وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} . [العنكبوت:65] .
وما زال أهل العلم يستدلون بالآيات التي فيها الأمر بدعاء الله، والنهي عن دعاء غيره، على المنع من مسألة المخلوق ودعائه، بما لا يقدر عليه إلا الله، وكتبهم مشحونة بذلك، لا سيما شيخ الإسلام، وتلميذه ابن القيم، اللذين1 يزعم هذا العراقي أنه على طريقتهما.
أيها المدَّعِي سُلَيْمى سفاهاً2 ... لستَ منها ولا قلامةَ ظُفْرِ
إنما أنتَ من سُلَيْمى3 كواوٍ ... ألحقت في الهجاء ظلماً بعَمْرِو
يوضح هذا أن ما لا يقدر عليه إلا الله4 من الأمور العامة الكلية لهداية القلوب, ومغفرة الذنوب, والنصر على الأعداء, وطلب الرزق من غير جهة معينة, والفوز بالجنة, والإنقاذ من النار, ونحو ذلك غاية في القصد والإرادة، فسؤاله وطلبه غاية في السؤال والطلب، وفي ذلك من الذل وإظهار الفاقة والعبودية، ما لا ينبغي أن يكون لمخلوق، أو يقصد به غير الله. وهذا أحد الوجوه في الفرق بين دعاء المخلوق فيما يقدر عليه من الأسباب العادية الجزئية، وبين ما تقدم، مع أن سؤال المخلوق قد يحرم مطلقاً.