إنْ عَنَى الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ فَبَاطِلٌ أَوْ اللُّغَوِيَّ وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ تَذْكِرَةً صَحَّ، وَإِنْ جَهِلَ مُرَادَهُ احْتَمَلَ بُطْلَانَ الشَّرْطِ حَمْلًا عَلَى الشَّرْعِيِّ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِرَهْنٍ لِتَعَذُّرِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْطِ أَوْ لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا وَشَرْطُ هَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مَظِنَّةُ ضَيَاعِهِ وَاحْتَمَلَ صِحَّتَهُ حَمْلًا عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ اهـ وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ مَا رَجَّحَهُ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَتْبَعُ اللُّغَةَ وَكَيْفَ يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ مَعَ امْتِنَاعِ حَبْسِهِ شَرْعًا فَلَا فَائِدَةَ لَهَا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا عَمِلَ بِشَرْطِهِ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْآخِذِ وَثِيقَةً تَبْعَثُهُ عَلَى إعَادَتِهِ وَتُذَكِّرُهُ بِهِ حَتَّى لَا يَنْسَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ ثِقَةً؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ قَدْ يَتَبَاطَأُ فِي رَدِّهِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَتَبْعَثُ النَّاظِرَ عَلَى طَلَبِهِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُرَاعَاتُهَا.
وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَالشَّرْطُ بُلُوغُهَا ثَمَنَهُ لَوْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ عَلَى مَا بَحَثَ إذْ لَا يُبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ الرَّهْنُ (بِمَا) لَيْسَ بِثَابِتٍ سَوَاءٌ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فِي الْغَدِ أَمْ لَا كَرِهْنَهُ عَلَى مَا (سَيُقْرِضُهُ) أَوْ سَيَشْتَرِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ.
(وَ) قَدْ يُغْتَفَرُ تَقَدُّمُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ كَمَا (لَوْ قَالَ أَقْرَضْتُك هَذِهِ لِدَرَاهِمَ وَارْتَهَنْت بِهَا عَبْدَك) هَذَا أَوْ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا (فَقَالَ اقْتَرَضْت وَرَهَنْت أَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَارْتَهَنْت) بِثَمَنِهِ هَذَا (الثَّوْبَ) أَوْ مَا صِفَتُهُ كَذَا (فَقَالَ اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِجَوَازِ شَرْطِ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ فَمَزْجُهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ إذْ قَدْ لَا يَفِي بِالشُّرُوطِ وَفَارَقَ بُطْلَانَ كَاتَبْتُك بِكَذَا وَبِعْتُك هَذَا بِدِينَارٍ فَقَبِلَهُمَا بِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَلِهَذَا جَازَ شَرْطُهُ فِيهِمَا مَعَ امْتِنَاعِ شَرْطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ.
قَالَ الْقَاضِي وَيُقَدَّرُ فِي الْبَيْعِ وُجُوبُ الثَّمَنِ وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ بِالْبَيْعِ لِلْمُلْتَمِسِ فِي الْبَيْعِ الْضِمْنِي اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ حَيْثُ قَالُوا تُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِأَقْرَبِ مَسْجِدٍ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فَيُرَاعَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي إخْرَاجِ الْكُتُبِ مِنْ إعْطَاءِ نَحْوِ كُرَّاسَةٍ لِيَنْتَفِعَ بِهَا وَيُعِيدَهَا ثُمَّ يَأْخُذَ بَدَلَهَا فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْكِتَابِ بِتَمَامِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَحْبُوكًا فَيَنْبَغِي جَوَازُ فَكِّ الْحَبْكَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ جُمْلَتِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِضَيَاعِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِجُمْلَتِهِ كَالْمُصْحَفِ جَازَ إخْرَاجُهُ وَعَلَى النَّاظِرِ تَعَهُّدِهِ فِي طَلَبِ رَدِّهِ أَوْ نَقْلِهِ إلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَعَدَمُ قَصْرِهِ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ اللُّغَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ مَنْ يُطَالِعُ كِتَابَهُ إلَى مُرَاجَعَةِ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَقْصُودُهُ بِأَخْذِ كُرَّاسَةٍ مَثَلًا اهـ ع ش.
(وَقَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ عَنَى) أَيْ قَصَدَ الْوَقْفَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ لِلشَّرْطِ) أَيْ لِمَا تَضْمَنَّهُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ مَنْعِ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ أَوْ لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ قَوْلِ الْوَاقِفِ إلَّا بِرَهْنٍ وَلَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ أَوْ لِتَنْوِيعِ التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْإِخْرَاجِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَاحْتَمَلَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى احْتَمَلَ بُطْلَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا رَجَّحَهُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّتُهُ وَحَمَلَهُ عَلَى اللُّغَوِيِّ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش أَيْ صِحَّةُ الشَّرْطِ اهـ يَعْنِي فِيمَا إذَا أَرَادَ اللُّغَوِيُّ أَوْ جَهِلَ مُرَادَهُ (قَوْلُهُ حَبْسِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ فَلَا فَائِدَةَ لَهَا) أَيْ لِلصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الشَّرْطُ صَحِيحًا مُعْمَلٌ بِهِ لَكِنْ قَالَ سم مَا تَقَدَّمَ اهـ ع ش وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ إرَادَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ أَرَادَهُ أَوْ الْحَمْلُ عَلَيْهِ حَيْثُ جَهِلَ مُرَادَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَتُذَكِّرُهُ بِهِ حَتَّى لَا يَنْسَاهُ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ تَبْعَثُهُ عَلَى إعَادَتِهِ (قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهِ ثِقَةً.
(قَوْلُهُ وَتَبْعَثُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَبْعَثُهُ (قَوْلُهُ مُرَاعَاتُهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ (قَوْلُهُ وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا) أَيْ بِالْعَمَلِ بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْإِعَادَةِ.
(قَوْلُهُ كَرَهْنِهِ عَلَى مَا سَيُقْرِضُهُ) أَيْ رَهْنِ شَخْصٍ عَلَى مَا سَيُقْرِضُهُ شَخْصٌ آخَرُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَيُقْرِضُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ سَيَثْبُتُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ سَيَشْتَرِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ الظَّاهِرُ سَيَشْتَرِي بِهِ فَلَعَلَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَوْ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُغْتَفَرُ إلَخْ) الْفَرْضُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ دَيْنًا ثَابِتًا إذْ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَ صِيغَةِ الرَّهْنِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَحَدُ شِقَّيْ الرَّهْنِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ شِقَّاهُ جَمِيعًا فِي صُورَةٍ الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ إذْ مُقْتَضَى تَوَقُّفِ الْمَلِكِ عَلَى الْقَبْضِ تَوَقُّفُ الدَّيْنِيَّةِ عَلَيْهِ إذْ كَيْفَ تَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الثَّمَنِ إذْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا بَلْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُشْرَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ مَوْقُوفٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِجَوَازِ شَرْطِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفَارَقَ إلَى قَالَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ لَا يَفِي إلَخْ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُقْتَرِضَ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ أَيْ بِخِلَافِ الْمَزْجِ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْوَفَاءِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ تَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ) أَيْ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْعِ اهـ ع ش وَلَعَلَّ الْأَوْلَى الْعَكْسُ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَيُقَدَّرُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ وَيُقَدَّرُ إلَخْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ عَقِبَهُ) أَيْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ) كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ لَا تَتْبَعُ اللُّغَةَ) قَدْ يُقَالُ لَيْسَ فِي هَذَا تَبَعِيَّةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِلُّغَةِ بَلْ غَايَةُ مَا فِيهِ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ غَيْرُ عَزِيزٍ فِي الشَّرْعِ.
(قَوْلُهُ أَوْ سَيَشْتَرِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَوْ بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ.
(قَوْلُهُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ شِقَّاهُ جَمِيعًا فِي صُورَةِ الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ إذْ مُقْتَضَى تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ تَوَقُّفُ الدَّيْنِيَّةِ عَلَيْهِ إذْ كَيْفَ ثَبَتَتْ بِدُونِ الْمِلْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْقَبْضُ بَيْنَ الشِّقَّيْنِ بِأَنْ عَقَّبَ قَوْلَهُ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِتَسْلِيمِهَا لَهُ وَقَدْ يُمْنَعُ مِلْكُهَا بِهَذَا التَّسْلِيمِ قَبْلَ تَمَامِ