ويراد بالعابد من يطلب ذلك بامتثال الأمر، وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال، وسمي الذكر دعاء لما فيه من التعريض بالمسألة.
قال: وهذه الصيغة صيغة الطلب والاستدعاء إذا كانت مما لا1 يحتاج إليه الطالب، أو ممن يقدر على قهر المطلوب منه ونحو ذلك، فإنها تقال على وجه الأمر، إما لما في ذلك من حاجة الطالب، وإما لما فيه من نفع المطلوب منه. وأما إذا كانت من الفقير من كل وجه، للغني من كل وجه، فإنها سؤال محض بتذلل وافتقار. انتهى.
قلت: وقد نص على ما ذكره الشيخ من الفرق علماء المعاني صاحب "المفتاح" وغيره. وفرقوا في الصيغة الواحدة نظراً للمخاطب والمخاطِب –بكسر الطاء- فقالوا: هي من الأعلى أمر، ومن المساوي التماس، ومن دونه مسألة وطلب.
وقد فسر قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} . [الأعراف:55] بدعاء المسألة، قاله العلامة ابن القيم، وقرر2 أنه في هذه الآية أظهر. وذكر أن استعمال الدعاء في العبادة والمسألة من استعمال اللفظ في حقيقته الواحدة، ليس من المشترك، ولا المتواطئ، ولا المجاز.
وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} . [الإسراء:67] ظاهر في دعاء المسألة لمناسبة الحال والواقع.
و3في حديث عكرمة بن أبي جهل لما فرَّ يوم الفتح إلى السِّيْف، وركب البحر، جاءتهم ريح عاصف، وظنوا الهلكة، أخلصوا الدعاء لله،