أَنَّ الضَّمِيرَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ» لِصَاحِبِ الْخَشَبِ وَلِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ أَيْ: لَا يَمْنَعُهُ الْجَارُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ لِنَحْوِ مَنْعِ ضَوْءٍ فَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ لِلْأَوَّلِ كَانَ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ بِقَرِينَةِ ذَيْنِك الْخَبَرَيْنِ نَعَمْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مَرْفُوعًا «لِلْجَارِ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِ غَيْرِهِ» وَإِنْ كَرِهَ فَإِنْ صَحَّ أَشْكَلَ عَلَى الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا فَإِنْ قُلْت لَوْ سَلَّمْنَا عَدَمَ صِحَّةِ هَذَا فَذَاكَ الدَّلِيلُ ظَاهِرٌ فِي الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُهُ تَخْصِيصٌ وَاللَّازِمُ لِلْجَدِيدِ مَجَازٌ وَالتَّخْصِيصُ خَيْرٌ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ قُلْت إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ آخَرُ وَهُوَ هُنَا كَثْرَةُ الْعُمُومَاتِ الْمَانِعَةِ مِنْ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَأَحَدُهَا كَانَ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَخْتُومِ بِهَا بَيَانُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ إلَّا مَا شَذَّ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي تَأَخُّرِهِ عَنْ ذَلِكَ الْخُصُوصِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لَمَّا اسْتَجَازَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مُخَالَفَةَ ذَلِكَ الْخُصُوصِ وَخَرَجَ بِبَيْنَ الْمَالِكَيْنِ سَابَاطٌ أَرَادَ وَضْعَ جُذُوعِهِ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ الْمُقَابِلِ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ قَطْعًا.

وَعَلَى الْجَدِيدِ (فَلَوْ رَضِيَ) الْمَالِكُ بِوَضْعِ جُذُوعٍ أَوْ بِنَاءٍ عَلَى جِدَارِهِ (بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ إعَارَةٌ) لِصِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَسْتَفِدْ وَضْعَهَا ثَانِيًا لَوْ سَقَطَتْ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَ وَضْعِ نَحْوِ جِذْعٍ كَانَ لِمَالِكِهِ إعَادَتُهُ قَطْعًا لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وَضْعَهُ بِحَقٍّ وَشَكَكْنَا فِي مُجَوِّزِ الرُّجُوعِ وَلَيْسَ لِذِي الْجِدَارِ هُنَا نَقْضُهُ إلَّا أَنْ تُهْدَمَ (وَ) عَلَى أَنَّهُ إعَارَةٌ (لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ: الْجِدَارِ أَوْ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ قَطْعًا (وَكَذَا بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQاهـ سم.

(قَوْلُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ) أَيْ: ضَمِيرَ جِدَارِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ) رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ مُنَوَّنًا وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ مُضَافًا انْتَهَى مُحَلَّى اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذَلِكَ يُعْلَمُ إلَخْ بِحَسَبِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُهُ) أَيْ: الْجَارَ الثَّانِيَ فِي الْحَدِيثِ وَكَذَا ضَمِيرُ أَنْ يَضَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَضَرَّرَ) أَيْ: الْجَارُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَإِنْ جُعِلَ إلَخْ) أَيْ: كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَجَرَى عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ: لِلْجَارِ الْأَوَّلِ فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ ذَيْنِك الْخَبَرَيْنِ) أَيْ: الْحَسَنِ وَالصَّحِيحِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ إلَخْ فَدَاخِلٌ فِي الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ) أَيْ: فِي الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ عَدَمُ صِحَّةٍ هَذَا) أَيْ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى (قَوْلُهُ فَذَاكَ إلَخْ) أَيْ: الْخَبَرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْقَدِيمَ أَيْ: حَمْلُ الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَلَى الْقَدِيمِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ لِلْجَارِ الْأَوَّلِ فِيهِ (قَوْلُهُ تَخْصِيصٌ) أَيْ: لِلْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ بِغَيْرِ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَجَازٌ) أَيْ: بِحَمْلِ الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَلَى التَّنْزِيهِ سم وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ وَإِنْ كَثُرَتْ الْعُمُومَاتُ جِدًّا وَتَأَخَّرَتْ قَطْعًا اهـ سم.

(قَوْلُهُ إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ) أَيْ: كَوْنُ الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا فِي الْقَدِيمِ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى قَوْلِهِمْ وَالتَّخْصِيصُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ مُرَجِّحٌ) أَيْ لِلْجَدِيدِ اهـ كُرْدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ لِلْمَجَازِ (قَوْلُهُ الْمَانِعَةُ) مَمْنُوعٌ اهـ سم.

(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْقَدِيمِ اهـ كُرْدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ هُوَ التَّخْصِيصُ (قَوْلُهُ بِهَا) أَيْ: يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: الْكَوْنُ فِي يَوْمِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ (فِي تَأَخُّرِهِ) أَيْ: ذَلِكَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ الْخُصُوصِ) أَيْ خُصُوصِ الْجِدَارِ يَعْنِي الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ اهـ كُرْدِيٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخُصُوصُ بِمَعْنَى الْخَاصِّ أَيْ: الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الْخَاصِّ بِالْجِدَارِ.

(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: التَّأَخُّرَ (وَقَوْلُهُ ذَلِكَ الْخُصُوصُ) أَرَادَ بِهِ الْوَضْعَ عَلَى الْجِدَارِ اهـ كُرْدِيٌّ أَيْ: اسْتِثْنَاءُ الشَّارِعِ وَضْعَ الْجُذُوعِ عَلَى الْجِدَارِ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) لَا يَظْهَرُ لَهُ مَوْقِعٌ هُنَا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ حِينَ وُرُودِ ذَلِكَ الْخُصُوصُ أَوْ حِينَ؛ إذْ كَانَ الْجِدَارُ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ) أَيْ: التَّأَخُّرُ (وَقَوْلُهُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ الْخُصُوصِ) أَيْ: الْوَضْعِ عَلَى الْجِدَارِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ الْإِجَارَةَ الْمُؤَبَّدَةَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَقَوْلُهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ أَرَادَ وَضْعَ إلَخْ) أَيْ: أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهُ عَلَى شَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَنْ يَضَعَ طَرَفَ الْجُذُوعِ عَلَى جِدَارٍ إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالرِّضَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَضْعُهَا) أَيْ: أَوْ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَوْ سَقَطَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ حَتَّى لَوْ رَفَعَ جُذُوعَهُ أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ فَبَنَاهُ صَاحِبُهُ بِتِلْكَ الْآلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَضْعُ ثَانِيًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَ وَضْعِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ فَلَوْ مَلَكَا دَارَيْنِ وَرَأَيَا خَشَبًا عَلَى الْجِدَارِ وَلَا يَعْلَمُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وَضْعَهُ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ وَضْعِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَيْ: وَالْمُغْنِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَلَا يُنْقَضُ وَيُقْضَى لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ دَائِمًا إلَخْ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْوَضْعَ دَائِمًا بِنَحْوِ شِرَاءِ أَوْ قَضَاءِ حَاكِمٍ يَرَاهُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَلِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ إنْ كَانَ مُتَهَدِّمًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ اهـ.

قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر نَقْضُهُ أَيْ: الْجِدَارِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُ الْوَضْعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُهْدَمَ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بِأُجْرَةٍ) فَلَوْ اخْتَارَ الْإِبْقَاءَ بِأُجْرَةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَتْنِ عَلَى الْجِنْسِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ) أَيْ: فِي جِدَارِهِ فِي قَوْلِهِ يُعْلَمُ نَظَرٌ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) أَيْ بِالْحَمْلِ عَلَى التَّنْزِيهِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ وَإِنْ كَثُرَتْ الْعُمُومَاتُ جِدًّا وَتَأَخَّرَتْ قَطْعًا (قَوْلُهُ الْمَانِعَةُ) مَمْنُوعٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وَضْعَهُ بِحَقٍّ) أَيْ: اسْتِحْقَاقِ وَضْعِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَلَا يُنْقَضُ وَيُقْضَى لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ دَائِمًا إلَخْ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْوَضْعَ دَائِمًا بِنَحْوِ شِرَاءِ أَوْ قَضَاءِ حَاكِمٍ يَرَاهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015