الْمَوْت بطرِيق التَّبَرُّع إِذْ التَّمْلِيك أَنْوَاع ثَلَاثَة فَلَا بُد لكل نوع من اسْم خَاص ليتميز عَن صَاحبه فَالْبيع اسْم لتمليك عين المَال بعوض فِي حَالَة الْحَيَاة وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة تمْلِيك عين المَال بِغَيْر عوض فِي حَالَة الْحَيَاة بطرِيق التَّبَرُّع وَالْعَارِية تمْلِيك الْمَنْفَعَة بطرِيق التَّبَرُّع فِي حَالَة الْحَيَاة فَيكون الْوَصِيَّة اسْما لتمليك المَال بعد الْمَوْت بطرِيق التَّبَرُّع فِي الْعين وَالْمَنَافِع جَمِيعًا
فَأَما الْإِعْتَاق فِي معرض الْمَوْت تنجيزا وَكَذَا الْهِبَة والمحاباة فَلَيْسَتْ من جملَة الْوَصِيَّة فَإِنَّهَا نَافِذَة للْحَال
وَكَذَلِكَ الْكفَالَة وَضَمان الدَّرك لَكِن فِي معنى الْوَصِيَّة على معنى أَنه يعْتَبر من ثلث المَال لتَعلق حق الْغُرَمَاء بِالتَّرِكَةِ فِي مرض الْمَوْت
وَلَو كَانَ عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام أَو الزَّكَاة أَو الْكَفَّارَات وَجَبت فِي الصِّحَّة أَو فِي الْمَرَض فَيبْطل بِالْمَوْتِ عندنَا
وَلَو أوصى بهَا تصح من الثُّلُث بِمَنْزِلَة التَّبَرُّع فِي الْمَرَض
وعَلى هَذَا قُلْنَا إِن الْقبُول من الْمُوصى لَهُ وَالرَّدّ يعْتَبر بعد الْمَوْت لِأَن الْإِيجَاب ينزل بعد الْمَوْت وَالْقَبُول يشْتَرط عِنْد الْإِيجَاب كَمَا فِي البيع وَغَيره وَهَذَا عندنَا
وَعند زفر الْقبُول لَيْسَ بِشَرْط وَلَا ترتد بِالرَّدِّ كالميراث
وَلَو رد أَو قبل فِي حَيَاة الْمُوصي لَا يَصح حَتَّى لَو مَاتَ الْمُوصى لَهُ بعد الْقبُول قبل موت الْمُوصي فَإِن الْوَصِيَّة لَا يكون ملكا لوَرَثَة الْمُوصى لَهُ
وَلَو مَاتَ الْمُوصى لَهُ بعد موت الْمُوصي قبل الْقبُول وَالرَّدّ فَالْقِيَاس أَن لَا يكون لوَرَثَة الْمُوصى لَهُ شَيْء لِأَن الْقبُول لم يُوجد من الْمُوصى لَهُ فَيبْطل وَفِي الِاسْتِحْسَان يصير لوَرثَته إِمَّا لِأَنَّهُ وجد الْقبُول مِنْهُ دلَالَة أَو لِأَن الْإِيجَاب قد تمّ بِنَفسِهِ وَتوقف على قبُوله فَإِذا مَاتَ ثَبت الْملك لَهُ كَأَنَّهُ قبل دلَالَة كالمشتري بِالْخِيَارِ إِذا مَاتَ يلْزم العَبْد
فَلَو رد ورثته بعد مَوته هَل يَصح ردهم اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ قيل يجوز الرَّد لِأَنَّهُ صَحَّ لوُجُود الْقبُول مِنْهُم دلَالَة فَإِذا وجد الرَّد