في مجموع له لأبي جعفر ابن جُرْج هذا وهو بَلَديُّهُ ولعلَّه سمعها منه. واهتدم البيت الأول منها أبو عبد الله ابن مرج الكحل الجزيري من جزيرة شقر، فجاء به في آخر قطعة من حرِّ كلامه، أنشدناها مراراً وهي:
عرجْ بمنعرجِ الكثيبِ الأعفرِ ... بين الفراتِ وبين شطِّ الكوثر
ولنغتبقها قهوةً ذهبيةً ... من راحَتَيْ أحوى المدامعِ أحور
وعشيَّةٍ كم بتُّ أرقُب وقتَها ... سمحتْ بها الأيَّامُ بعد تعذُّر
نِلنا بها آمالَنا في رَوضة ... تُهدي لناشِقِها نسيمَ العَنبر
والدَّهرُ من نَدمٍ يُسَفِّه رأيَه ... فيما صَفَا منه بغَير تكدُّر
والوُرْقُ تشدُو والأراكةُ تَنثني ... والشَّمسُ ترفلُ في قميصٍ أصفر
والرَّوضُ بين مُذهَّب ومُفضَّض ... والزهرُ بين مُدَرْهم ومُدَنَّر
والنَّهرُ مرقومُ الأباطحِ والرُّبى ... بمُصَنْدَل من زَهْره ومُعَصفر
فكأنَّه وجِهاتُه محفوفة ... بالآس والنُّعمان خَدُّ مُعذِّر
وكأنَّه وكأنَّ خُضرةَ شطِّه ... سيفٌ يُسلُّ على بِساط أخضر
وكأنَّه ذاك الحَباب فرنْده ... مهما طَفا في صَفحه كالجَوهر
نَهرٌ يَهيمُ بحُسنه من لم يَهم ... ويُجيد فيه الشِّعرَ من لم يَشْعر
ما اصفرَّ وجه الشَّمس عند غُروبها ... إلاَّ لفُرقة حُسن ذاك المَنظر