وَكَذَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يبضع ويودع ويوكل بِالْبيعِ ويحتال بِالثّمن ويستأجر ويسافر بِمَال الشّركَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد فِي أصح الرِّوَايَات
وَكَذَا يقبض مَا بَاعَ بِنَفسِهِ ويخاصم فِيهِ وَلَا يقبض مَا بَاعَ صَاحبه وَلَا يُخَاصم فِيهِ إِلَّا إِذا قَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَلَهُمَا أَن يعملا فِي ذَلِك مَا كَانَ من التِّجَارَة وتوابعها من الرَّهْن والارتهان وَدفع المَال مُضَارَبَة وَالسّفر بِالْمَالِ فِي قَوْلهم إِلَّا الْقَرْض وَالْهِبَة وَالْكِتَابَة وَالتَّزْوِيج وَنَحْو ذَلِك لِأَن هَذَا من بَاب التَّبَرُّع وَلَيْسَ من جنس التِّجَارَة
وَأما شركَة الْمُفَاوضَة فَشرط صِحَّتهَا أَن تكون فِي جَمِيع التِّجَارَات وَلَا يخْتَص أَحدهمَا بِتِجَارَة دون شَرِيكه وَأَن يكون مَا يلْزم أَحدهمَا من حُقُوق مَا يتجران فِيهِ لَازِما للْآخر وَمَا يجب لكل وَاحِد مِنْهُمَا يجب للْآخر
وَيكون كل وَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا وَجب لصَاحبه بِمَنْزِلَة الْوَكِيل وَفِيمَا وَجب عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة الْكَفِيل عَنهُ ويتساويان مَعَ ذَلِك فِي رُؤُوس الْأَمْوَال فِي قدرهَا وَقيمتهَا ويتساويان فِي الرِّبْح فَإِن تَفَاوتا فِي شَيْء من ذَلِك لم تكن مُفَاوَضَة وَكَانَت عنانا فَصَارَت الْمُفَاوضَة مُشْتَمِلَة على الْوكَالَة وَالْكَفَالَة والتساوي فِي الرِّبْح وَالْمَال الَّذِي يَقع بِهِ الشّركَة وَلِهَذَا لَا تجوز إِلَّا بَين الْمُسلمين الحرين الْبَالِغين العاقلين لتساويهما فِي أَهْلِيَّة الْكفَالَة وأهلية سَائِر التَّصَرُّفَات بِخِلَاف العَبْد وَالصَّبِيّ وَالْمكَاتب وَالذِّمِّيّ وَالْمَجْنُون
ثمَّ كل مَا يجوز لِشَرِيك الْعَنَان أَن يَفْعَله يجوز للمفاوض أَن يَفْعَله أَيْضا لِأَن شركَة الْمُفَاوضَة أَعم
ثمَّ كل مَا هُوَ شَرط فِي صِحَة شركَة الْعَنَان فَهُوَ شَرط فِي صِحَة