تَعَالَى {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد}
وَلِهَذَا إِنَّه إِذا خرج من الْمَسْجِد نَاسِيا للاعتكاف يفْسد اعْتِكَافه فالنسيان لم يَجْعَل عذرا فِي بَاب الِاعْتِكَاف وَفِي بَاب الصَّوْم جعل عذرا بِالنَّصِّ الْخَاص
وَلَو جَامع فِيمَا دون الْفرج أَو قبل وَأنزل يفْسد اعْتِكَافه فَأَما إِذا لم ينزل فَلَا يفْسد اعْتِكَافه وَلَكِن يكون حَرَامًا لِأَن الْجِمَاع حرَام هَهُنَا بِالنَّصِّ فَيحرم بدواعيه وَفِي بَاب الصَّوْم الْإِفْطَار حرَام وَحرم الْجِمَاع لكَونه إفطارا وَذَلِكَ الْمَعْنى لم يُوجد فِي الدَّوَاعِي
وَلَو خرج الْمُعْتَكف إِلَى مَسْجِد آخر من غير عذر انْتقض اعْتِكَافه عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا لَا يبطل لما ذكرنَا أَن الْخُرُوج من غير عذر مُبْطل للاعتكاف عِنْده خلافًا لَهما
وَلَيْسَ للْمَرْأَة أَن تعتكف بِدُونِ إِذن زَوجهَا وَكَذَلِكَ العَبْد فَإِن أذن الزَّوْج لَهَا فِي الِاعْتِكَاف فاعتكفت لَيْسَ لَهُ أَن يرجع بِخِلَاف الْمولى لِأَن مَنَافِع العَبْد مَمْلُوكَة للْمولى وَإِنَّمَا أعارها من العَبْد فيمكنه الرُّجُوع والاسترداد بِخِلَاف الزَّوْجَة فَإِنَّهَا حرَّة لَكِنَّهَا أمرت بِخِدْمَة الزَّوْج فَمَتَى أذن فقد أسقط فِي حق نَفسه فَيظْهر حَقّهَا الْأَصْلِيّ فَمَا لم تمض الْمدَّة الَّتِي أذن لَهَا فِيهَا لَيْسَ لَهُ حق الرُّجُوع
وَلَو أوجب على نَفسه اعْتِكَافه لَيْلَة لَا يلْزمه لِأَنَّهَا لَيست بِوَقْت للصَّوْم
وَلَو أوجب اعْتِكَاف يَوْم يَصح وَلَا يلْزمه اعْتِكَاف يَوْم بليلة لِأَن الْيَوْم اعْتِكَاف يَوْم مَعَ ليلته
وَإِن أوجب على نَفسه اعْتِكَاف يَوْمَيْنِ أَو أَكثر تلْزمهُ الْأَيَّام وَمَا يقابلها من اللَّيَالِي لِأَن ذكر الْأَيَّام ذكر اللَّيَالِي وَكَذَلِكَ ذكر اللَّيَالِي ذكر الْأَيَّام قَالَ الله تَعَالَى {ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا رمزا} وَقَالَ فِي مَوضِع آخر {ثَلَاث لَيَال} اسْم لزمان مُقَدّر وَهُوَ وَقت الصَّوْم فَيجوز