ابن الحواري فأقبل عليه وشاوره في ما كان يخاطب عليه، وقال له: قد غبت عن مجاري الأمور منذ خمس سنين وأنت عارف بما كان علي بن عيسى قرر عليه أمر الحاشية، وأريد أن تنبهني وترشدني وتعاونني وتعاضدني، وتستعمل في ذلك ما تقتضيه المودة. فقال له: السمع والطاعة. ووعده بالإخلاص في المناصحة، وفاوضه ابن الفرات حديثاً طويلاً ونهض قبل أن يستتمه، ونزل إلى طياره ونزل ابن الحواري معه وأحمد بن نصر البازيار ابن أخيه، ومحمد بن عيسى صهره، وعلي بن مأمون الإسكافي كاتبه، وعلي بن خلف أخو محمد بن خلف صهره، فأكرم جماعتهم وأخذ يحادثهم ويضاحكهم إلى أن صعد من طياره إلى داره، ووصل إلى بعض الأروقة ثم أسر إلى العباس الفرغاني حاجبه سراً أمره فيه بالقبض عليهم ففعل، واعتقلهم في بعض الحجر، واستدعى شفيعاً اللؤلؤي، وأنفذه إلى دار ابن الحواري وأمره بحفظها وحراستها، وأنفذ إلى إصطبلاته بمن قاد دوابه وبغاله وساق جماله إلى إصطبلات السلطان، ونقل فاخر ثيابه وفرشه وآلاته إلى الخزائن، ووصي ابن الفرات قهرمان داره بإحسان مراعاة ابن الحواري في مأكوله ومشروبه. ثم راسله مع عبد الله بن جبير وغيره في تقرير أمره، وواقفه على أعمال عملت له قبل القبض عليه، فسأل أن يوسط بينه وبين أبا بكر بن قرابة، وكان ابن قرابة متحققاً بابن الفرات في هذا الوقت وبابن الحواري من قبل، فوسطه ذلك، وتقرر مصادرة ابن الحواري خاصةً من دون كتابه وأسبابه على سبعمائة ألف دينار، يعجل منها مائتين وخمسين ألف دينار ويحتسب له عن ثمن المأخوذ منه بخمسين