ثمَّ مِقْدَار مُدَّة الِاسْتِبْرَاء هِيَ فِي الْحَيْضَة حق ذَوَات الْأَقْرَاء وَفِي حق ذَوَات الْأَشْهر شهر وَاحِد
لِأَن الِاسْتِبْرَاء إِنَّمَا يجب صِيَانة للْمَاء كي لَا يخْتَلط مَاؤُهُ بِمَاء غَيره فَلَا بُد لَهُ من الْمدَّة وَأَقل الْمدَّة هَذَا
وَإِن كَانَت الْجَارِيَة ممتدة الطُّهْر بِأَن كَانَت شَابة لَا تحيض فَإِن استبراءها لَا يكون بِشَهْر وَاحِد كَمَا فِي الآيسة وَاخْتلف الْعلمَاء فِي مُدَّة استبرائها حَتَّى يُبَاح للْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا عِنْد مضيها قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا يَطَأهَا حَتَّى يمْضِي عَلَيْهَا مُدَّة لَو كَانَت حَامِلا لظهر آثَار الْحمل من انتفاخ الْبَطن وَغَيره وَذَلِكَ ثَلَاثَة أشهر وَمَا زَاد عَلَيْهِ
وَقَالَ مُحَمَّد أَولا بِأَنَّهُ لَا يَطَأهَا حَتَّى يمْضِي عَلَيْهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام
وَقَالَ زفر لَا يَطَأهَا حَتَّى تمْضِي سنتَانِ
ثمَّ مَا لم تمض مُدَّة الِاسْتِبْرَاء لَا يحل للْمَالِك أَن يَطَأهَا وَأَن يقبلهَا ويمسها لشَهْوَة وَأَن ينظر إِلَى عورتها بِالنَّصِّ الَّذِي روينَا
وبالمعنى الَّذِي ذكرنَا من صِيَانة المَاء وَسَوَاء وَطئهَا أَو لَا أَو كَانَ بَائِعهَا مِمَّن لَا يَطَؤُهَا كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيّ لِأَن احْتِمَال الْوَطْء من غَيره قَائِم
ثمَّ إِنَّمَا يعْتَبر الِاسْتِبْرَاء بعد الْقَبْض حَتَّى لَو مَضَت مُدَّة الِاسْتِبْرَاء بعد البيع قبل الْقَبْض ثمَّ قبضهَا يجب الِاسْتِبْرَاء
هَذَا هُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب أَصْحَابنَا جَمِيعًا
وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يجْزِيه الِاسْتِبْرَاء قبل الْقَبْض
وَلَو اشْترى جَارِيَة حَامِلا فَوضعت الْحمل بعد الْقَبْض يُبَاح الْوَطْء لِأَن وضع الْحمل كَونه دَلِيلا على بَرَاءَة الرَّحِم فَوق الْقُرْء