أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي رَوْح، من أهل الجزيرة الخضراء، ورحل عنها إلى المشرق سنة سبعين وخمسمائة أو نحوها ولم يعُد إليها، فقال يتشوَّقها أنشدني ذلك له الأستاذ أبو عبد الله ابن هشام وغيره:
أُعلِّلُ يا خضراءُ نفسيَ بالمُنَى ... وأقنعُ إنْ هبَّتْ رياحُكِ بالشَّمِّ
إذا غبتِ عن عَيْني يغيبُ مَنامُها ... وكيف ينامُ اللَّيلَ ذو الوجدِ والهَمِّ
تذكَّرتُ مَنْ فيها ففاضتْ مَدامعي ... فللَّهِ مَن فيها من الخالِ والعمِّ
أَحنُّ إلى الخضراءِ من كلِّ موطنٍ ... حنينَ مَشُوقٍ للعناقِ وللضَّمِّ
وما ذاكَ إلاَّ أنَّ جسْمي رَضيعُها ... ولا بدَّ مِن شوقِ الرَّضيع إلى الأُمِّ
وله:
إذا بلغتَ الحمى أو واديَ العَسَلِ ... فقفْ قليلاً به يا حاديَ الإبلِ
وقلْ لقاتلتي ظلماً بلا قَوَدٍ ... هلاَّ رحمتِ قتيلَ الأعينِ النجلِ
وفي هذا الوادي يقول الرصافي:
كم بين شطيك من ريٍّ لجانحةٍ ... ذابتْ عليكَ صدًى يا واديَ العسلِ
وما دعاها إلى وادٍ سواكَ ظماً ... إلاَّ تبيّنُ فيها فترةُ الكسلِ