وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ يُحْتَاطُ لَهَا لِمَا فِيهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمُبْطِلَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: 102] الْآيَةَ مَعَ مَا يَأْتِي (هِيَ أَنْوَاعٌ) تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا بَعْضُهَا فِي الْأَحَادِيثِ وَبَعْضُهَا فِي الْقُرْآنِ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا الثَّلَاثَةَ الْآتِيَةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَأَقَلُّ تَغْيِيرًا وَذَكَرَ الرَّابِعَ الْآتِيَ لِمَجِيءِ الْقُرْآنِ بِهِ (تَنْبِيهٌ)
هَذَا الِاخْتِيَارُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ مَا عَدَا تِلْكَ الثَّلَاثَةَ لَا عُذْرَ فِي مُخَالَفَتِهَا مَعَ صِحَّتِهَا وَإِنْ كَثُرَ تَغْيِيرُهَا وَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْكَثْرَةُ الَّتِي صَحَّ فِعْلُهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ نَاسِخٍ لَهَا مُقْتَضِيَةً لِلْإِبْطَالِ وَلَوْ جُعِلَتْ مُقْتَضِيَةً لِلْمَفْضُولِيَّةِ لَاتُّجِهَ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ مَا تَشَيَّدَ بِهِ فَخْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي وَاضْرِبُوا بِقَوْلِي الْحَائِطَ وَهُوَ وَإِنْ أَرَادَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَكِنْ، مَا ذُكِرَ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا كَمَا يُعْرَفُ مِنْ قَوَاعِدِهِ فِي الْأُصُولِ فَتَأَمَّلْهُ (الْأَوَّلُ) صَلَاةُ عُسْفَانَ وَحُذِفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ النَّوْعُ حَقِيقَةً لِفَهْمِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ
وَكَذَا فِي الْبَاقِي (يَكُونُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQحِينَ اسْتِثْنَائِهِمْ الِاسْتِسْقَاءَ مِنْ الرَّابِعِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ حِينَ عَدَمِ الْفَوَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ) أَيْ عُمُومُ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ لَهُ سم وَأَشَارَ الشَّارِحِ إلَى رُجْحَانِهِ بِتَعْلِيلِهِ دُونَ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَأَصْلُهَا إلَخْ) وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ بِأَنْ دَهَمَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدُوُّ بِبِلَادِهِمْ، أَمَّا فِي الْأَمْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ صَلَاةُ عُسْفَانَ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّخَلُّفِ الْفَاحِشِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ وَذَاتِ الرِّقَاعِ إذَا نَوَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الْمُفَارَقَةَ كَالْأُولَى ع ش (قَوْلُهُ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: 102] الْآيَةَ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ وَارِدَةً فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِيهَا {فَإِذَا سَجَدُوا} [النساء: 102] أَيْ فَرَغُوا مِنْ السُّجُودِ وَتَمَامِ رَكْعَتِهِمْ وَيَحْتَمِلُ وُرُودُهَا فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ فَقَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِمَعْنَى فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ الْأَخْبَارِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَاسْتَمَرَّتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَهُ وَدَعْوَى الْمُزَنِيّ نَسْخِهَا أَيْ الْآيَةِ لِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَجَابُوا عَنْهَا بِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ وَالْخَنْدَقُ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (هِيَ أَنْوَاعٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ إنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ فَالرَّابِعُ أَوَّلًا وَالْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَالْأَوَّلُ أَوْ فِي غَيْرِهَا فَالْآخَرَانِ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: تَبْلُغُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَعْضُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بَعْضُهَا وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَعْضُهَا فِي الْأَحَادِيثِ) كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَحَادِيثِ بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ بَعْضِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ وُجُودِ السِّتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا جَمِيعُهَا فِي الْأَحَادِيثِ وَبَعْضُهَا فِي الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الرَّابِعَ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَيْ كَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الرَّابِعَ لَيْسَ مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ م ر كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ مِنْهَا ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ لِمَجِيءِ الْقُرْآنِ إلَخْ أَيْ صَرِيحًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ جَاءَ بِغَيْرِهِ فَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ نَوْعًا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَعِبَارَةُ ع ش يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا سَبْعَةَ عَشَرَ نَوْعًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ م ر أَنَّ الرَّابِعَ مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْهَا تَنَازَعَ فِيهِ اخْتَارَ وَذَكَرَ اهـ بِأَدْنَى تَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالرَّابِعِ وَكَذَا جَاءَ بِالثَّالِثِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مُشْكِلٌ إلَخْ) وَقَدْ يُحَلُّ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا عَلَّقَ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيمَا إذَا تَرَدَّدَ فِيهِ وَإِلَّا فَكَمْ مِنْ أَحَادِيثَ صَحَّتْ وَلَيْسَتْ مَذْهَبًا لَهُ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَحِفْنِيٌّ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى اخْتِيَارِ الشَّافِعِيِّ لِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قَصَرَ كَلَامَهُ عَلَيْهَا وَبَيَّنَ أَحْكَامَهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَلَامِ عَلَى غَيْرِهَا لَا لِبُطْلَانِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ بَلْ لِقِلَّةِ مَا فِيهَا مِنْ الْمُبْطِلَاتِ وَلِإِغْنَائِهَا عَنْ الْبَاقِيَاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَادِيثُهَا لَمْ تُنْقَلْ لِلشَّافِعِيِّ إذْ ذَاكَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ فَكَمْ مِنْ أَحَادِيثَ لَمْ تَسْتَقِرَّ صِحَّتُهَا إلَّا بَعْدَ عَصْرِ الشَّافِعِيِّ كَيْفَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا اهـ وَبِذَلِكَ يَسْقُطُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ أَحَادِيثَهَا صَحِيحَةٌ لَا عُذْرَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا وَوَجْهُ سُقُوطِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُصُولُهَا إلَيْهِ بِطُرُقٍ صَحِيحَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى قَادِحٍ فَتَأَمَّلْ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ كَافٍ فِي دَفْعِ هَذَا التَّشْنِيعِ عَلَى عَالِمِ قُرَيْشٍ مَنْ مَلَأَ طِبَاقَ الْأَرْضِ عِلْمًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَنَا بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا عُذْرَ فِي مُخَالَفَتِهَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ كَالشَّارِحِ م ر أَنَّ مَنْ تَتَبَّعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَعَرَفَ كَيْفِيَّةً مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ السِّتَّةَ عَشَرَ جَازَ لَهُ صَلَاتُهَا بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر أَيْ فِي غَيْرِ النِّهَايَةِ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَاهُ ع ش
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُعِلَتْ إلَخْ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُنَافِي ذَلِكَ لَمْ يُتَّجَهْ حَمْلُهُ إلَّا عَلَى ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ كَثْرَةِ التَّغْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ صَلَاةَ عُسْفَانَ (قَوْلُهُ لِفَهْمِهِ) أَيْ كَوْنِهِ النَّوْعَ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ: إنَّ فِي جَعْلِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْأَحْوَالَ أَنْوَاعًا نَظَرٌ وَإِنَّمَا الْأَنْوَاعُ الصَّلَوَاتُ الْمَفْعُولَةُ فِيهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (يَكُونُ الْعَدُوُّ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُرَادِيُّ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَلْفِيَّةِ أَنَّ حَذْفَ أَنْ وَرَفْعَ الْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْمَعْرُوفَةِ لَيْسَ بِشَاذٍّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ وَمَذْهَبُ أَبِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ) أَيْ عُمُومُ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ جُعِلَتْ إلَخْ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُنَافِي ذَلِكَ لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ) ذَكَرَ الْمُرَادِيُّ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَلْفِيَّةِ أَنَّ حَذْفَ أَنْ وَرَفْعَ الْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْمَعْرُوفَةِ لَيْسَ بِشَاذٍّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ