَالُوعَةً أَفْسَدَتْ مَاءَ بِئْرِ جَارِهِ أَوْ بِئْرًا نَقَصَتْ مَاءَهَا لَمْ يَضْمَنْ مَا لَمْ يُخَالِفْ الْعَادَةَ فِي تَوْسِعَةِ الْبِئْرِ أَوْ تَقْرِيبِهَا مِنْ الْجِدَارِ أَوْ تَكُنْ الْأَرْضُ خَوَّارَةً تَنْهَارُ إذَا لَمْ تُطْوَ فَلَمْ يَطْوِهَا فَيَضْمَنُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا وَيُمْنَعُ مِنْهَا لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوَاتٍ فَحَفَرَ آخَرُ بِئْرًا بِقُرْبِهَا فَنَقَصَ مَاءَ بِئْرِ الْأَوَّلِ مُنِعَ الثَّانِي مِنْهُ، قِيلَ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ اهـ وَكَأَنَّهُ أَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ حَرِيمًا لِبِئْرِهِ قَبْلَ حَفْرِ الثَّانِي فَمُنِعَ لِوُقُوعِ حَفْرِهِ فِي حَرِيمٍ مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ اهْتَزَّ الْجِدَارُ بِدَقِّهِ وَانْكَسَرَ مَا عُلِّقَ فِيهِ ضَمِنَهُ إنْ سَقَطَ حَالَةَ الضَّرْبِ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَيَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ سُقُوطَهُ عَقِبَ الضَّرْبِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عَادَةً كَسُقُوطِهِ حَالَةَ الضَّرْبِ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مُرَادَهُمْ بِحَالَةِ الضَّرْبِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ)
يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمَالِكَ مَا لَوْ تَوَلَّدَ مِنْ الرَّائِحَةِ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ كَمَرَضٍ فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ تَوَلُّدُهُ وَإِيذَاؤُهُ الْمَذْكُورُ مُنِعَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَيَجُوزُ) قَطْعًا (إحْيَاءُ مَوَاتِ الْحَرَمِ) بِمَا يُفِيدُ مِلْكَهُ كَمَا يُمْلَكُ عَامِرُهُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَلْ يُسَنُّ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ بَيْعِ عَامِرِهِ (دُونَ عَرَفَاتٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إجْمَاعًا فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا وَلَا تُمْلَكُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ النُّسُكِ بِهَا وَإِنْ اتَّسَعَتْ وَلَمْ تَضِقْ بِهِ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُحَصَّبِ بَلْ أَوْلَى أَنَّ نَمِرَةَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ بِهَا قَبْلَ زَوَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْأَكِيدَةِ (قُلْتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQرَأَيْتُ بَعْضَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَقَدْ نَقَلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ كُلُّ شَخْصٍ فِي مِلْكِهِ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْضَهُمْ) أَيْ كَشَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اهـ سم (قَوْلُهُ نَقَلَ ذَلِكَ) أَيْ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْمُلَّاكِ يَتَصَرَّفُ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا وَافَقَ الْعَادَةَ وَإِنْ ضَرَّ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ وَأَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا خَالَفَهَا إنْ لَمْ يَضُرَّ الْمِلْكَ وَإِنْ ضَرَّ الْمَالِكَ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ الْأَجْنَبِيَّ بِالْأَوْلَى وَيَكْفِي فِي جَرَيَانِ الْعَادَةِ كَوْنُ جِنْسِهِ يُفْعَلُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِفِعْلِ عَيْنِهِ وَمِنْهُ حَدَّادٌ بَيْنَ بَزَّازَيْنِ فَخَرَجَ نَحْوُ مَعْمَلِ النَّشَادِرِ فَيَضْمَنُ فَاعِلُهُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِثْلُهُ مَعْمَلُ الْبَارُودِ (تَنْبِيهٌ)
شَمِلَ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ الْمُعْتَادِ مَا لَوْ أَسْرَجَ فِي مِلْكِهِ سِرَاجًا وَلَوْ بِنَجِسٍ وَلَزِمَ عَلَيْهِ تَسْوِيدُ جِدَارِ جَارِهِ قَلْيُوبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفٍ) لَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَتَحَ سَرَابًا بِدُونِ إعْلَامِ الْجِيرَانِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِرَائِحَتِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَمَنْ فَتَحَ بِدُونِ إعْلَامٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ فَلِذَا ضَمِنَ وَمَنْ قَلَى أَوْ شَوَى فِي مِلْكِهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي إجْهَاضِ الْحَامِلِ إنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ وَجَبَ دَفْعُ مَا يَدْفَعُ الْإِجْهَاضَ عَنْهَا فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ لَكِنْ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْلِيَ أَوْ يَشْوِيَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ فَلَا يَضْمَنُ م ر سم عَلَى حَجّ أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ مَتَى عَلِمَهَا وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ لَكِنْ يَقُولُ لَهَا لَا أَدْفَعُ لَك إلَّا بِالثَّمَنِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ بَذْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَتَضْمَنُ هِيَ جَنِينَهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ بَذْلِ الثَّمَنِ إلَخْ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ حَالًا وَطَلَبَتْ مِنْهُ نَسِيئَةً فَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ بِلَا عِوَضٍ لِاضْطِرَارِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ بِذِمَّتِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ ضَمِنَ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْرَجَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْمُعْتَادِ جَازَ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلْوِيثِ جِدَارِ الْغَيْرِ بِالدُّخَانِ وَتَسْوِيدِهِ بِهِ أَوْ تَلْوِيثِ جِدَارِ مَسْجِدٍ بِجِوَارِهِ وَلَوْ مَسْجِدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَذَا قَالَ م ر وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بَلْ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْإِسْرَاجِ بِمَا هُوَ نَجِسٌ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَا ذُكِرَ وَقَدْ الْتَزَمَهُ م ر تَارَةً وَتَوَقَّفَ أُخْرَى فِيمَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ وَحَيْثُ اسْتَنَدَ إلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، فَالظَّاهِرُ مَا الْتَزَمَهُ بِدُونِ التَّوَقُّفِ اهـ ع ش أَقُولُ بَلْ الظَّاهِرُ التَّوَقُّفُ لَا سِيَّمَا فِي تَلْوِيثِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ أَوْ تَكُنْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى يُخَالِفْ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمْ تَكُنْ إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَوْ لِكَوْنِ الْأَرْضِ إلَخْ عَطْفًا عَلَى فِي تَوْسِعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ خَوَّارَةً) فِي الْقَامُوسِ وَالْخَوَّارُ كَكَتَّانٍ الضَّعِيفُ اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ تُطْوَ) أَيْ لَمْ تُبْنَ
(قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ إلَخْ) إذْ لَمْ يَقَعْ الْحَفْرُ فِي حَرِيمٍ مِلْكِ غَيْرِهِ بَلْ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي سَوَاءٌ أَسَقَطَ فِي حَالِ الدَّقِّ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّينَ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُ م ر لَمْ يَضْمَنْ أَيْ حَيْثُ كَانَ دَقُّهُ مُعْتَادًا وَلَوْ اخْتَلَفَا صُدِّقَ الدَّاقُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ وَعِبَارَةُ الثَّانِي وَقَالَ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ فِي الْحَالَيْنِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ.
(قَوْلُهُ قَطْعًا) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بَلْ يُسَنُّ) أَيْ الْإِحْيَاءُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ بَيْعِ عَامِرِهَا) يَعْنِي مَكَّةَ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهَا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْحَرَمِ اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSرَأَيْتُ بَعْضَهُمْ) أَيْ كَشَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفٍ) لَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَتَحَ سَرَابًا بِدُونِ إعْلَامِ الْجِيرَانِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِرَائِحَتِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَمَنْ فَتَحَ بِدُونِ إعْلَامٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِالْإِعْلَامِ فَلِذَا ضَمِنَ وَمَنْ قَلَى أَوْ شَوَى فِي مِلْكِهِ مَا يُؤَثِّرُ إجْهَاضَ الْحَامِلِ إنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا يَدْفَعُ الْإِجْهَاضَ عَنْهَا فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ لَكِنْ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْلِيَ أَوْ يَشْوِيَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ فَلَا يَضْمَنُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ) إذْ لَمْ يَقَعْ الْحَفْرُ فِي حَرِيمٍ مِلْكِ غَيْرِهِ بَلْ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَاضِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ