القيام له عند نهوضه فأقسم عليه برأس الخليفة أن لا يفعل، وسار إلى الرقة.
وأما نصر القشوري الحاجب فإن ابن الفرات لما فرغ من إخراج مؤنس وإبعاده عن الحضرة عدل إلى أمره، وكثر على المقتدر بالله الأموال في جنبه، وأعلمه عظم ضياعه وارتفاعه ومرافقه ومنافعه وما يصل إليه من أعمال المعاون المرسومة بولايته، فأجابه إلى القبض عليه، وتسليمه إليه دون شفيع المقتدري وقد كان القول منه فيهما جميعاً. وعرف نصر ما جرى في بابه، فلجأ إلى السيدة، ومضى في بعض أيام نوبته إلى منزله واستتر، وكلمت السيدة المقتدر بالله في أمره وقالت له: قد أبعد ابن الفرات مؤنساً وهو سيفك، ويريد أن ينكب نصراً وهو حاجبك، ليمكن من مجازاتك على ما فعلته من إزالة نعمته وهتك حريمه. فيا ليت شعري من يكون عونك عليه مع ما قد ظهر من شره وشر المحسن ابنه وأخذهما الأموال وقتلهما النفوس؟ فوعدها بالدفع عن نصر، وراسلت السيدة نصراً بالظهور والحضور، فأمن وأنس، وعاد إلى خدمته. واستأنف التذلل لابن الفرات وابنه. وما ترك ابن الفرات الوقيعة فيه، والإغراء به حتى قال للمقتدر بالله: ما ضيع عليك الأموال التي أنفقتها على محاربة ابن أبي الساج غيره، لأنه عاداه وأوحشه من أجل غلام له كان يتولى أعمال أرمينية، فصرفه ابن أبي الساج، فأفسد رأيك يه حتى جرى ما جرى.
فلما كان في بعض أيام حضر صاحب لأبي طاهر محمد بن عبد الصمد