وأما علي بن الحسن الباذبيني، وكان رجلاً متسلما، وتقلد ديوان الضياع المقبوضة في أيام علي بن عيسى، فقبض عليه المحسن وصادره على أحد عشر ألف دينار. وأعاد المكروه عليه فبلح في يديه، وأيس من حصول شيء منه. وأخرجه إلى الموصل فلم يزل مقيماً بها إلى أن وزر أبو القاسم عبد الله بن محمد الخاقاني.

وأما أبو المنذر النعمان بن عبد الله فقد كان تاب من خدمة السلطان، ولبس الخف والطيلسان، وحضر مجالس الوزراء بهما كان تحضر مشايخ الكتاب إلا أنه كان متحققاً بحامد بن العباس وعلي بن عيسى ونصر الحاجب. فلما تقلد ابن الفرات الوزارة في هذا الوقت لم يجد عليه متعلقاً ولا متسلقاً، وكان يحضر مجلسه فيكرمه، وخاف النعمان على نفسه منه لما كان يشاهده من المحسن وإقدامه على ما يقدم عليه فلازم نصراً الحاجب وثمل القهرمانة، وكان يروح إليهما في أكثر العشيات ويقيم عندهما إلى أن تمضي قطعة من الليل. فاتفق أن خرج في بعض الليالي من دار ثمل القهرمانة ومعه إبراهيم حاجبه فرآه أحد أصحاب الأخبار الذين لابن الفرات، فكتب إليه بخبره، وبأنه سمعه يقول لبعض العمال المعطلين وقد لقيه في طريقه: ما عندك من الأخبار؟ فقال: كثرة الأراجيف بابن الفرات. فقال له النعمان: على أن يكون الوزير من؟ قال: أنت أو محمد بن علي المادرائي أو عبد الله بن محمد الخاقاني، والأقوى في الظنون أنت. فقال له: ومن لهم بأن أساعدهم على ذلك. فلما قرأ ابن الفرات هذا الفصل سلمه إلى المحسن، وأمره بإحضار النعمان وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015