وَأما إِذا كَانَت الْوَصَايَا بِمَا هُوَ من حُقُوق الله تَعَالَى نَحْو الْحَج وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات وَالصَّدقَات وَنَحْوهَا من أَعمال الْبر ينظر إِن كَانَ كُله تَطَوّعا بَدَأَ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصي لِاسْتِوَاء الْكل فِي نَفسه فِي الْقُوَّة فيترجح بالبداءة لِأَنَّهُ هُوَ الأهم عِنْده ظَاهرا وَلَا يقدم الْوَصِيَّة بِالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ يحْتَمل الْفَسْخ كَسَائِر الْوَصَايَا فَإِذا بلغ الثُّلُث للْكُلّ فبها ونعمت وَإِن فني الثُّلُث بِالْبَعْضِ يبطل الْبَاقِي
وَإِن كَانَت كلهَا فَرَائض مُتَسَاوِيَة بِأَن كَانَ وُجُوبهَا ثَبت بِدَلِيل مَقْطُوع بِهِ يرجح بالبداءة لتساويها فِي الْقُوَّة وَقَالُوا فِي الْحَج وَالزَّكَاة عِنْد أبي يُوسُف يقدم الْحَج فِي رِوَايَة وَإِن أَخّرهُ جَازَ
وَفِي رِوَايَة يقدم الزَّكَاة وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَحمَه الله
ثمَّ مَا أوجبه الله تَعَالَى ابْتِدَاء أولى مِمَّا أوجبه عِنْد فعل من الْمُكَلف فَقَالُوا يقدم الْحَج وَالزَّكَاة على الْكَفَّارَات الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن
ثمَّ هَذِه الْكَفَّارَات مُقَدّمَة على صَدَقَة الْفطر والفطرة مُقَدّمَة على كَفَّارَة الْفطر لِأَنَّهَا ثبتَتْ بِخَبَر الْوَاحِد وَهِي مُقَدّمَة على الْمَنْذُور هُوَ مقدم على الْأُضْحِية
والواجبات كلهَا مُقَدّمَة على النَّوَافِل
وَأما إِذا كَانَ مَعَ الْوَصَايَا الثَّابِتَة لحق الله تَعَالَى الْوَصِيَّة للآدمي فَإِن الْمُوصى لَهُ يضْرب مَعَ الْوَصَايَا بِالْقربِ وَيجْعَل كل جِهَة من جِهَات الْقرب مُفْردَة بِالضَّرْبِ وَلَا يَجْعَل كلهَا جِهَة وَاحِدَة بِأَن قَالَ ثلث مَالِي فِي الْحَج وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات ولزيد يقسم على أَرْبَعَة أسْهم لِأَن كل جِهَة غير الْأُخْرَى وَلَا يقدم الْفَرْض على حق الأدمِيّ لحَاجَة العَبْد إِلَى حَقه
ثمَّ إِنَّمَا يصرف إِلَى الْحَج الْفَرْض وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات إِذا أوصى