وَاقْتَرَنَا بِأَلْ فَتَرْجِيحُ عُمُومِ تِلْكَ وَإِجْمَالِ هَذِهِ دَقِيقٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الْآيَةِ مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُتَمَحِّضَةً فَمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ، وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَعَلِمْنَا بِهِ وَمَعَ هَذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْقَوْلُ بِالْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَالْحِلُّ قَدْ عُلِمَتْ دَلَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ فِيهَا فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَعْمُولِ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ، وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ بَيَانِهِ مَعَ إجْمَالِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُجْمَلِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ فِيهِمَا أَحَادِيثُ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَةِ الرِّبَا وَغَيْرِهِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ لِبَيَانِهَا لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَا بِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ الصَّحِيحَةِ اكْتِفَاءً بِالْعَمَلِ فِيهَا بِالْأَصْلِ، وَفِي الزَّكَاةِ عَكَسَ ذَلِكَ فَاعْتَنَى بِبَيَانِ مَا تَجِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ فَيُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ لَا بِبَيَانِ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ اكْتِفَاءً بِأَصْلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَمِنْ ثَمَّ طُولِبَ مَنْ ادَّعَى الزَّكَاةَ فِي نَحْوِ خَيْلٍ وَرَقِيقٍ بِالدَّلِيلِ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ بَلْ هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَمَنْ أَنْكَرَ أَصْلَهَا كَفَرَ، وَكَذَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهَا الضَّرُورِيَّةِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْمَالِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَوَجَبَتْ فِي ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ الْمَالِ النَّقْدَيْنِ وَالْأَنْعَامِ وَالْقُوتِ وَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ النَّاسِ يَأْتِي بَيَانُهُمْ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ

(بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) أَيْ بَعْضِهِ وَبَدَأَ بِهِ وَبِالْإِبِلِ مِنْهُ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ (تَنْبِيهٌ) أَبْدَلَ شَيْخُنَا الْحَيَوَانَ بِالْمَاشِيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ النَّعَمِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حُكْمًا وَإِبْدَالًا فَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتِقَاقِيَّةٌ فَيَشْمَلُ الْمُشْتَقَّ مِنْهُ كَمَا هُنَا وَيَنْدَفِعُ بِهَذَا قَوْلُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ فِيهِ نَظَرٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَاقْتَرَنَا) الْأَنْسَبُ الْأَخْصَرُ اقْتَرَنَ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَالْأَلْفِ (قَوْلُهُ: دَقِيقٌ) أَيْ: غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى سُقُوطُ هَذَا الْكَلَامِ لِوُضُوحِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِجْمَالِ وَعَدَمِهِ لَيْسَ فِي الْحِلِّ وَالْوُجُوبِ لِظُهُورِ مَعْنَاهُمَا بَلْ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَنَفْسِ الزَّكَاةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَعْنَى الْبَيْعِ الشَّرْعِيِّ هُوَ أَوْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمْ فَكَانَتْ دَلَالَةُ لَفْظِ الْبَيْعِ مُتَّضِحَةً بِخِلَافِ مَعْنَى الزَّكَاةِ شَرْعًا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَا هُوَ، وَلَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ، وَلَا مُتَعَلَّقُهَا وَأَجْنَاسُهَا فَكَانَتْ دَلَالَةُ لَفْظِ الزَّكَاةِ غَيْرَ مُتَّضِحَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: لِأَصْلِ الْحِلِّ) أَيْ: قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: بِلَا شَرْطِ وُجُودِ مَنْفَعَةٍ فِي الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ هَذَيْنِ) أَيْ: الْمُوَافَقَةِ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا وَالْمُوَافَقَةِ لِأَصْلِ الْحِلِّ بِشَرْطِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: دَلَالَتُهُ) أَيْ: دَلَالَةُ الْآيَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ إلَخْ) عَدِيلُ قَوْلِهِ: بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ إلَخْ فَكَانَ الْأَنْسَبُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ إجْمَالِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ فِيهِمَا) يَعْنِي لِمُوَافَقَةِ حِلِّ الْبَيْعِ لِلْأَصْلِ وَخُرُوجِ إيجَابِ الزَّكَاةِ عَنْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعَاتِ) الْأَنْسَبُ هُنَا بِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ، وَفِي قَوْلِهِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ أَحَادِيثِهَا (قَوْلُهُ: لَا بِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَحَادِيثِ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ) إلَى الْبَابِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْكِتَابِ أَيْ: كَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مَعْلُومٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَيَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَإِنْ أَتَى بِهَا وَيُقَاتَلُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا وَتُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْكَلَامُ فِي الزَّكَاةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا أَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَزَكَاةِ التِّجَارَةِ وَالرِّكَازِ وَزَكَاةِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَالزَّكَاةِ فِي غَيْرِ مَالِ الْمُكَلَّفِ فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي وُجُوبِهَا اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ وَالْعُبَابِ نَحْوُهَا (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَنْكَرَ أَصْلَهَا) أَيْ: أَنْكَرَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَمْوَالِ ع ش (كَفَرَ) أَيْ: وَمَنْ جَهِلَهَا عُرِّفَ فَإِنْ جَحَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَفَرَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ، وَكَذَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهَا الضَّرُورِيَّةِ) أَيْ: دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَوُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَمَالِ التِّجَارَةِ نِهَايَةٌ زَادَ الْعُبَابُ وَفِطْرَةٍ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ خِلَافَ ابْنِ اللَّبَّانِ فِيهَا ضَعِيفٌ جِدًّا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا قِيلَ وَلَيْسَ كُلُّ خِلَافٍ جَاءَ مُعْتَبَرًا إلَّا خِلَافًا لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ فُرِضَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ بَعْدَ فَرْضِ رَمَضَانَ إطْفِيحِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: النَّقْدَيْنِ) أَيْ: الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ (وَالْأَنْعَامِ) أَيْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الْإِنْسِيَّةِ مُغْنِي (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: أَبْدَلَ شَيْخُنَا إلَخْ) أَيْ: وِفَاقًا لِأَبِي شُجَاعٍ وَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ إلَخْ) أَيْ: وِفَاقًا لِشَارِحِهِ ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ وَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا أَعَمُّ) إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ كُلَّ دَابَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَيْسَ فِيمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ إثْبَاتٌ لِلْمُدَّعِي لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَشْهَرِ أَوْ عَلَى مَا أَحَاطَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: لَا يُحِيطُ بِاللُّغَةِ إلَّا نَبِيٌّ، وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى الْعَدَمِ لَلَزِمَ بُطْلَانُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمْ فَكَانَتْ دَلَالَةُ لَفْظِ الْبَيْعِ مُتَّضِحَةً بِخِلَافِ مَعْنَى الزَّكَاةِ شَرْعًا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَهُمْ لَا هُوَ وَمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ، وَلَا مُتَعَلَّقُهَا وَأَجْنَاسُهَا فَكَانَتْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ غَيْرَ مُتَّضِحَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى سُقُوطُ هَذَا الْكَلَامِ لِوُضُوحِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِجْمَالِ وَعَدَمِهِ لَيْسَ فِي الْمَحَلِّ، وَالْوُجُوبِ لِظُهُورِ مَعْنَاهُمَا بَلْ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَنَفْسِ الزَّكَاةِ {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَنْكَرَ أَصْلَهَا كَفَرَ، وَكَذَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ تَجِبُ إجْمَاعًا فَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ لَا حَيْثُ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَمَالِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015