فَأَما الْوَقْف على مَسْجِد بِعَيْنِه هَل يجوز اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ قَالَ بَعضهم على الْخلاف على قَول مُحَمَّد لَا يجوز لِأَن هَذَا لَا يتأبد عِنْده فَإِن الْمَسْجِد إِذا خرب وَاسْتغْنى النَّاس عَن الصَّلَاة فِيهِ يعود ملكا لصَاحبه إِن كَانَ حَيا وَيصير مِيرَاثا لوَرَثَة الْوَاقِف بعد وَفَاته
وعَلى قَول أبي يُوسُف يجوز لِأَن عِنْده لَا يصير مِيرَاثا بالخراب فَإِنَّهُ يبْقى مَسْجِدا أبدا
وَقَالَ أَبُو بكر الْأَعْمَش يَنْبَغِي أَن يجوز بالِاتِّفَاقِ
وَقَالَ أَبُو بكر الإسكاف يَنْبَغِي أَن لَا يجوز بالِاتِّفَاقِ
وَأما حكم الصَّدَقَة إِذا قَالَ دَاري هَذِه صَدَقَة فِي الْمَسَاكِين فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق إِن شَاءَ بِعَين الدَّار وَإِن شَاءَ بَاعهَا وَتصدق بِثمنِهَا على الْفُقَرَاء لِأَن الصَّدَقَة عِنْد الْإِطْلَاق تقع على تمْلِيك الرَّقَبَة دون التَّصَدُّق بِالسُّكْنَى وَالْغلَّة بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ دَاري هَذِه صَدَقَة مَوْقُوفَة على الْمَسَاكِين أَنه ينْصَرف عِنْد أبي حنيفَة إِلَى التَّصَدُّق بالغلة لوُجُود التعارف
وَلَو قَالَ جَمِيع مَا أملك فَهُوَ صَدَقَة فَإِنَّهُ ينْصَرف إِلَى أَمْوَال الزَّكَاة من السوائم وأموال التِّجَارَة والصامت دون الْعقار وَالرَّقِيق وَعَلِيهِ أَن يتَصَدَّق بِالْكُلِّ ويمسك نَفَقَة نَفسه وَعِيَاله
ثمَّ إِذا ملك مَالا يتَصَدَّق بِمثل مَا أنْفق من المَال الَّذِي نذر بالتصدق بِهِ