فِيهِ غَرَضًا صَحِيحًا هُوَ الثَّوَابُ أَوْ التَّلَذُّذُ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَ التَّبْذِيرِ وَالسَّرَفِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ الْجَهْلُ بِمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ وَالثَّانِيَ الْجَهْلُ بِمَقَادِيرِهَا وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ حَقِيقَةُ السَّرَفِ مَا لَا يَقْتَضِي حَمْدًا عَاجِلًا وَلَا أَجْرًا آجِلًا وَلَا يُنَافِي مَا هُنَا عُدَّ الْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ يَقْتَرِضُ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رَجَاءِ وَفَاءٍ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ مَعَ جَهْلِ الْمُقْرِضِ بِحَالِهِ.
(وَيُخْتَبَرُ) مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَلَوْ غَيْرَ أَصْلٍ (رُشْدُ الصَّبِيِّ) فِيهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَوَقِّي الْمُحَرَّمَاتِ وَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ تَوَقِّيَ الشُّبُهَاتِ أَرَادَ التَّأْكِيدَ لَا الِاشْتِرَاطَ كَمَا عُرِفَ مِنْ شَرْطِ الرُّشْدِ السَّابِقِ وَقَدْ جَوَّزُوا لِلشَّاهِدِ بِهِ اعْتِمَادَ الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَحُطَّ بِالْبَاطِنَةِ (وَ) أَمَّا فِي الْمَالِ فَهُوَ (يَخْتَلِفُ بِالْمَرَاتِبِ فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ) وَالسُّوقِيُّ (بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) أَيْ: بِمُقَدَّمَاتِهِمَا فَعَطْفُهُ مَا بَعْدَهُمَا عَلَيْهِمَا مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ أَوْ الْأَخَصِّ وَذَلِكَ لِمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِمَا مِنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ (وَالْمُمَاكَسَةُ فِيهِمَا) بِأَنْ يَطْلُبَ أَنْقَصَ مِمَّا يُرِيدُهُ الْبَائِعُ وَأَزْيَدَ مِمَّا يُرِيدُهُ الْمُشْتَرِي وَيَكْفِي اخْتِبَارُهُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ عَنْ بَاقِيهَا.
(وَوَلَدُ الزُّرَّاعِ بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقِوَامِ بِهَا) أَيْ: بِمَصَالِحِهَا كَحَرْثٍ وَحَصْدٍ وَحِفْظِ أَيْ: إعْطَائِهِمْ الْأُجْرَةَ وَوَلَدُ نَحْوِ الْأَمِيرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَتْبَاعِ أَبِيهِ وَالْفَقِيهُ بِذَلِكَ وَنَحْوِ شِرَاءِ الْكُتُبِ (وَالْمُحْتَرِفُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ) يَصِحُّ جَرُّهُ وَعَلَيْهِ يَرْجِعُ ضَمِيرُ حِرْفَتِهِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ سَائِغٌ وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْكَافِي يُخْتَبَرُ الْوَلَدُ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ وَأَقَارِبِهِ وَرَفْعِهِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ مَا مَرَّ فِي وَلَدِ نَحْوِ التَّاجِرِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ حِرْفَةٌ وَاخْتُبِرَ حِينَئِذٍ بِحِرْفَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حَيْثُ لَا حِرْفَةَ لَهُ أَنَّهُ يَتَطَلَّعُ لِحِرْفَةِ أَبِيهِ وَإِلَّا اُخْتُبِرَ الْوَلَدُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِحِرْفَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَطَلَّعُ إلَيْهَا وَلَا يُحْسِنُهَا حِينَئِذٍ (وَ) تُخْتَبَرُ (الْمَرْأَةُ) مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِيهِ النَّصُّ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ وَالْمَحَارِمَ يَخْتَبِرُونَهَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُنِيبُهُمْ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ قِيلَ يَكْفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّرْفِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ) قَدْ يُنَاقَشُ فِي هَذَا الْفَرْقِ بِإِمْكَانِ صَرْفِ مَا لَا يَلِيقُ صَرْفُهُ مَعَ عَدَمِ الْجَهْلِ اهـ سم (قَوْلُهُ مَا هُنَا) أَيْ: مِنْ أَنَّ الصَّرْفَ فِي الْمَطَاعِمِ إلَخْ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَوْنِ الصَّرْفِ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِهِ لَيْسَ تَبْذِيرًا أَنَّهُ لَيْسَ بِحِرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغَارِمِ وَإِذَا كَانَ غُرْمُهُ فِي مَعْصِيَةٍ كَالْخَمْرِ وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يُعْطَ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَجَعْلُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ تَنَاقُضًا أُجِيبَ بِأَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْمَذْكُورُ هُنَاكَ فِي الِاقْتِرَاضِ مِنْ النَّاسِ إلَخْ اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ قَضِيَّةُ إلَخْ وَهَلْ يُكْرَهُ نَعَمْ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ م ر وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْعَقْدَ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّبَسُّطِ وَالْإِسْرَافِ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُخْتَبَرُ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ) إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ زَادَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ {وَابْتَلُوا} [النساء: 6] إلَخْ) أَيْ: اخْتَبِرُوهُمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي فِعْلِ الطَّاعَاتِ إلَخْ) أَيْ: وَمُخَالَطَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَدْ جَوَّزُوا لِلشَّاهِدِ إلَخْ) اُنْظُرْ فَائِدَةَ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ اهـ سم وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْمَالِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا فِي الدِّينِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالسُّوقِيُّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْفَقِيهُ إلَى الْمَتْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَدُ التَّاجِرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّاجِرُ عُرْفًا كَالْبَزَّازِ لَا مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَالسُّوقِيُّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَعَطْفُهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى تَقْدِيرِهِ الْمُضَافِ أَيْ الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ جَمِيعُ مُقَدِّمَاتِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَخَصُّ) يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا خُصُوصُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: تَقْدِيرُ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَطْلُبَ أَنْقَصَ إلَخْ) اسْمُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهُوَ طَلَبُ النُّقْصَانِ عَمَّا طَلَبَهُ الْبَائِعُ وَطَلَبُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا يَبْذُلُهُ الْمُشْتَرِي اهـ.
(قَوْلُهُ أَنْقَصَ إلَخْ) عَلَى حَذْفِ الْخَافِضِ أَيْ: بِأَنْقَصَ إلَخْ وَبِأَزْيَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي اخْتِيَارُهُ فِي نَوْعٍ إلَخْ) ثُمَّ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ تَبَيَّنَ عَدَمُ رُشْدِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ: إعْطَاؤُهُمْ الْأُجْرَةَ) أَيْ الَّتِي عَيَّنَهَا وَلِيُّهُ لِلدَّفْعِ لِلْعُمَّالِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا وَحَيْثُ احْتَاجَ إلَى شِرَاءِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ أَوْ اسْتِئْجَارِ بَعْضِهِمْ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مِنْ وَلِيِّهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ بِالْمَعْنَى وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ م ر وَلَيْسَ ذَلِكَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَوَلَدُ نَحْوِ الْأَمِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَوَلَدُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ يُعْطَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ فِي خُبْزٍ وَلَحْمٍ وَمَاءٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ نَفَقَةَ يَوْمٍ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ ثُمَّ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ ثُمَّ نَفَقَةَ شَهْرٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ أَيْ: دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَيُخْتَبَرُ مَنْ لَا حِرْفَةَ لِأَبِيهِ أَيْ: وَلَا لَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ؛ إذْ لَا يَخْلُو مَنْ لَهُ وَلَدٌ عَنْ ذَلِكَ أَيْ: الْعِيَالِ غَالِبًا اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى اتِّبَاعِ أَبِيهِ) أَيْ: أَجْنَادِهِ يَعْنِي إعْطَاءَهُمْ وَظَائِفَهُ بِقَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ) وَهُوَ الْمُحْتَرِفُ.
(قَوْلُهُ وَاخْتُبِرَ إلَخْ) الْأَسْبَكُ فَيُخْتَبَرُ حِينَئِذٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) أَيْ: كَوْنُ اخْتِبَارِ الْمَرْأَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ يُنِيبُهُمْ فِي ذَلِكَ) أَيْ يُنِيبُ الْوَلِيُّ النِّسَاءَ وَالْمَحَارِمَ فِي الِاخْتِبَارِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ النِّهَايَةِ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ قَالَ ع ش أَيْ لِإِرَادَةِ دَوَامِ الْحَجْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّصِّ (قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عِنْدَ جَهْلِهِ بِحَالِ الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ) قَدْ يُنَاقَشُ فِي هَذَا الْفَرْقِ بِإِمْكَانِ صَرْفِ مَا لَا يَلِيقُ صَرْفُهُ مَعَ عَدَمِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَوَّزُوا لِلشَّاهِدِ) اُنْظُرْ فَائِدَةَ ذَلِكَ