مَا بُنِيَ فِيهِ كَمَا نُقِلَ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَقَدْ عَمَّ فِعْلُ ذَلِكَ وَطَمَّ حَتَّى أَلَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَأَطَالُوا لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ فَلَمْ يَنْزَجِرُوا قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يُغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ مِنْ حَرِيمِهِ أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا صَارَ حَرِيمًا لَا يَزُولُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ بِزَوَالِ مَتْبُوعِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.
وَحَرِيمُ (الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ (فِي الْمَوَاتِ) لِلتَّمَلُّكِ وَذِكْرُهُ الْمَوَاتَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحَرِيمُ إلَّا فِيهِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ إلَى آخِرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهَا صَلَاةٌ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْبِنَاءِ فَمَعَ وُجُودِهِ كَذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَقْفَ الْبِنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْإِزَالَةَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ خَدَمَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِمَّنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِيهِ كَقِرَاءَةٍ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومَ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ وَقْفًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهُمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَسْجِدٍ وَاعْتِقَادُ الْوَاقِفِ صِحَّةَ وَقْفِيَّتِهِ مَسْجِدًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشَّرْطِ وَتَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْقَصْرِ مُجَاوَزَةُ مَحَلِّهِ فَهُوَ كَسَاحَةٍ بَيْنَ الدُّورِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ انْتَهَى وَهُوَ جَدِيرٌ بِمَا ذَكَرَهُ لِنَفَاسَتِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُهُمْ الْمَعْلُومَ لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْطُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةَ مَا جُعِلَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَدْ جَعَلَهُ مِنْ أَمَاكِنَ جَعَلَهَا بِجَوَانِبِ الْمَسْجِدِ أَوْ أَسْفَلَهُ فِي الْحَرِيمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ وَاقِعٌ كَثِيرًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ وَقْفِيَّتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْمَعْلُومُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَرِيمِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعَاطِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَيُهْدَمُ مَا بُنِيَ فِيهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الرَّوْضِ مِنْ جَوَازِ بِنَاءِ الرَّحَى عَلَى الْأَنْهَارِ وَأَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَأَجَابَ عَلَى الْفَوْرِ بِحَمْلِ مَا يَأْتِي عَلَى مَا يُفْعَلُ لِلِارْتِفَاقِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ الدَّارُ لِلِارْتِفَاقِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الرَّحَى أَنْ يَعُمَّ نَفْعُهَا بِخِلَافِ الدَّارِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ إلَخْ وَفِي سم وَأَقَرَّهُ ع ش (فَرْعٌ)
الِانْتِفَاعُ بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ كَحَافَّاتِهَا بِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالْأَثْقَالِ وَجَعْلِ زَرِيبَةٍ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ فِي سَاحِلِ بُولَاقَ وَمِصْرَ الْقَدِيمِ وَنَحْوِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ فَعَلَهُ لِلِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَمْ يَضُرَّ بِانْتِفَاعِ غَيْرِهِ وَلَا ضَيَّقَ عَلَى الْمَارَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَلَا عَطَّلَ أَوْ نَقَصَ مَنْفَعَةَ النَّهْرِ كَانَ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ انْتَفَعَ بِمَحَلٍّ انْكَشَفَ عَنْهُ النَّهْرُ فِي زَرْعٍ وَنَحْوِهِ اهـ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَإِنْ انْحَسَرَ مَاءُ النَّهْرِ عَنْ جَانِبٍ مِنْ أَرْضِهِ وَصَارَتْ مَكْشُوفَةً لَمْ تَخْرُجْ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ حُقُوقِ النَّهْرِ مُسْتَحَقَّةً لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ تَمْلِيكُهَا وَلَا تَمْلِيكُ شَيْءٍ مِنْ النَّهْرِ أَوْ حَرِيمِهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ انْكَشَفَ الْمَاءُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ نَعَمْ لَهُ دَفْعُهَا لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهَا حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ كَذَا تَحَرَّرَ مَعَ م ر فِي دَرْسِهِ بِالْمُبَاحَثَةِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى سم اهـ
(قَوْلُهُ أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ جَازَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَا يَزُولُ وَصْفُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَ (قَوْلُهُ بِزَوَالِ مَتْبُوعِهِ) أَيْ حَيْثُ اُحْتُمِلَ عَوْدُهُ كَمَا كَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَذِكْرُهُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَ (قَوْلُهُ لِبَيَانِ إلَخْ) خَبَرُهُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحَرِيمُ إلَّا فِيهِ) لَوْ مَلَكَ قِطْعَةَ أَرْضٍ فِي أَثْنَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَأَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَأَجَابَ عَلَى الْفَوْرِ بِحَمْلِ مَا يَأْتِي عَلَى مَا يُفْعَلُ لِلِارْتِفَاقِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ الدَّارُ لِلِارْتِفَاقِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الرَّحَى أَنْ يَعُمَّ نَفْعُهَا بِخِلَافِ الدَّارِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ) كَشَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (فَرْعَانِ) أَحَدُهُمَا الِانْتِفَاعُ بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ كَحَافَّاتِهَا بِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالْأَثْقَالِ وَجَعْلِهِ زَرِيبَةً مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ فِي سَاحِلِ بُولَاقَ وَمِصْرَ الْقَدِيمِ وَنَحْوِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ فَعَلَهُ لِلِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَمْ يَضُرَّ بِانْتِفَاعِ غَيْرِهِ وَلَا ضَيَّقَ عَلَى الْمَارَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَلَا عَطَّلَ أَوْ نَقَصَ مَنْفَعَةَ النَّهْرِ كَانَ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ انْتَفَعَ بِمَحَلٍّ انْكَشَفَ عَنْهُ النَّهْرُ فِي زَرْعٍ وَنَحْوِهِ وَالثَّانِي مَا يَحْدُثُ فِي خِلَالِ النَّهْرِ مِنْ الْجَزَائِرِ وَالْوَجْهِ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ امْتِنَاعُ إحْيَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّهْرِ أَوْ مِنْ حَرِيمِهِ لِاحْتِيَاجِ رَاكِبِ الْبَحْرِ وَالْمَارِّ بِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا لِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالْمُرُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَلْ هِيَ أَوْلَى بِمَنْعِ إحْيَائِهَا مِنْ الْحَرِيمِ الَّذِي تَبَاعَدَ عَنْهُ الْمَاءُ وَقَدْ تَقَرَّرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ م ر.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْبِئْرِ فِي الْمَوَاتِ) هُوَ مِثْلُ قَوْلِ التَّلْخِيصِ الْفَصَاحَةُ فِي الْمُفْرَدِ وَقَدْ أَشَارَ السَّعْدُ إلَى أَنَّ فِي الْمُفْرَدِ صِفَةَ الْفَصَاحَةِ وَقَدَّرَ الْمُتَعَلَّقِ مَعْرِفَةً أَيْ الْكَائِنَةُ كَمَا بَيَّنَهُ السَّيِّدُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ النُّحَاةِ أَنَّ الظَّرْفَ لَا يُوصَفُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ وَأَنَّ تَقْدِيرَ مُتَعَلَّقِهِ مَعْرِفَةً لَا يُفِيدُ جَوَازَ وَصْفِهَا بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحَرِيمُ إلَّا فِيهِ إلَخْ) لَوْ مِلْكُهُ قِطْعَةُ أَرْضٍ فِي أَثْنَاءِ مَوَاتٍ ثُمَّ حَفَرَهَا جَمِيعَهَا بِئْرًا