وذكر لي رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتاً في ليلِ ولا نهار؛ إلَّا في وظيفة من الاشتغال بالعلم، حتى في ذهابه في الطُّرق ومجيئه يشتغل في تكرار محفوظه، أو مطالعة، وأنه بقي على التحصيل على هذا الوجه نحو ستِّ سنين.
ثم إنَّه اشتغل بالتصنيف، والإشغال، والإفادة، والمناصحة للمسلمين ووُلاتهم، مع ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والعمل بدقائق الفقه، والاجتهاد على الخروج من خلاف العلماء وإنْ كان بعيداً، والمراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من الشوائب؛ يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة.
وكان محقِّقاً في علمه وفنونه، مُدقِّقاً في علمه وكلِّ شؤونه، حافظاً [15] لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عارفاً/ بأنواعه كلها؛ من صحيحه وسقيمه،