وإذا نُظِر في قولهم؛ وُجِد كذباً على الله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3 - 4] (?).

ومن أعجب الأشياء قولُهم: هذا كذب له! وهذا جهلٌ منهم بلسانِ العرب وخطاب الشرع، فإن كل ذلك عندهم كذب عليه.

وأما الحديث الذي تعلَّقوا به؛ فأجاب العلماء عنه بأجوبة:

أحسنُها وأخصرُها: أن قولَه: "ليضلَّ الناس"؛ زيادة باطلة، اتفق الحفاظ على إبطالها، وأنها لا تُعرف صحيحة بحال.

الثاني: جواب أبي جعفر الطحاوي: أنها لو صحت؛ لكانت للتأكيد؛ كقول الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ليضل الناس} [الكهف: 15] (?).

الثالث: أن اللام في "ليضلّ" ليست لام التعليل، بل هي لام الصيرورة والعاقبة، معناه: أن عاقبة كذبه ومصيره إلى الإضلال به؛ كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا (8)} [القصص: 8] (?).

ونظائره في القرآن وكلام العرب أكثر من أن يحصر، وعلى هذا يكون معناه: فقد يصير أمر كذبه إضلالًا.

وعلى الجملة: مذهبهم أركُّ من أن يُعتنى بإيراده، وأبعد من أن يُهْتَمَّ بإبعاده، وأفسد من أن يُحتاجَ إلى إفساده، والله أعلم.

الرابعة: يحرمُ رواية الحديث الموضوع على عرف كونه موضوعاً، أو غلب على ظنه وضعه، فمَن روى حديثاً -علم أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015