...
فصل
قال العراقي: "إنكم تكَفِّرون بالحلف بغير الله، ويُكَفِّر به السابقون من أهل بلدكم، وهو ليس بشرك ولا كفر، بل هو مكروه كراهة تنزيه، للأدلة على ذلك، ولأنه قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض أصحابه: "لا وأبيك"، ولأن الترمذي ترجم على هذه المسألة بالكراهة، وساق حديث ابن عمر: "من حلف بغير الله فقد أشرك"، وأن هذا يدل على الكراهة للترجمة، ولأنه ساق الرواية الأخرى عن ابن عمر "من حلف بغير الله فقد كفر". وقال بعدُ: هذا محمول على التغليظ والزجر، كالريا الذي فسر به قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} . الآية [الكهف:110] .
والجواب أن يقال: في هذا الكلام من الجهل والخلط ما يتنزه عنه العاقل فضلاً عن العالم، من ذلك أنه قال: الحلف بغير الله ليس بشرك ولا كفر. ثم ساق حديث ابن عمر: "من حلف بغير الله فقد أشرك" ثم قادته المقادير إلى أن نطق بالرواية الأخرى: "من حلف بغير الله فقد كفر" فقف وتأمل هذه العبر!! ثم استدل بأن الترمذي ترجم بالكراهة، وهو أول من يخالف الترمذي في أكثر ما في سننه، مع أنه لم يفهم كلام الترمذي، ولا حام حول مراده.