لِأَنَّهُ أَدْعَى إلَى امْتِثَالِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ الْمَنَاهِي لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» أَيْ بِالْمُهْمَلَةِ مُزِيلُهَا مِنْ أَصْلِهَا وَبِالْمُعْجَمَةِ قَاطِعُهَا لَكِنْ قَالَ السُّهَيْلِيُّ الرِّوَايَةُ بِالْمُعْجَمَةِ فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ - أَيْ مِنْ الْأَمَلِ - إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ - أَيْ مِنْ الْعَمَلِ - إلَّا كَثَّرَهُ (وَيَسْتَعِدَّ) وُجُوبًا إنْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا وَإِلَّا فَنَدْبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ شَارِحٍ " نَدْبًا " وَقَوْلُ آخَرِينَ " وُجُوبًا " (بِالتَّوْبَةِ) بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهَا (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا يَعْنِي الْخُرُوجَ مِنْهَا لِيَتَنَاوَلَ رَدَّ الْأَعْيَانِ وَنَحْوَ قَضَاءِ الصَّلَاةِ - وَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ تَارِكَهَا ظَالِمٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَيْنَيْهِ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) وَفِي الْمَجْمُوعِ يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ حَدِيثِ «اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاء وَتَمَامُهُ قَالُوا: إنَّا نَسْتَحِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَالْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُشْتَبِكٌ بِالْبَدَنِ اشْتِبَاكَ الْمَاءِ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] فَفِيهِ تَقْدِيرٌ وَهُوَ حِينَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي: وَعِنْدَ جَمْعٍ مِنْهُمْ عَرَضٌ وَهُوَ الْحَيَاةُ الَّتِي صَارَ الْبَدَنُ بِوُجُودِهَا حَيًّا وَأَمَّا الصُّوفِيَّةُ وَالْفَلَاسِفَةُ فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ جِسْمًا وَلَا عَرَضًا بَلْ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ غَيْرُ مُتَحَيِّزٍ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ وَلَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ وَلَا خَارِجًا عَنْهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَمَا وَعَى أَيْ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ وَقَوْلُهُ: وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ أَيْ يَصُنْهُ عَنْ وُصُولِ الْحَرَامِ إلَيْهِ مِنْ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَقَوْلُهُ: وَمَا حَوَى يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْقَلْبَ وَالْفَرْجَ وَقَوْلُهُ: وَالْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ إلَخْ وَهَلْ الرُّوحُ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ خَلْقِ الْجَسَدِ أَوْ لَا فِيهِ خِلَافٌ فِي الْعَقَائِدِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْأَمَلِ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ الشَّرَّ وَبِالْقَلِيلِ الْخَيْرَ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَسْتَعِدَّ) لَعَلَّهُ بِالْجَزْمِ عَطْفًا عَلَى يُكْثِرْ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْبِيرُ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ " وَقَدْ صَرَّحَ " إلَى " وَقَضَاءِ دَيْنٍ " (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَنَدْبًا) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا اعْتِنَاءً بِشَأْنِهَا نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ صَادِقٌ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا حَقَّ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَبِمَا إذَا شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ لَا وَتَصْوِيرُ نَدْبِ الرَّدِّ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ غَرِيبٌ وَبِمَا إذَا شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ حَقٌّ مُعَيَّنٌ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَذَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ نَدْبُ الرَّدِّ فِي نَحْوِ الْأَمْوَالِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُقُوبَاتِ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُنْدَبَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُمَكِّنَ الْغَيْرَ مِنْ مُعَاقَبَةِ نَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَنَدْبًا أَيْ بِأَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ وَلَيْسَ ثَمَّ مَظْلَمَةٌ يَرُدُّهَا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّجْدِيدُ وَهَذَا فِيمَنْ سَبَقَ لَهُ تَوْبَةٌ مِنْ ذَنْبٍ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَنْبٌ أَصْلًا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّوْبَةِ فِي حَقِّهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ الذَّنْبِ وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ أَوْ يُنَزِّلُ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْعَاصِي بِأَنْ يَرَى كُلَّ طَاعَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ دُونَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَدْبِ رَدِّ الْمَظَالِمِ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ هَلْ لَزِمَ ذِمَّتَهُ أَوْ لَا أَنْ يَرُدَّهُ احْتِيَاطًا.
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ التَّعْبِيرُ بِالْوُجُوبِ عَلَى الْأَصْلِ وَبِالنَّدْبِ نَظَرًا إلَى مُلَاحَظَةِ صُدُورِ التَّوْبَةِ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ.
(بِالتَّوْبَةِ) وَهِيَ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَرْكُ الذَّنْبِ وَالنَّدَمُ عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلَمَةٌ قَدَرَ عَلَيْهَا بِنَحْوِ تَحَلُّلٍ مِمَّنْ اغْتَابَهُ أَوْ سَبَّهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُبَادِرَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلِاسْتِعْدَادِ بِالتَّوْبَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) أَيْ الْمُمْكِنِ رَدُّهَا مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش وَمَحَلُّ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُ: م ر وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلَمَةٌ قَدَرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالشَّرْطُ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ إنْ قَدَرَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عَرَفَ الْمَظْلُومَ وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظَلَمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يَرُدُّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُرَادُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ ثُمَّ لَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا بِبَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ هَذَا وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِمْ فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ اهـ.
(قَوْلُهُ: رَدَّ الْأَعْيَانِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ قَضَاءِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَظْلُومِ كَالِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغَيْبَةِ وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِابْنِ حَجّ وَمِنْهَا قَضَاءُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَإِنْ كَثُرَتْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ سَائِرِ زَمَنِهِ لِذَلِكَ مَا عَدَا الْوَقْتَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ لِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نِسْيَانِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ انْتَهَى أَقُولُ هَذَا وَاضِحٌ إنْ قَدَرَ عَلَى قَضَائِهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَازَعَهُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ