وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَهُمَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَيُعِيدُ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ وُقُوفِهِ لِيَقَعَ فِي حَالِ الْكَمَالِ وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إحْرَامَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَوَابِعِ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَتَفْصِيلِهِمْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ سَهْوًا فَيَعُودَ أَوْ عَمْدًا فَلَا بِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَجِّ الْكَامِلِ صَعْبٌ فَسُومِحَ فِيهِ بِاسْتِدْرَاكِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِالتَّحَلُّلَيْنِ مَا لَمْ يُسَامَحْ ثَمَّ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ إفَاقَةَ الْمَجْنُونِ حُكْمُهَا مَا ذُكِرَ وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ.
وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَبِعَهُمْ شَيْخُنَا، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لَكِنْ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إفَاقَتُهُ فِي الْأَرْكَانِ كُلِّهَا حَتَّى عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي وُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ أَيْضًا وَبِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ يَنْدَفِعُ تَأْوِيلُ شَيْخِنَا لِكَلَامِهِمَا بِأَنَّ إفَاقَتَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِسُقُوطِ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ عَنْ الْوَلِيِّ عَلَى أَنَّ صَنِيعَ الرَّوْضَةِ يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَجْنُونِ خِلَافًا وَلَا كَذَلِكَ الصَّبِيُّ فَلِقُوَّةِ إحْرَامِهِ عَنْهُ وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ.
وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَرْقًا آخَرَ مَعَ الِانْتِصَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: عَلَى الْكَمَالِ وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَا مَعًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ إذَا أَعَادَ طَوَافَهَا الَّذِي بَلَغَ بَعْدَهُ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَهُمَا إلَخْ) وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ وُقُوعَهُ مَعَ اعْتِقَادِ التَّحَلُّلَيْنِ يُخْرِجُهُ عَنْ الْعَمْدِيَّةِ سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) لَكِنَّهُ بَعِيدٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْحَجِّ بَصْرِيٌّ أَيْ: عَنْ أَرْكَانِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي فِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ وَقَالَ الْفَاضِلُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي كَوْنِهِ لَا يَعُودُ إحْرَامُهُ إذَا أَرَادَ إعَادَةَ الْوُقُوفِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوفٌ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَكَوْنُهُ مِنْ أَثَرِ الْإِحْرَامِ السَّابِقِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِجَوَازِ الْوُقُوفِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ حَقِيقِيٍّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَعُودُ بِالْمُسَامَحَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَإِذَا عَادَ عَادَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَغَيْرِهَا هَذَا مَا يُتَّجَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ يَخِفُّ الْإِشْكَالُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ إحْرَامُهُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ لَا يَعُودُ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ: جَوَازِ الْعَوْدِ هُنَا بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَ مَا فِيهَا م ر اهـ سم (قَوْلُهُ إنَّ إفَاقَةَ الْمَجْنُونِ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَيْضًا وَأُوِّلَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ بِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بَصْرِيٍّ.
(قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا بِأَنْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي جَرَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ مَا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِكَلَامِ الْمَجْمُوعِ) هُوَ قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ) أَيْ: فِي أَنَّ الصَّبِيَّ الْغَيْرَ الْمُمَيِّزَ إذَا بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَعَ إحْرَامُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بَلْ فِي الصَّبِيِّ مُطْلَقًا بَلْ تَعَقُّلُ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْحَجِّ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ، فَإِنَّ كَوْنَ الْحَاجِّ فِي أَوَّلِ حَجِّهِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَفِي آخِرِهِ بَالِغًا مُسْتَبْعَدٌ وَبِفَرْضِ تَحَقُّقِهِ فَهُوَ فِي غَايَةِ النُّدُورِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَقْوَى مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمَجْنُونِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوَّلِ مَنْقُولٌ عَنْ النَّصِّ وَالْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْخِلَافِ فِي الْمَجْنُونِ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْمَجْنُونِ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ وَجْهٌ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ عَنْهُ انْتَهَتْ اهـ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلِقُوَّةِ إحْرَامِهِ عَنْهُ وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ عَنْ الصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ قَدْ يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ عَدَمَ التَّمْيِيزِ الَّذِي سَبَبُهُ الصِّغَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُلُوغِ سُنُونَ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُقُوعِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ تَمْيِيزِهِ أَنْ يَبْلُغَ عِنْدَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ فِي عَامِهِ حَتَّى يُتَصَوَّرَ الْوُقُوعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يُتَصَوَّرَ بِمَا إذْ اسْتَمَرَّ عَدَمُ التَّمْيِيزِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ إذَا أَعَادَ طَوَافَهَا الَّذِي بَلَغَ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ وُقُوعَهُ مَعَ اعْتِقَادِ التَّحَلُّلَيْنِ تُحْوِجُهُ مَعَ الْعَمْدِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إحْرَامَهُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (فَرْعٌ) فِي الرَّوْضَةِ فَرْعٌ لَوْ جَامَعَ الصَّبِيُّ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ فَفِي فَسَادِ حَجِّهِ قَوْلَانِ كَالْبَالِغِ إذَا جَامَعَ نَاسِيًا أَظْهَرُهُمَا لَا يَفْسُدُ، وَإِنْ قُلْنَا عَمْدُهُ عَمْدٌ فَسَدَ حَجُّهُ وَإِذَا فَسَدَ فَهَلْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ صَحِيحٌ فَوَجَبَ بِإِفْسَادِهِ الْقَضَاءُ كَحَجِّ التَّطَوُّعِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يُجْزِئُهُ الْقَضَاءُ فِي حَالِ الصِّبَا قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا نَعَمْ اعْتِبَارًا بِالْأَدَاءِ إلَى أَنْ قَالَ وَإِذَا جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ فِي حَالِ الصِّبَا فَشَرَعَ فِيهِ وَبَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ اهـ.
وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِذَا جَامَعَ الصَّبِيُّ فِي حَجِّهِ فَسَدَ حَجُّهُ وَقَضَى وَلَوْ فِي الصِّبَا، فَإِنْ بَلَغَ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ قَضَاؤُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْقَضَاءُ إلَيْهَا أَيْضًا وَبَقِيَ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ انْصَرَفَ الْقَضَاءُ إلَيْهَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَمْ يَعُدْ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ وَقَفَ هُنَا بِنِيَّةٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَ مَا فِيهَا م ر.
(قَوْلُهُ: فَلِقُوَّةِ إحْرَامِهِ عَنْهُ وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ عَنْ الصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ قَدْ يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ عَدَمَ التَّمْيِيزِ الَّذِي سَبَبُهُ الصِّغَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُلُوغِ سُنُونَ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُقُوعِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ تَمْيِيزِهِ أَنْ يَبْلُغَ عِنْدَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ فِي عَامِهِ حَتَّى يُتَصَوَّرَ الْوُقُوعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا أَنْ يُتَصَوَّرَ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ عَدَمُ التَّمْيِيزِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ إلَى قُرْبِ الْبُلُوغِ أَوْ بِمَا إذَا زَالَ عِنْدَ