وَإِذا كَانَ قتلا يجب فِيهِ الْقصاص يكون شَهِيدا لِأَن الْقصاص لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَة مَالِيَّة فَلَا ينْقض معنى الشَّهَادَة وَأما الْمَنْفَعَة الْمَالِيَّة فَتبْطل معنى الشَّهَادَة من وَجه
وَيَسْتَوِي فِيهِ الْقَتْل بِأَيّ آلَة كَانَ جارحة أَو غير جارحة لِأَن شُهَدَاء أحد قتل بَعضهم بِآلَة غير جارحة
ثمَّ إِنَّمَا لَا يغسل فِي هَذِه الْمَوَاضِع إِذا لم يكن الْمَقْتُول مرتثا أما إِذا كَانَ مرتثا فَإِنَّهُ يغسل
وَتَفْسِير الارتثاث مَا رُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ الَّذِي كَانَ يحمل على أَيدي النَّاس من المعركة قبل أَن يَمُوت أَو يَأْكُل أَو يشرب فِي مَكَانَهُ أَو يُوصي بِدِينِهِ أَو ببنيه طَال الْكَلَام أَو قل حَتَّى روى ابْن سَمَّاعَة وَإِن تكلم بِكَلِمَة وَرُوِيَ فِي رِوَايَة أُخْرَى إِن تكلم زِيَادَة على كلمة وَاحِدَة أَو يُصَلِّي أَو يمْضِي عَلَيْهِ وَقت صَلَاة وَهُوَ يعقل وَيقدر على أَدَاء الصَّلَاة بِالْإِيمَاءِ حَتَّى يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء بِالتّرْكِ أَو يبْقى حَيا يَوْمًا وَلَيْلَة فِي المعركة وَإِن كَانَ لَا يقدر على أَدَاء الصَّلَاة بعد أَن كَانَ عَاقِلا فَهُوَ مرتث وَإِن كَانَ حَيا أقل من يَوْم وَلَيْلَة وَهُوَ عَاقل أَو كَانَ مغمى عَلَيْهِ لَا يعقل فَلَيْسَ بمرتث وَإِن زَاد على يَوْم وَلَيْلَة
وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد مثل قَول أبي يُوسُف فِي جَمِيع ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ إِن عَاشَ فِي مَكَانَهُ يَوْمًا كَانَ مرتثا سَوَاء كَانَ عَاقِلا أَو لم يكن وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك فَلَيْسَ بمرتث وَكَذَلِكَ لم يَجْعَل الْوَصِيَّة ارتثاثا هَكَذَا رُوِيَ عَنهُ مُطلقًا سَوَاء كَانَت الْوَصِيَّة بِأُمُور الدُّنْيَا أَو الْآخِرَة قل أَو كثر
وَقَالَ فِي الزِّيَادَات إِن أوصى بِمثل وَصِيَّة سعد بن الرّبيع وَنَحْوهَا ثمَّ مَاتَ لم يغسل وَإِن كثر ذَلِك فِي كَلَامه حَتَّى طَال غسل
وَحَاصِل هَذَا أَنه إِذا صَار الْمَقْتُول بِحَال جرى عَلَيْهِ شَيْء من أَحْكَام الدُّنْيَا أَو وصل إِلَيْهِ شَيْء من مَنَافِع الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُوجب نُقْصَان شَهَادَته