وَفَارَقَ الْغَاصِبَ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ فَالزِّيَادَةُ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ نَمَاءِ مَا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَأَيْضًا فَالسَّلَمُ عَقْدٌ وُضِعَ لِلرِّبْحِ فَلَزِمَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ تَحْصِيلُ هَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ وَالْغَصْبُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ بِنَصِّ {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] .
(وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ التَّقْدِيرُ فِيهِ بِمَا يَنْفِي الْغَرَرَ عَنْهُ فَحِينَئِذٍ (يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مَعْلُومَ الْقَدْرِ كَيْلًا) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ عَدًّا) فِيمَا يُعَدُّ كَالْحَيَوَانِ وَاللَّبَنِ (أَوْ ذَرْعًا) فِيمَا يُذْرَعُ أَوْ عَدًّا وَذَرْعًا فِيمَا يُعَدُّ وَيُذْرَعُ كَبُسُطٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ بِمَا فِيهِ (وَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسَهُ) إنْ عُدَّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِيهِ كَجَوْزٍ وَمَا جِرْمُهُ كَجِرْمِهِ أَوْ أَقَلَّ وَفَارَقَ هَذَا الرِّبَوِيَّ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ التَّبَعُّدُ وَمِنْ ثَمَّ كَفَى الْوَزْنُ بِنَحْوِ الْمَاءِ هُنَا لَاثَمَّ كَمَا مَرَّ أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ فَيَتَعَيَّنُ وَزْنُهُ؛ لِأَنَّ لِيَسِيرِهِ الْمُخْتَلِفِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مَالِيَّةً كَثِيرَةً بِخِلَافِ اللَّآلِئِ الصِّغَارِ لِقِلَّةِ تَفَاوُتِهَا فَإِنْ فُرِضَ فَهُوَ يَسِيرٌ جِدًّا وَمَا عُلِمَ وَزْنُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّقْدِ يَكْفِي فِيهِ الْعَدُّ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا الِاسْتِيفَاءُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَزْنِهِ حِينَئِذٍ لِيَتَحَقَّقَ الْإِيفَاءُ.
وَقَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ لَا يُسَلَّمُ فِي النَّقْدَيْنِ إلَّا وَزْنًا يُحْمَلُ عَلَى مَا لَمْ يُعْرَفْ وَزْنُهُ.
(وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ) ثَوْبٍ أَوْ (صَاعٍ حِنْطَةً عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ) لِعِزَّةِ الْوُجُودِ قِيلَ الصَّاعُ اسْمٌ لِلْوَزْنِ فَلَوْ قَالَ فِي مِائَةِ صَاعٍ كَيْلًا لَاسْتَقَامَ اهـ.
وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّاعِ الْكَيْلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ بِالْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْبِطُهُ ضَبْطًا عَامًّا.
(وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقِثَّاءِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ) وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا لَا يَضْبِطُهُ الْكَيْلُ لِتَجَافِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُرَادُ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهَا وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ غَلَا سِعْرُهُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَأَيْضًا فَالْغَاصِبُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فَهُنَا أَوْلَى وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْغَصْبِ وَمَا هُنَا بِمَا لَا يُجْدِي اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ قَدْرًا يُتَغَابَنُ بِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ أَيْ الْوَاجِبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ مُرَادُهُ حَجّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَبْضَ الْبَدَلِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ التَّقْدِيرُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ فُرِضَ فَهُوَ يَسِيرٌ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَعْلُومَ الْقَدْرِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَلَوْ إجْمَالًا كَمَعْرِفَةِ الْأَعْمَى الْأَوْصَافَ بِالسَّمَاعِ وَلِعَدْلَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا الصِّفَاتِ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ الْفَرْضَ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ وَلَا تَحْصُلُ تِلْكَ الْفَائِدَةُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِمَا تَفْصِيلًا كَذَا قَالَهُ فِي الْقُوتِ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَبُسُطٍ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ بِسَاطٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ كَكُتُبٍ وَكِتَابٍ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ فِيهِ) وَهُوَ الذَّرْعُ وَالْعَدُّ (بِمَا فِيهِ) وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ كَجَوْزٍ وَمَا جِرْمُهُ إلَخْ) وَفِي الرِّبَا جَعَلُوا مَا بَعْدَ الْكَيْلِ فِيهِ ضَابِطًا مَا كَانَ قَدْرَ التَّمْرِ فَأَقَلَّ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الرِّبَا التَّعَبُّدُ اُحْتِيطَ لَهُ فَقَدَّرَ مَا لَمْ يُعْهَدْ كَيْلُهُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّمْرِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَكِيلًا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَا مَرَّ بِخِلَافِ السَّلَمِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَفَارَقَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَتَعَيَّنُ هُنَا فِي الْمَكِيلِ الْكَيْلُ وَفِي الْمَوْزُونِ الْوَزْنُ كَمَا فِي بَابِ الرِّبَا أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ الْمَاءِ) أَيْ حَيْثُ عُلِمَ مِقْدَارُ مَا يَغُوصُ فِيهِ مِنْ الظُّرُوفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْوَزْنِ فَيَجُوزُ الْقَبْضُ بِهِ هُنَا وَمِنْ نَحْوِ الْمَاءِ الْأَدْهَانُ الْمَائِعَةُ كَالزَّيْتِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ فُرِضَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَمَّا مَا لَا يُعَدُّ ضَابِطًا إلَخْ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي النُّورَةِ الْمُتَفَتِّتَةِ كَيْلًا وَوَزْنًا لِأَنَّهَا بِفَرْضِ أَنَّهَا مَوْزُونَةٌ فَالْمَوْزُونُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ إذَا عُدَّ الْكَيْلُ ضَابِطًا فِيهِ بِأَنْ لَا يَعْظُمَ خَطَرُهُ إذْ لَمْ يُخْرِجُوا عَنْ هَذَا الضَّابِطِ إلَّا مَا عَظُمَ خَطَرُهُ كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى مَا فِيهِ وَظَاهِرٌ عَدَمُ صِحَّةِ قِيَاسِ النُّورَةِ عَلَى مِثْلِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُبَابِ صَرَّحَ بِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا كَيْلًا وَوَزْنًا فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ كَفُتَاتِ) بِضَمِّ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الْعَقْدِ اهـ سم (قَوْلُهُ مِنْ وَزْنِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ إلَخْ) زَادَ النِّهَايَةُ بَلْ لَعَلَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِي إرَادَةِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ كَيْلًا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مُنِعَ السَّلَمُ فِيهِ أَيْ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ النَّقْدَانِ فَهُوَ قَصْرٌ إضَافِيٌّ قَصَدَ بِهِ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْكَيْلِ لَا تَعَيُّنَ الْوَزْنِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا فَلَا يُسَلَّمُ فِيهِمَا إلَّا بِالْوَزْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا فِيهِ خَطَرٌ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ.
(قَوْلُهُ ثَوْبٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ كَذَا أَوْ فِي ثَوْبٍ مَثَلًا صِفَتُهُ كَذَا وَوَزْنُهُ كَذَا وَذَرْعُهُ كَذَا اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ صَاعٍ حِنْطَةً) أَيْ مَثَلًا مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ الصَّاعُ اسْمٌ لِلْوَزْنِ) أَيْ الْمَوْزُونِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ فَشَرْطُ الْوَزْنِ فِيهِ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَيْلًا) أَيْ عَلَى أَنَّ كَيْلَهَا كَذَا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ) حَيْثُ قَالُوا الصَّاعُ قَدَحَانِ بِالْمِصْرِيِّ (قَوْلُهُ ضَبْطًا عَامًّا) أَيْ جَارِيًا فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ أَيْ بِخِلَافِ ضَبْطِهِ بِالْكَيْلِ كَالْقَدَحِ الْمِصْرِيِّ مَثَلًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْبِطِّيخِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَالْبَاذِنْجَان) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (وَالْقِثَّاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّيْخَيْنِ عَبَّرَا بِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ تَحْصِيلِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَأَخَذَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْغَصْبِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْغُلُوِّ هُنَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ لَا الزِّيَادَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْفَرْقِ مِنْ التَّكَلُّفِ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ لِلْوَزْنِ) أَيْ فَلَا يُنَاسِبُ الْمَذْكُورَ.
(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) بَلْ يَكْفِي فِي